أقام قسم الحكومة والمجتمع في جامعة الامارات العربية المتحدة ندوةً عبر تطبيق zoom مع الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان لتقدم محاضرة ثقافية بعنوان " ماذا بعد القراءة؟"، وذلك للتعرف على تجربة سموّها في نشر المعرفة وترسيخ الثقافة المحلية.
استهلّت الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان المحاضرة بالترحيب بالحضور والشكر لجامعة الامارات على دورها المعرفي والعلميّ في تاريخ دولة الامارات العربية المتحدة.
بكلّ شغف، انطلقت سمو الدكتورة بطرح تساؤل : "هل القراءة هدف بحدّ ذاتها أم وسيلة؟"، لتؤكّد أن القراءة لم تكن يوماً هدفاً بحدّ ذاتها، بل الطريق والوسيلة لانتقال المعرفة وتبادل العقول لإنتاجها الفكري، هي جسر نعبر عليه نحو المعرفة التي تُساهم في بناء العقول وتفتح مداركها على الحياة والكون، معتبرةً أن الانسان القارئ يمنح نفسه القدرة على طرح الأسئلة وبناء الاستنتاجات وتكوين الرؤية الذاتية لكلّ سؤال طرحه العقل.

وايماناً منها بأهمية القراءة، تُشير الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان الى أنّه حين نعيش تجارب الآخرين تزداد خبرتنا وقدرتنا على الاجابة على الأسئلة التي نواجهها في حياتنا، فنكون عناصر فاعلة وناجحة في المجتمع، ونساهم بايجابية في بناء الحضارة الاماراتية.
في المحور الأول من المحاضرة، تناولت الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان "دور القراءة في التغيير"، اذ تُؤكّد أن القراءة هي الطريق للوصول الى المعرفة الاساسية التي تساعدنا على أن نمارس حياتنا، وقدّمت مثالاً غاية في الوضوح : "حين تشتري جهازاً الكترونياً أو كهربائياً جديداً لم تستخدمه من قبل، وتذهب الى المنزل متحمّساً، ما هي الخطوة الاولى التي ستقوم بها بعد اخراج الجهاز من العلبة؟ بالتأكيد ستبحث عن الكُتيّب الخاص به لتدرك كيفية استخدامه، وهنا أنت تمارس القراءة من أجل المعرفة التي ستمكّنك من استخدامه".

وفي هذا الاطار، أضاءت الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان على تجربتها الخاصّة مع القراءة، فأشارت الى أنها تعلّمت حبّ القراءة من والدها - المغفور له بإذن الله تعالى – الشيخ محمد بن خالد آل نهيان – الذي "بدا دائماً حريصاً على أن يقرأ" تحفيزاً منه للمواظبة على القراءة، حتى أصبحت عادة يومية في حياتها ساعدتها في تكوين شخصيتها ورفع الوعي المعرفي والفكري.
تنتقل سموّ الدكتورة الى المحور الثاني : "قليل من الوقت كثير من المعرفة"، في محاولة منها لنقل عادة القراءة الى الطلاب، فتقول: "العنصر الاهم هي أن تكون القراءة جزء من يومنا وأن نحوّلها الى عادة يومية تؤدي الى تراكم معرفي وثقافي".
الى ذلك، تطرح مسألة الوقت الطويل الذي يقضيه الناس على منصات التواصل الاجتماعي، لتقترح تخصيص ستة دقائق فقط يومياً للقراءة وتدعو الحضور الى تطبيق هذه التجربة، ما لها من انعكاسات ايجابية على السلوك والذهن والصحة النفسية وحجم المعارف.
"ماذا بعد القراءة؟"، انّه السؤال المركزي الذي تطرحه الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان في المحور الأخير، متجاوزةً فيه الأساليب التقليدية لطرح مسألة القراءة، فتقول: "ما بعد القراءة" هو انتاج الأفكار والابتكار والابداع والاضافة وتطوير النفس كما تطوير المجتمع، و"كلّ كتاب نقرأه هو كالجسر نعبر به للضفة الأخرى من النهر".
واذ تؤكّد سموّ الشيخة أن للقراءة قدرة على تغيير الانسان، منطلقةً من مثلٍ لطلاب عاشوا ظروفاً صعبة استطاعت القراءة أن تغيّر من سلوكهم وحثّتهم على أن يستكملوا تعليمهم ويحقّقوا نجاحات واسعة في حياتهم.
وأوصت في الختام بالابتعاد عن "القراءة السطحية" التي تهدف الى تخزين المعلومات والمعارف تباهياً أمام الآخرين، دون ان يكون للعقل دور في معالجة تلك المعارف.
من عمق تجربتها، استطاعت الدكتورة الشيخة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان أن تنقل الحضور الى عالم مُختلف هو عالم "القراءة" حيث يمكن للفرد أن يستقي منه حبّ الحياة والأمل بغد أفضل. فأتت عبارتها لتختصر الكثير : "القراءة مثل الماء، فهو بلا لون ولا طعم ولا رائحة، لكن هو سرّ الحياة لما يقدّمه من أثر، كذلك هي القراءة".




