في صبيحة اليوم ال 904 على بدء ثورة الكرامة.
كانت منظومة الفساد بالأرض غداة جريمة تفجير بيروت والإبادة الجماعية، فزارنا "المنقذ" ماكرون ليعيد تعويم الفاسدين الناهبين القتلة، ويتطاول على اللبنانيين بأنهم هم من إنتخبهم، في قفز بهلواني فوق قانون الإنتخاب المزور للإرادة الشعبية، وفوق ما حملته ثورة "17 تشرين" ثم جريمة 4 آب من وقائع كبيرة بينها أن أغلبية لبنانية نزعت الشرعية عن المجلس النيابي، وأخرجت كل الطبقة السياسية من الفضاء العام!
وعلى مسافة 38 يوماً فقط من موعد 15 أيار، موعد الإنتخابات النيابية، قدم "العالم المتحضر"، وبالأخص أميركا، دعمه مجدداً لمنظومة الفساد التي يقودها حزب الله! بإعلان التوصل لإتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، مهم في رمزيته أكثر من مضمونه، لجهة الرسالة التي بعث بها وهي أن واشنطن كما العواصم الأوروبية لا تمانع مطلقاً في إعادة تعويم منظومة الفساد والنهب والقتل ورهن البلد للخارج، وهي المنظومة التي إتحدت لحجب الحقيقة ومصادرة العدالة وأبرز وجوهها المدعى عليهم بجناية "القصد الإحتمالي" بالقتل والفارين من وجه العدالة والمعاقبين وودائع النظام السوري وأتباع دولة الولي الفقيه، وكل الكارتل الفاجر!
الهدية الدولية للمتسلطين، لا تحجب الشروط التي وضعها الصندوق على إنجاز الإتفاق الأولي، ما يعكس الشك الخارجي بالتزام السلطات اللبنانية خطة الإصلاحات، مع الإشارة إلى أن الإتفاق هو "تسهيلات" متواضعة، قيمتها 3 مليارات دولار تقدم للبنان على فترة 46 شهراَ! وقد نقلت "نداء الوطن" عن مصادر مالية أن الإتفاق لا يعدو كونه "كذبة 7 نيسان" لإستحالة إيفاء هذه السلطة بأيٍ من الإلتزامات الإصلاحية!
في هذه اللحظة لا أولوية تفوق المضي إلى ابعد حد في خوض معركة التغيير، نعم الإنتخابات فرصة للبلد ولكل اللبنانيين لقلب منظومة القتل والفساد والإرتهان. وليكن مفهوماً أنه حتى الإتفاق الأولي أعلاه، بحاجة لقوانين ينبغي أن يقرها المجلس النيابي، وهي قوانين مؤثرة في مستقبل لبنان، وبالغ الأهمية وصول كتلة تغييرية إلى البرلمان لأنها ستؤثر بالمنحى والإتجاه وكل المشهد.
كل ما يتم ترداده عن مقاعد محسومة لا قيمة له ولا أساس. لقد إنتهى زمن إعلان الفائزين قبل العملية الإنتخابية، كل ما يروج جزء من "بروباغندا" مدفوعة تهدف لإعادة تعويم الفاسدين، وتستند إلى خزعبلات ونتائج العام 2018 وليس إلى دراسات أوعمليات قياس رأي، وتتجاهل الحدث الكبير ثورة تشرين وجريمة 4 آب، وتتجاهل فوق ذلك أن قوى التغيير نجحت في إعلان لوائح موحدة في 8 دوائر، ووحدها من يخوض المواجهة بوجه الثنائي المذهبي، كما بقية منظومة الفساد. ويتجاهلون حقيقة أن قوائم قوى التغيير بشاباتها وشبانها وكل أفرادها تشبه الناس وتعيش وجعهم وهمومهم، وبمعزل عن هناتٍ من هنا وهناك، فإن المرشحين على الأعم الأغلب هم من إختيار الناس. ولا أولوية تفوق مهمة إسقاط نظام المحاصصة الطائفي العنائمي، واستعادة الدولة المخطوفة بالسلاح والفساد والطائفية، لأن في ذلك استعادة للقرار والدستور، كي يحل زمن المحاسبة الشفافة، زمن إنتشال البلد واستعادة الجمهورية وضمان الحقوق والحريات.
من يمسك بالقرار اليوم هو حزب الله، بشكلٍ مباشر أو من خلال الواجهات؛ رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، ومنذ حكومة ميقاتي "القمصان السود" هو من يشكل الحكومات المسؤولة عن المنهبة من خلال قوانين فاسدة أقرتها الطغمة السياسية التي نظمت نهب المال العام والسطو على الودائع وهي جني أعمار اللبنانيين، وغطت إختطاف الحزب للدولة، كما غطت إقتلاع البلد وعزله عن حاضنته العربية.. وحولوه منصة تهريب للكبتاغون، وتحت وسادة أبناء العاصمة زرعوا "نيترات الأمونيوم" وفجروا البلد وكل هاجسهم إعادة تبرئة الفارين من العدالة وحماية الحصانات و"نظام الإفلات من العقاب"!
جاءت الفرصة لخوض الإنتخابات، وسنتحد كمواطنين لتغيير المشهد، كما كان في "17 تشرين".. رغم السلبطة والسلاح اللاشرعي وقانون الصوت التفضيلي المذهبي، ولا إستنكاف! وما من جهة قادرة على منع اللبنانيين من صناعة قدرهم. في 15 أيار لا تملك قوى التغيير إلاّ العزم على الفوز أو الفوز، وكل حملاتهم واتهاماتهم هي دليل الضعف الذي يضرب طغمة الفساد، بعدما أظهرت إستطلاعات رأي ذات صدقية أن التيار العوني مندثر وكل القوى الأخرى تراجعت بقوة وتراجع الثنائي المذهبي لا يقل عن ال30%!
لن نستنكف، لأن الإستنكاف لا يمنحنا صكّ براءة الذمة، والأكيد أن من يهمل معارك شعبه لن ينال ثقته في أي زمن آخر! لن نضيع أي صوت وفاء للثورة التي حملت الأمل لكل الفئات اللبنانية، العالقين هنا أو أولئك الذين تم تهجيرهم قسراً! معركة قوى التغيير هي تجسيد الوفاء لشهداء تشرين وضحايا 4 آب، والشهداء الأحياء وهم المئات الذين إقتلعت عيونهم، ووفاء للعدالة ولبقاء مبنى الإهراء شاهد على بشاعة جريمتهم!
صوتك، صوته، صوتي، وكل أصوات المتمسكين ببقاء البلد ينبغي أن تصب بقوة للوائح قوى التغيير التي تنشد بلورة ميزان قوى بديل عن كل هذه المنظومة والخطأ ممنوع.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب: الصحافي حنا صالح