شأن الملف البيئي في لبنان شأن سائر الملفات، يسوده المآرب والشجع والاهمال حكومةً وشعباً، حيث لا تقدير حقيقي للثروة البيئية التي يتمتّع بها ولا خوف على مستقبل بيئي معرّض لخطر الانهيار. يمكن لشراهة الطامعين ان تجرّد لبنان من "أرزته" الخضراء تماماً كما جرّدته من ألوان الفرح، فهل المطلوب أن نتسمّر صامتين أمام تهديدٍ صارخ لثرواتنا؟

آخر مظاهر التهديد البيئي في لبنان
 
قد يبدو الأمرُ مستغرباً، ففي الوقت الذي يغرق به لبنان في أزماته المتشعبة ويحاول المواطنون انقاذ ما تبقّى منه، ينكبّ آخرون على تحقيق مصالحهم على حساب الوطن، حيث عمد بعض "المخالفين" الى البدء بأعمال رامية الى انشاء محطة وقود في غابة خندق الرهبان، المصنفة كاحدى أهم المواقع المتنوعة بيولوجياً من اصل بضعة مواقع أخرى في لبنان، وآخر موقع طبيعي في جبل لبنان، قريب على مدينة بيروت المكتظة بالسكان. 
 
"جمعية الأرض - لبنان" التي ناضلت منذ العام 1995 لتحويلها الى محميّة طبيعية، أشارت الى أن "الحفريات التي جرت على المدخل الغربي لغابة خندق الرهبان في 8 كانون الأول 2020، قضت بوقت قصير على عشرات الأشجار البريّة المعمّرة واقتلعت بوابة وسياجاً كانت قد وضعتهما الجمعيّة في العام 2009 كما دمّرت الطريق التي يسلكها الدفاع المدني عند اندلاع أي حريق للعمل على إخماده".
 
 
 
استنكار لافت من وزارة الزراعة
 
سارعت "جمعية الأرض - لبنان" الى تقديم شكوى الى المعنيين، بعد ان استطاع صاحب محطة الوقود السيد شادي السبع "تمرير" رخصة للمحطة رغم رفض وزارة البيئة، والتي طعنت بها الجمعية أمام مجلس شورى الدولة منذ سنة.
 
تجاوب وزير الزراعة عباس مرتضى سريعاً مع الملفّ، واعتبر رئيس "الحركة البيئية اللبنانية" بول أبي راشد، في حديث لموقعنا، ان موقف الوزير كان جريئاً وشجاعاً وبيئياً بامتياز، خصوصاً لجهة اتخاذه قرار السحب الفوري للرخصة، وتجميد الأعمال في الغابة.
 

 
"حجّة" واهنة !
 
أمام كلّ المعطيات والوثائق العلمية التي تُشيد بأهمية هذا الموقع البيئي، وتجعل منه "ارثاً" لا بدّ من المحافظة عليه للأجيال القادمة، تُشير المصادر الى أن السّبع يحاول مواجهة البيئيين بحجة واهنة لا أساس لها من الصحّة، وذلك عبر اتهامهم أمام الوزير مرتضى بإطلاق حملة سياسية ضدّه! 
 
يبدو ان توجيه الاتهامات الباطلة هو أقصى ما يملكه صاحب المحطة أمام المسؤولين، فلا أهداف نبيلة ولا غايات ايجابية بحوزته أمام الكمّ الهائل من الأضرار التي ستنتج عن انشاء المحطة. ففضلاً عن الخطر الذي ستنتجه على الصعيد البيئي من تعريض الغابة للحرائق، وتهديد التنوع البيئي، يشير أبي راشد الى أن انشائها سوف يشكل خطراً على السلامة العامة أيضاً حيث سيأتي المدخل عند "كوع" خطر قد ينتج عنه حوادث سير مميتة. اضافة الى كونها متنفّس للمواطنين في ظلّ التقلص الهائل للمساحات الخضراء وارتفاع نسبة التلوّث.
 

معاً لاعلانها محميّة طبيعية
 
في هذا السياق، يدعو أبي راشد جميع اللبنانيين الى توقيع العريضة المطالبة بإعلان الغابة محميّة طبيعية وتسهيل استملاكها أو استئجارها من قبل البلديّات والمجتمعات المحليّة، نظراً لمميّزاتها وحاجتنا الملحة لها، خصوصاً مع التغيّر المناخي الذي بات يهدّد كوكب الأرض.
 
آملين أن تشكّل رسالة ابي راشد الى جانب كلّ الحريصين على ثروات لبنان، سلاحاً قوياً لمواجهة كلّ الانتهازيين الذين تحرّكهم أطماعهم العمياء ومآربهم الشخصية، لا مصلحة بلدهم الذي يقف على شفير الهاوية.
 
اعداد: الصحافية كلارا نبعه