في صبيحة اليوم ال899 على بدء ثورة الكرامة.

هل بوسع القوى التشرينية، وهي ليست بحزب سياسي منظم، أن تختار المعارك التي تناسبها؟ وما هي هذه المعارك؟

هل بوسع الناس الحقيقيين الملتصقين بجوهر ثورة "17 تشرين"، وساهموا بهذا القدر البسيط أوذاك، بتوسيع بقعة الضوء التي جاءت بها الثورة، أن يكونوا خارج هموم أهلهم وأبناء بلدهم، وأن يغادروا الأمل أنه يمكن عمل شيء يؤسس لقلب كل المشهد المقيت، المفروض ببندقية لا شرعية، ارتفعت فوق تحالف تحاصصي طائفي مذهبي، كانت ذروته التسوية الرئاسية في العام 2016، وعجلت في أخذ اللبنانين والبلد إلى الجحيم!

عندما إندلعت الثورة، قدم الناس من كل جهات لبنان أرقى المشاهد. ما حدن دعس ع إجر حدن. غادر الناس المربعات الطائفية وعقود من التحريض المذهبي، ونفذوا اعمق مصالحة بعد الحرب الأهلية، وأصدق مصالحة جمعت الموجوعين فتوحدوا بوجه الظالمين الذين أذلوا البلد، وقالوا لكل "النفايات السياسية" المتسلطة؛ حقوقنا سوف نستعيدها منكم جميعاً. وبعدين المحكمة بتقول كم نسبة لصوصية كل طرف في نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي. وقالت الثورة بكل لهجات جهات لبنان: لن نقبل إستمرار إختطاف الدولة الحاصل بالسلاح والفساد والطائفية، وإن إستعادتها واستعادة القرار والدستور اولوية كي يحل زمن المحاسبة الشفافة، زمن إنتشال البلد واستعادة الجمهورية وضمان الحقوق والحريات.

حزب الله ممسك اليوم بالقرار، بشكلٍ مباشر أو من خلال الواجهات؛ رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، ومنذ حكومة "القمصان السود" هو من يشكل الحكومات التي عبر قوانين فاسدة، نظمت كل المنهبة من مال عام وواردات وودائع هي جني أعمار اللبنانيين، وغطت إختطاف الحزب للدولة، كما غطت إقتلاع البلد وعزله عن حاضنته العربية.. ولبنان نعيمة والبستاني، لبنان ادمون نعيم، شارل مالك، الشيخ العلايلي، حسين مروة، حسن مشرفية، محمد المجذوب، عفيف دمشقية، قيصر نصر، نقولا فارس، ابراهيم الحاج، مهدي عامل، ميشال بدورة..وجورج حاوي وسمير قصير وجبران التويني والمئات غيرهم، حولوه منصة تهريب سموم الكبتاغون، وتحت وسادة أبناء العاصمة زرعوا "نيترات الأمونيوم" وفجروا البلد بأهله وكل هاجسهم، تحت قيادة حزب الله، إعادة تبرئة فارين من العدالة مدعى عليهم بالجناية ومن وقع عريضة العار لحماية الحصانات و"نظام الإفلات من العقاب"، كما كل الناهبين!

جاءت الفرصة لخوض الإنتخابات، والاحتمالات مفتوحة وقد تكون جدية، فهل نكون مع شعبنا نحاول تغيير المشهد، كما فعلت "17 تشرين" عندما أسقطت شرعية المجلس النيابي بعد إسقاط حكومة التسوية المشينة..نحاول رغم السلبطة والسلاح اللاشرعي وقانون الصوت التفضيلي المذهبي، أو نستنكف! وذريعة الإستنكاف ترداد ما يريد حزب الله ومريديه زرعه من أنه سيكتسح ولا مجال للمواجهة، واصطفلوا لو تغيرت الأغلبية فإن السلبطة باقية! بربكم هل الحزب القائد مطمئن إلى وضعه؟ وألا ترونه يخوض حملة شرسة يخون كل من يرفض تسلطه وسياسة رهن البلد! ويستغل مع آخرين مقدرات الدولة ومؤسساتها في معركته، ويسعى لتركيب لوائح تؤمن للفريق العوني كتلة نيابية، وهو الفريق الذي أظهرت الإستطلاعات ذات الصدقية أنه مندثر شعبياً.. وقالت الإستطلاعات أيضاً(40 ألف إستمارة شملت لبنان) أن تراجع الثنائي الطائفي هو بحدود ال30% والآن مخططه فرض تمديد العهد العوني ببقاء المقيم في بعبدا إن لم يتمكن من فرض جبران، أما الآخر، سليمان فرنجية "رجل الخط" فسيبقى على قائمة الإنتظار!

كل اللوائح التي تم تشكيلها باسم قوى التغيير، في دائرتي الجنوب( صور الزهراني والنبطية مرجعيون بنت جبيل) والبقاع الغربي راشيا والأقضية الأربعة وعكار( وبيروت ع الطريق) هي لوائح تخوض المواجهة مع الفريق المتسلط ومشروعه الخطير! دوماً كان يمكن أن يتم إدخال التحسينات، وكان يمكن تجاوز بعض الهِنات، والإنتقادات العديدة التي ترددت هي محقة وتؤكد حرص مطلقيها.. وتدعونا إلى إعتماد خطوات تحصين هذه المعارك.

لن نستنكف، لأن الإستنكاف لا يمنحنا صكّ براءة الذمة، والأكيد أن من يهمل معارك شعبه لن ينال ثقته في أي زمن آخر! لن نفقد البوصلة، ولن نضيع أي صوت وفاء لتشرين التي حملت الهواء النظيف للتلامذة والشباب والصبايا والنساء والرجال، ومن تهجر قسراً، كما العالقين على هذه الأرض، والبداية لشهداء تشرين وشهداء مقتلة 

4 آب، والشهداء الأحياء وهم المئات الذين إقتلعت عيونهم، وللعدالة ولبقاء مبنى الإهراء شاهد على بشاعة جريمتهم!

وبعد، قال د. سمير جعجع أن المعركة تدور بين 3 جهات هي وفق تحليله بين " 3 خيارات هي :القوات اللبنانية وحلفاؤها، التيار الوطني الحر وحزب الله، والمستقلون". ويضيف"إذا انتخبتم المستقلين، ومع إحترامي لهم جميعاً ما الذي سيفعلوه؟ علينا أن ننتخب من قادر على المواجهة الفعلية، فهل هم قادرون على هذا الحمل؟" ويجيب: "طبعاً لأ وبالتالي أي صوت للمستقلين فهو صوت ضائع"!

طيب يخوض حزب القوات معركته تحت عنوان نحن فينا ونحن قدها ونحن بدنا إلخ.. لكن هناك تفصيل بسيط وهو أنه في البرلمان منذ 17 سنة، ومشارك في أكثر الحكومات وطرف رئيسي بانتخاب ميشال عون مرشح حزب الله وقد وصف ذلك ب"صناعة لبنانية"، وكان مشاركاً في أخطر حكومتين بعد إنتخاب عون..كان المطلوب جردة إنجازات، وما حدن يخبرنا اليوم إنه فيه وقادر وبدو، طيب ليش ما عمل، وهل كانت حواجز المستقلين هي الحائل دون الإنجاز؟ خصوصاً وقد منحه قانون الصوت التفضيلي، واحدة من أكبر القتل النيابية!

صوتك، صوتي، وكل صوت بوسعنا الوصول إليه، ينبغي أن يكون لقوى التغيير المستقلة التي تنشد بلورة ميزان قوى سياسي بديل عن كل هذه المنظومة والخطأ ممنوع.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح