في صبيحة اليوم 897 على بدء ثورة الكرامة.

"أنا هلق عم هبط البناية وإنتوا من بعدي عمروا"! هذه العبارة التي أطلقها ميشال عون أمس، هي تعبير حقيقي عن مآثر العهد، لم يعمر ولم ينجز شيء، بل ارتهن البلد مقابل الوصول إلى كرسي الحكم، فأرسل اللبنانيين إلى الجحيم، ضارباً عرض الحائط مصالح البلاد وحقوقها!

على مسافة أشهر من نهاية الولاية قال أنه مصر"على محاسبة كل فاسد" قبل نهاية العهد(..) واعتبر أن "مسؤولية إعادة النهوض بالبلاد تقع على عاتق من سيخلفني"! وذهب الحديث إلى "التدقيق الجنائي" وسواه، إنه الإمعان في سياسات الإنكار والإنفصام والتغطية على تبعات سياسية يتحملها العهد المسؤول عن وصول البلد إلى هذا الدرك من الإنهيار.

في سياق الحملة على رياض سلامة أورد أنه "لا يجوز دعم الدولة بالدين"، فتجاهل الأساسيات. منها من جدد لميشال سلامة وبإجماع نظام المحاصصة وما كان الثمن لتجديد تم إثر الهندسات المالية الشهيرة التي عجلت الإنهيار؟ ومنها تجاهل أن أكثر من 48 مليار دولار بددها باسيل ووزراء العتمة على الكهرباء فأوصلوا البلد إلى العتمة! وتعامى عن مسؤوليته الشخصية والسياسية في تغطية ممارسات حزب الله الذي إختطف الدولة وعزل البلد، بعدما وضع الإقتصاد الموازي اليد على جزء كبير من العائدات العامة! لكن والرئيس يتحدث عن إصلاح القضاء لم يلفته أحد أن التشكيلات القضائية أكلها الغبار في أدراجه بعد إحتجازها خلافاً للقوانين والدستور..لكنه أراد توظيف هذه الطروحات في سياق المعركة الإنتخابية، فبدا الحديث بمثابة الترويج لفريقه المحاصر شعبياً والمرتهن لتحالف مع حزب الله والثنائي المذهبي وما زال يعمل من أجل التوريث ولا يسقط من الإعتبار إعتزامه البقاء في بعبدا لو فشل المخطط الآخر!

2- الأكيد رياض سلامة الذي تم إرجاء إستجوابه إلى حزيران، أي ما بعد الإنتخابات، حصل الأمر بتسوية ما وهذا ما سيتأكد في القريب، وكل تسوياتهم صفقات، فقد كان يجب أن يكون منذ زمن أمام قضاء حقيقي، أقله مواكبة للتحقيقات الجارية في أوروبا والتي حجزت اموالاً وعقارات عائدة له ولشركائه، وتلاحقه بتهم غسل الأموال والإثراء غير المشروع..لكن مع المشروع المدمر ل"الكابيتال كزنترول" الذي أقره مجلس الوزراء بإجماع المتحاصصين الطائفيين المتسلطين يشير إلى دور جديد لسلامة ولو لبعض الوقت من خلال لجنة الإستبداد اللادستورية ومن خلال مخطط قوننة الفساد بمنع اللبنانيين وليس المودعين السابقين وحسب بالذهاب إلى القضاء لاستعادة حقوقهم.. وحتى يكتمل الهزل في الموقع الأهم الذي يراهن عليه المواطن لإنصافه، وضع القاضي منصور كفالة على رجا سلامة بلغت 20 مليون دولار لإخلائه!

3- إلى الإنتخابات در. في البداية لا بد من القول أن حزب الله له حضوره وقوته..لكن "توافقات" المنظومة معه، وسياسات "ربط النزاع" والتعامي عن أدائه وتغطية إختطافه الدولة، مقابل محاصصة وسلبطة على المال العام والخاص، هي العناصر التي ضاعفت قوته. واليوم في الإنتخابات حلفاء مخطط هيمنة حزب الله باتوا كثراً! مثلاً قرار الحريري والممارسات الجماعة المستقبلية طاغية على ما عداها وهي تمنح حزب الله مساحات يعمل لإشغالها بواجهات معروفة!

لكن الأمر الشديد الخطورة يكمن في ظاهرة فجور متسلقين ركبوا ثورة "17 تشرين"، ويمعنون في العمل لتشتيت قوى التغيير! ما يخدم قوى التسلط وحزبها! "الأنا" المضخمة تفوق كل شيء، زرازير اعتقدت أنها شواهينا، تتلاعب بفرصة تقدم قوى التغيير بقوائم مقنعة خصوصاً في الجنوب وبيروت وعكار وبعبدا والشوف وعاليه وغيرها، قوائم يمكن لها إن أعلنت أن تحفز على تصويت عقابي، وتستثمر بقوة في الإجرام الممارس ضد اللبنانيين:

- ضحيتان سقطتا بالأمس القريب من جرحى جريمة 4 آب أساساً لفقدان الدواء والعلاج الكامل.. وقبلهما يقتل مرضى السرطان في البيوت نتيجة العجز عن الحصول على الدواء، وفي الأسابيع القليلة الماضية قتل 5 سجناء، آخرهم سقط في سجن رومية وهو ينتظر تأمين 7500 دولار فريش لإجراء عملية قلب مفتوح!

- أكثر من 80% من اللبنانيين باتوا فقراء ونحو30 % من أطفال لبنان ينامون بدون عشاء.. وإلى إنهيار الإستشفاء ينتهي التعليم الرسمي الذي قدم للبنانيين الثروة الحقيقية. والأمثلة عديدة مقابل فجور المتسلطين الذين لا هم لهم إلاّ إعادة تدوير فارين من وجه العدالة ومهربين موصوفين وعملاء وتابعين لإعادة تنوبيهم!

للأمانة هناك مجموعة من المرشحين التغييرين الحقيقيين، هم الأن أمام تحدي التخلص من هذا المستنقع، بتسجيل لوائح ولو غير مكتملة، وتجاوز الضحالة والخفة و"الأنا" وأيضاً وظائف يؤديها البعض، خصوصاً وأنه ما من أحد بشخصه رافعة في أي دائرة، بل الرافعة هي العنوان: قوى التغيير لا غير! وأحد الأدلة أنه في دائرة رئيسية أجرت مؤسسة إستطلاع رأي موثوقة، إستطلاعاً قبل أسابيع قليلة، تضمن 1395 إستمارة طالت موقع كل القوى وأسماء كل المرشحين. جاءت النتيجة أن لائحة تعبر حقيقة عن قوى التغيير، ستكون في المركز الثاني، فيما كثر لن يناولوا حاصلاً، هذا في حين أن كل من ترشح من التقليدين أو من هم باسم التغيير، كانت نتائجهم كأفراد متواضعة جداً، والأنكى أن أكثر"الشرسين" منهم لم ينالوا أصواتاً إلاّ في بلداتهم! لا تضيعوا البوصلة لم يعد عداد الوقت حتى 4 نيسان يتيح كل هذا الترف! الشغل يجب أن يكون مع الناس وليس في مطحنة إجتماعات داخلية منفصلة عن الناس!

4- الغزو الروسي الإجرامي لأوكرانيا يتخذ بعداً آخر، إلى الدمار والقتل واتساع اللجوء، تتسع الهوة العالمية وتتبلور تحالفات جديدة. الغزاة يركزون على المناطق الشرقية والجنوبية، والإندفاعة الروسية متواصلة رغم المقاومة الشديدة والبطولية التي لن تغير شيئاً. ماريوبول في الساعة الأخيرة مع تواصل خروج المتبقي من المدنيين..وإعادة إنتشار قوات الغزو وتخفيف العمل العسكري ليست إنسحاباً، بل إستمر حصار المدن بما فيها العاصمة والسيطرة بالنار تستمر في دكِّ تجمعات عسكرية وتدريب وقيادة وأمكنة تخزي الوقود والسلاح وسواها.. والحديث عن توافقات سياسية لم يتقدم أبداً لأن الترجمة تكون وقفاً للنار.

الجديد إندلاع حرب الغاز ولاحقاً كل الطاقة والكثير من المواد الأولية. الرئيس الروسي أبلغ الغربيين ممن وصفهم من الدول "غير الصديقة" أن لا غاز إلاّ بالروبل إبتداء من اليوم 1 نيسان، تحت طائلة وقف الإمدادات..بالمقابل قال بايدن أنه لن يسمح للروسيا باستخدام الطاقة "سلاحاً ضد الغرب" وكانت الخطوة الأميركية قراراً باستخدام مليون برميل نفط يومياً من الإحتياط الأميركي لمدة 6 أشهر للسيطرة على السعر في أميركا بعدما تجاوز سعر صفيحة البنزين ال30 دولاراً ما ستكون له مضاعفات كبيرة، والمعاناة الأوروبية أكبر من ذلك.. فيما بقية العالم يواجه الكارثة! 

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح