اعتبرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن وضع القطاع المصرفي الأميركي "بصدد الاستقرار" بعد إفلاس مصرفي سيليكون فالي وسيغنتشر بنك الذي زعزع القطاع على المستوى العالمي، في حين يسعى مسؤولون لتهدئة المخاوف العالمية.

وسجّلت البورصات ارتفاعا بعد تراجع المخاوف من أزمة مالية على خلفية جهود منسّقة للاحتياطي الفيدرالي(البنك المركزي الأميركي) ومصارف مركزية كبرى لإتاحة مزيد من السيولة للمصارف.

وتسبب الانهيار بأزمة ثقة، إذ عمد مودعون كثر إلى سحب أموالهم من مصارف مماثلة لإيداعها في مؤسسات مالية أكبر حيث يعتبر أقل احتمالا عدم تقديم السلطات الحكومية برامج إنقاذ من الإفلاس.

وقالت يلين، أمام مؤتمر جمعية المصرفيين الأميركيين في واشنطن: "استقرت السحوبات من المصارف الاقليمية" بعد خطوات اتّخذتها السلطات لتعزيز الثقة وكبح العدوى.

واضافت: "كان تدخلنا ضروريا لحماية كل النظام المصرفي الأميركي"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة "لاتخاذ خطوات مماثلة في حال تعرضت مؤسسات صغيرة لموجة سحب تشكل خطر عدوى".
 
من جهته، أكد رئيس رابطة المصرفيين الأميركيين روب نيكولز ان القطاع المصرفي يبقى قويا في الوقت الراهن رغم الاحداث الأخيرة.

وقال إن "القطاع المصرفي عموما يبقى قويا وصلبا ويتمتع برأس مال متين وسيولة ويخدم الزبائن والمجتمعات بشكل جيد جدا"، لافتا الى ان السلطات قامت بتحرك سريع لتفادي اتساع الضرر.

وشدد على أن المصرفين اللذين أفلسا "لا يشكّلان عيّنة" من آلاف المصارف العاملة في الولايات المتحدة.

وقال: "كانت هناك مجموعة معيّنة وغير عادية من العوامل في كل من هذه الإخفاقات المتعلقة بمحافظهم، وتركيز العملاء وإدارة المخاطر في خضم رفع معدلات الفائدة".

وكانت السلطات الأميركية أعلنت عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات في ما يتعلق بمتانة النظام المصرفي الأميركي ووعدت خصوصا بان زبائن بنك سيليكون فالي وسيغنتشر بنك سيتمكنون من سحب جميع ودائعهم.

وكان الاحتياطي الفيدرالي أعلن من جهته انه أقرض حوالى 12 مليار دولار للبنوك الأميركية خلال أيام، في إطار اجراءات اتخذها في 12 آذار تهدف الى السماح لها بتلبية سحوبات زبائنها.

وقام أيضا عبر برنامجه المعتاد للقروض قصيرة المدى باقراض 152 مليار دولار للمصارف خلال الاسبوع الماضي مقابل بالكاد خمسة مليارات في الاسبوع الذي سبقه و142,8 مليار دولار لكيانين أسستهما هيئات ناظمة أميركية ليخلفا بنك سيليكون فالي وسيغنتشر بنك.

وقالت يلين: "أعتقد أن خطواتنا قلّصت مخاطر انهيار مزيد من المصارف".

وشددت على أن "التطورات الأخيرة مختلفة جدا عن تلك التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية".

وأكدت أن حينها "تعرّضت مؤسسات مالية عدة لضغوط شديدة بسبب حيازتها أصول الرهن العقاري. لا نرى تلك الوضعية في النظام المصرفي اليوم".

وأكدت أن النظام المصرفي الأميركي حاليا سليم، لكنها شدّدت على وجوب أن تجري السلطات مراجعة للقواعد التنظيمية الحالية.

وتسود مخاوف من استمرار عدوى انهيار المصارف، إذ أعلن 11 مصرفا الأسبوع الماضي إيداع 30 مليار دولار في مصرف فيرست ريبابليك الذي يتخوّف كثر على مصيره.

ومصير بنك فيرست ريباليك على المحك خصوصا بعدما تدهورت هذا الأسبوع القيمة السوقية لهذا المصرف الذي يخدم العملاء ذوي الملاءة المالية العالية بشكل أساسي، بنسبة 80 بالمئة وسط مخاوف من عدوى الانهيار. ويحتل البنك المرتبة 14 بين أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول.

حاليا في الولايات المتحدة، تتم حماية الودائع من قبل الهيئة الناظمة للمصارف، المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع (FDIC)، حتى مبلغ 250 ألف دولار.

وقد طلب ائتلاف يضم بنوكا أميركية متوسطة الحجم من الهيئة الناظمة الفيدرالية للمصارف ضمان جميع ودائع عملائهم لمدة عامين، حتى لمبالغ تفوق الحد البالغ 250 ألف دولار، لتفادي انتقال عدوى إفلاس بنك سيليكون فالي، على ما قالت وكالة بلومبرغ السبت.

وتسعى السلطات المالية إلى تهدئة المخاوف في حين يتخوّف مراقبون من انتقال العدوى إلى أوروبا، لا سيما في خضم الضغوط التي يرزح تحت وطأتها مصرف "كريدي سويس" الذي وافق منافسه "يو بي اس" على الاستحواذ عليه في صفقة برعاية الحكومة بعد اضطرابات سادت الأسواق مدى أيام.

وعلى الرغم من تسجيل البورصات الأميركية ارتفاعا، يقول محلّلون إن مخاوف المستثمرين لم تتبدد.

وشددت يلين في خطابها على أن الخزانة الأميركية ملتزمة الحفاظ على "سلامة وتنفاسية" القطاع المصرفي والمؤسسات المصرفية الإقليمية.

وأشارت إلى أن المصارف الأصغر حجما تعزز التنافس في القطاع ولديها معرفة تخصصية في القطاعات التي تستثمر فيها.

وشدّدت على أن النظام المصرفي السليم "جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الأميركي السليم"، مؤكدة أن السلطات ستبقى "متيقظة".