في صبيحة اليوم ال893 على بدء ثورة الكرامة.

لا نهاية للوجع، وما من شيء يبلسم الجروح الغائرة إلاّ قلب منظومة الفساد والقتل والإجرام المتسلطة بحماية بندقية لا شرعية. في اليوم ال600 على جريمة تفجير المرفأ تغلبت الجروح والأوجاع على ريتا حرديني فانضمت إلى ضحايا الإبادة الجماعية لجريمة تفجير بيروت! وقبلها بيوم واحد قتلت الإصابات جوليا عودة! ويستمر الممسكون بالقرار في عرقلة التحقيق العدلي، ومنع القرار الإتهامي، في جريمة إبادة جماعية كان ينبغي أن تسقط كل الطبقة السياسية بغض النظر عن "المقامات" و"المواقع"!

عميق الوجع ولن تندمل الجروح، فيما "النفايات السياسية" تندفع إلى إعادة تدوير المتهمين بالجناية الفارين من وجه العدالة، فيتم ترشيحهم مجدداً للنيابة وإلى جانبهم من فُرضت عليهم العقوبات الدولية نتيجة ثبوت فسادهم وتغطية إستباحة الدويلة للمال العام، إلى عملاء العدو وأتباع النظام السوري ونظام الولي الفقيه! وكل ذلك في تحدٍ غير مسبوق لمئات ألوف اللبنانيين الذين يطالبون بالحقيقة والعدالة، ليس للضحايا فلن يعودوا، بل للبلد حتى لا يستمر الإستسهال في إرتكاب الجرائم في ظلّ"قانون الإفلات من العقاب"! والأمل كبير أن الناس لن تفقد البوصلة في ممارسة التصويت العقابي لبدء مرحلة المساءلة والمحاسبة!

والجرح كبير، فيما كانت أنصار تودع ضحاياها: 4 زهرات ويلفها الوجع والأسئلة، فأدت صورة التشييع إلى مفاقمة الوجع، عندما أبرزت غياب النساء كلية عن المشهد والمقتولات 4 نساء! شيء لا يمكن أن يصدقه عقل! إنه ظلم بحجم الجريمة يرافق المقتولات غيلة وغدرا إلى القبر! لكن رغم الوجع والأسى والإستهداف من بلدة أنصار إلى آخر مكان في لبنان، الكل مطالب بإبقاء القضية تحت الضوء لجلاء الأسباب وكشف الأسرار وفرض معاقبة المرتكبين!

إلى جوليا، وريتا، وباسمة ومنال وتالا وريما وقبلهن كثيرات، بعد "17 تشرين" ستكبر بقعة الضوء، وستجرف هذه النفايات وتضع حداً لتقاليد صنّعها متسلطون لتأبيد تحكمهم، وستطال المساءلة والمحاسبة "الكبير" حتى يطوى زمن الإفلات من العقاب!

2- "الكابيتال كونترول" في نسخة معدلة أمام اللجان مع إستعجال إقراره والداعي للصيغة التي تدمر الإقتصاد وتشطب الودائع، حماية الكارتل المصرفي من الملاحقة القضائية! وما حدن يخبرنا أن المشروع يندرج في أي سياقٍ آخر بعد تأخر نحو 30 شهراً! والطريف أن التعديلات تولي سلامة، أو بديله لاحقاً، الحق المطلق بتحريك الدعاوى لأنها تفترض موافقة مسبقة من المجلس المركزي لمصرف لبنان، وأنه لا يجوز إتخاذ صفة الإدعاء الشخصي وأن محاكم بيروت وحدها صاحبة الإختصاص القضائي!

أبرز أخطار المشروع يكمن في اللجنة الخاصة، وهي بيد الحاكم والمصرفيين! هي القانون والقانون هو "اللجنة" وفق توصيف د. سابين الكك فهي "تقرر وتحدد وتحظر وتعاقب وتعفي وتلغي وتحيل إلى القضاء وتراقب وتعدل وتمدد وتسعر العملات وتأمر المركزي بإصدار التعاميم"! وجاء في النص أنها المسؤولة عن "إصدار التنظيمات التطبيقية المتعلقة بهذا القانون،..بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري ولعمليات القطع وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية من عائدات الصادرات وغيرها من التدابير المتعلقة بسعر الصرف للعملات الأجنبية"!!! والجديد أنهم عدّلوا مهمة اللجنة فمن 5 سنوات كانت في أول مسودة إلى 3 سنوات لكن القرار باستمرارها يبقى بيد مجلس الوزراء فقد يمدد لها إلى ما شاء الكارتل المصرفي!

3- هناك ما يوحي ببدء مرحلة إعادة تشكيل المنطقة! الإجتماع الوزاري في النقب، حدث لافت في منعطف مصيري، تستضيفه إسرائيل ويضم إلى جانب وزير خارجية أميركا ووزراء خارجية مصر والمغرب والإمارات والبحرين! كان قد قد سبقه إجتماع العقبة الذي ضم الأردن ومصر والإمارات والعراق. والأكيد أن العرب بين عنوانين الإتفاق النووي الغربي مع إيران، ودور إيران في المنطقة وزعزعتها الأمن والإستقرار. التخريب الإيراني لا يتم بالسلاح النووي، بل بغض النظر الأميركي والغربي عن السلاح الباليستي، وتمويل الميليشيات التي تحولت إلى جيوش بديلة هي أداة التوسع والهيمنة لملالي طهران.. والأكيد أن الموقف العربي لا يتماثل مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي فكلاهما يركزان على النووي وإن بتفاوت .. والأكيد أن إمدادات الطاقة عنوان أميركي إرتباطاً بالحرب الطاحنة في أوكرانيا!

4- في اليوم ال32 على المقتلة الروسية في أوكرانيا الناجمة عن الغزو الإجرامي، كما رهانات قاتلة حولت أوكرانيا إلى ساحة مواجهة روسية أميركية، تواصل واشنطن إستدراك زلات لسان الرئيس بايدن:" لا نريد إسقاط بوتين"، لكن المواقف أربكت جهود واشنطن وأحرجت حلفاء أميركا، فأعلن المستشار الألماني شولتز أن "حلف الناتو لا يسعى لتغيير النظام في روسيا". وفيما يعلن الرئيس زيلنسكي أن قضية "حياد" أوكرانيا تتم دراستها بعمق، إتهمت كييف موسكو بأنها تسعى لتقسيم أوكرانيا إنطلاقاً من إعلان الكرملين أن الغزاة سيحكمون السيطرة على مناطق الشرق كالدون كاملة مع الجنوب، وواقعيا بات "الأزوف" بحيرة روسية والتقدم باتجاه أوديسا لم يتوقف!

تداعيات الحرب مخيفة على أوكرانيا وكل عمرانها ونسيجها البشري، ومحبطة للروس وهم عشية العودة إلى زمن الستار الحديدي، وتداعياتها كبيرة على العالم بأسره. وما أن انتهت جولة بايدن حتى فاجأته إستطلاعات الرأي الأميركية. قال إستطلاع "آن بي سي نيوز" أن 80% من الأميركيين يخشون أن تؤدي هذه السياسات إلى حرب نووية، و74% قلقون من خطوة إرسال قوات إلى أوكرانيا وأن الثقة بالسياسات المتبعة تراجعت إلى 12%، والثقة بأداء الرئيس الأميركي تراجعت إلى 40% من 43% قبل ذلك!

وبيروت تتضامن مع الشعب الأوكرني في تظاهرة إحتضنتها ساحة الشهداء رفعت علم أوكرانيا، ودعمت حقوق الأوكرانيين.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح