في صبيحة اليوم ال902 و903 على بدء ثورة الكرامة

العركة الإنتخابية الحقيقية في لبنان هي التي تدور بين القوى التشرينية، قوى التغيير، والمنظومة المتسلطة التي يقودها حزب الله.

لأول مرة بتاريخ لبنان تخوض معارضة جدية الإنتخابات، وهي التي تحمل وجع اللبنانيين بوجه قوى النظام الطائفي. القوى المتعددة بتلاوينها، الموحدة في أدائها الذي تسبب بإذلال اللبنانيين، وغطى إختطاف الدولة وعزل البلد واقتلاع أهله، وأدخل الشعب اللبناني عصر "قوارب الموت" هرباً من الجحيم الذي جعل لبنان المكان غير الصالح للعيش.

ليس بسيطاً أبداً أن تنجح القوى التشرينية، غير المنظمة في أحزاب سياسية جديدة، من بلورة 8 لوائح موحدة رئيسية في 8 دوائر من أصل 15 وتشارك بفعالية في 4 أخرى، وذلك رغم وجود متسلقين متلونين واجهات لمنظومة الفساد والنهب والإفقار والإرتهان والتبعية.

من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مروراً بالعاصمة، قدمت قوى التغيير لوائح مكتملة يبرز فيها التمثيل النسائي والشبابي، والمهمة واضحة، هي التوجه إلى المقترعين في كل أماكن وجودهم وعرض الواقع كما هو، بين القوى التشرينية التي لن تساوم لا على الأرض ولا على الرغيف، وبين شركاء المنهبة والإذلال ومن في زمنهم، وزمن العهد القوي الذي يقوده حزب الله، تحول لبنان إلى منصة لتصدير الكبتاغون.والارقام تقول انه مقابل المجاعة وبعد المنهبة حققوا عائدات من الكبتاغون قيمتها ٧ مليارات دولار!

كل من يظن ان الكارثة لم تمر في منزله ولم تسحق اسرته واحتفظ بعمله، والعوز لم يعضه بنابه، ومن لديه وديعة يتصرف بها، وقدرته الإستشفائية لم تمس، ويضمن مدرسة لأطفاله وجامعة لأولاده، وكل متقاعد يرى أن المتسلطين حافظوا على رغيفه وحبة دوائه..ليذهب ويقترع للمتسلطين الذين لا هم لهم إلاّ إعادة تعويم منظومة الفساد والتمتع بنظام الحصانات ونظام الإفلات من العقاب! أما من وحّدهم الوجع في "17 تشرين"، وينشدون إستعادة الدولة والمؤسسات والجمهورية اللبنانية بقيمها، فهم من خلال ذلك يدافعون عن حقوق اللبنانيين بكل حبة تراب مستباحة، ويعملون من أجل حماية الآمال بأنه بالإمكان إستعادة لبنان الآخر، امامهم لوائح تشرينية وحدها الوجع والأمل، والتصويت العقابي في هذه الإنتخابات هو الرهان لبدء مسيرة إنتشال البلد واستعادته.

مع لوائح، "عكار التغيير" في دائرة عكار الإنتخابية، و"شمالنا" في الأقضية المسيحية الأربع في الشمال، ولائحة "توحدنا للتغيير" في الشوف وعاليه، ولائحة "بيروت التغيير" لائحة قوى التغيير في بيروت الثانية، ولائحة "لوطني" لائحة قوى التغيير في دائرة بيروت الأولى، ولائحة "سهلنا والجبل" في دائرة البقاع الغربي – راشيا، ولائحة "معاً للتغيير" في دائرة صور الزهراني، ولائحة "معاً نحو التغيير" في النبطية ومرجعيون حاصبيا وبنت جبيل. وإلى جانب هذه اللوائح المكتملة هناك أيضاً لائحة "بعبدا تنتفض"، ولائحة "زحلة تنتفض" من أجل الجمهورية، إلى المشاركة في كسروان جبيل والمتن وربما ترشيحات في بعلبك الهرمل بوجه الثنائي المذهبي وأطراف في نظام المحاصصة الطائفي.

مع هذه اللوائح يتم لأول مرة تقديم خيار آخر للبنانيين، والحملات الإنتخابية أمام تحدي الوصول إلى الناس، تحدي إستنهاض الموجوعين بوجه من حول حياتهم إلى جحيم، تحدي جعل الإنتخابات تدور حول العناوين الأساسية: المسؤولية عن النهب والإفقار وسياسات الإذلال، والمسؤولية عن ارتهان البلد وتحويله منصة تهريب وعدوان ضد العرب، والمسؤولية عن حماية الفارين من وجه العدالة ومعاقبة رموز لائحة العار لحماية المتهمين بالقتل، والمسؤولية عن إرتهان البلد واختطافه وتحويله إلى ورقة في الأجندة الإيرانية.. وفترة ال38 يوماً المتبقية على موعد 15 أيار يمكن أن تقلب المشهد.

أما الدعوات إلى المقاطعة أو الورقة البيضاء في بعض الدوائر، فينبغي العمل لتفهم مواقف أصحابها. بعضهم جدي لكنه غلّب الإستياء من بعض الوجوه التي لا ينبغي بأي حال أن تغطي الإيجابيات الكبرى لكل لوائح التغيير. وليكن واضحاً أن كل زعم بأن الإنتخابات خطأ بخطأ، إستناداً إلى قانون الإنتخابات الساري المفعول والظالم الذي جوّف النسبية وغذّى المذهبية، فليكن واضحاً أنه ما من سلطة على الأرض إلاّ ووضعت قانوناً إنتخابياً على قياس مصالحها، لكن السعي إلى التصويت العقابي هو ما سيقلب السحر على السحرة الذين يراهنون أنه بوسع الفتاوى والبدع والتزوير النجاح مجدداً في تزوير إرادة الناخبين!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح