في صبيحة اليوم ال907 على بدء ثورة الكرامة.
وهذا درس فرنسي، فالإنتخابات الرئاسية قدمت مشهداً نوعياً! صحيح سيتواجه في الدورة الثانية الرئيس المرشح ماكرون مع مارين لوبن مرشحة الجبهة الوطنية( اليمين المتطرف)، لكن حظوظ لوبن كبيرة ولا يكفي إعادة تبلور "الجبهة الجمهورية" لوقف تقدمها نحو الرئاسة لتسجل أحد أكبر الأحداث في تاريخ فرنسا، فالأعين يجب أن تتركز على ظاهرة الإنتخابات: جان لوك ميلانشون لأنه بتجاوزه ال22% من الناخبين، بات في موقع صانع الرئاسة الفرنسية. أحزاب تاريخية من اليمين واليسار، حكمت فرنسا لعقود طويلة تواجه حالة قريبة من الإندثار من اليمين الديغولي – الشيراكي إلى اليسار الإشتراكي والشيوعي. الظاهرة مرشحة لأن تحدث عندنا وبقوة وأعرف سلفاً أن كثراً سيقولون "شو جاب لجاب"؟
الذي "جاب" هو أن الأحزاب الطائفية والتيارات الدينية المتسلطة مفضوحة، فيما الثقة كبيرة بتوثب الشباب للتغيير وهم صنعوا 17 تشرين، والثقة كبيرة بتنامي الوعي في كل جهات لبنان بأنه بدون تغيير حقيقي في تركيبة المجلس النيابي ستستمر المأساة وتتعمق. وهناك ثقة كذلك بنجاح قوى التغيير في تقديم البديل السياسي المقنع للناخبين، عندما قدمت لوائح موحدة تغييرية في 8 دوائر إنتخابية ولها مشاركة جادة في أربع دوائر أخرى، وتثير طروحات القوى الجديدة وبرامجها البديلة الإهتمام، كما الإلتفاف حول شعارات ملموسة لإستعادة الدولة المخطوفة وطي صفحة الدولة – المزرعة، ونظامها التحاصصي الغنائمي.
والذي "جاب" أيضاً هو التنويه إلى إتساع الإدراك بأن المتسلطين هم سبب وجع الناس والمذلة التي طالت كل اللبنانيين، و"كلن يعني كلن" لم يكن شعاراً هوائياً بل عبّر عن رغبة جارفة بتدفيع المتسلطين الناهبين ومن ارتهن البلد ثمن جرائمهم، والإنتخابات هي الفرصة لذهاب اللبنانيين في لبنان والإغتراب إلى التصويت العقابي لقلب التركيبة السياسية التي وعدت على لسان رئيس الجمهورية بوصول البلد وأهله إلى الجحيم ووفت!
2- صورة إفطار حارة حريك، بمشاركة باسيل وفرنجية تفعل فعلها، وكم هي مثيرة للسخرية تبريرات المسترئيسين وحديثهما عن السياقات لهذا الإفطار وتوقيته، وهما في سياق التسابق الرئاسي بينهما إنطلقا كما قال فرنجية، من أن اللقاء مع نصرالله هو ضمانة، لكن فرنجية لم يخبرنا ما نوع هذه الضمانة وماذا ومن تخدم؟ فيما يواصل باسيل تبرير التحالف فيثقول عن الشراكة مع بري أنهما في قطار واحد( قطار حزب الله) لكن كل منهما ينظر من نافذة مختلفة! بعض ما أثاره الإفطار الإسترئاسي صوب عليه المطران عودة بقوله أنه يتضرع للرب كي "يخلصنا من الآفات الروحية المتمثلة بحب الرئاسة والتسلط والكبرياء والإستئثار والأنانية".. مضيفاً أن "حب الرئاسة مرض روحي يصيب الإنسان الذي لم يتعلم التواضع بعد"!
وبمعزل عن الترهات والتبريرات الباسيلية التي أوردها باسيل لتغطية إلتحاق التيار العوني بقاطرة حزب الله، فكل ما يجري يتم تحت يافطة إعادة تعويم تحالف "8 آذار" وترميمه، رغم الزلازل السياسية والإنهيارات التي أدت إلى ثورة "17 تشرين"، التي عرّت منظومة التسلط، وإلى جريمة 4 آب وإختطاف الدولة، وعزل البلد وما نجم عن ذلك من تداعيات خطيرة. فجاء الإفطار في سياق خطة نصرالله لملمة التحالف الذي يقوده، والخشية الجدية لدى حزب الله الذي يقرأ ما يعتمل لدى الناس وتاثيره مما يعني أن التوازن الذي يقف على رأسه لا يمكن تأبيده.
3- إنهم يستعجلون تزوير الإنتخابات، استأثروا بمقدرات الدولة وحرموا الناس من حقوقها الطبيعية وذهبوا إلى أكبر حملة رشاوى في إستغلال خطير لحاجات الناس والوجع الذي تسببوا به لكل المواطنين..كل ذلك يتم جهاراً نهاراً والتقرير المشترك الذي أطلقته "الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات" مع جمعية "مهارات" يسلّط الضوء على إتساع ظاهرة الرشى الإنتخابية، والضغوط التي تمارس على المرشحين، التي ستؤدي حتماً إلى تزوير الإنتخابات. وتشارك في عمليات الرشاوى كل أطراف نظام المحاصصة التي تسطو على مقدرات الدولة فتنظيم حملات التزفيت أو إنارة بعض الطرق بالطاقة الشمسية أو توفر كميات من المازوت للعديد من الجهات ولوازم للأندية وما شابه!
لكن ما لفت الإنتباه هو حجم المساعدات العينية التي يقدمها حزب الله في مناطق مختلفة من البيرة في عكارإلى شتى المناطق، والأهم فيديو إنتشر على مواقع التواصل من إنتاج حزب الله وفيه أنه تم تخصص مبلغ 8 مليارات و300 مليون ليرة، و4 ملايين و300 ألف دولار توجه نحو "التصدي للبطالة، وتيسير تأسيس المشاريع، وبناء المساكن وترميمها، ورفع الأنقاض، وتزويج المعسرين، وكفالات الأيتام، وحملات الدفء، وتأمين الملبوسات، وحملات مكافحة المخدرات ..ليكون عدد المستفيدين حوالي 93 ألف شخص"!
وبالتزامن يعلن حزب الله عن تخصيص 18 مليار ليرة و18 مليون دولار للمساعدات المعيشية التي تطال 215 ألف عائلة!..
ويقدم حزب الطاشناق عبر بطاقة "معاً" مساعدات تجاوزت ال4 مليار ليرة ل9514 عائلة!
وتعلن حركة "سوا" (بهاء الحريري) من خلال ممثلها صافي كالو عن تخصيص منح تعليمية لأكثر من ألف طالب وطالبة عبر مؤسسة "نوح"!
هذه الإنتخابات أمام أخطر إستباحة، لتزوير إرادة الناس، وإعادة تعويم قوى الفساد والإرتهان، وهي تضع قوى التغيير أمام تحدٍ كبير لفضح هذه المخاطر، وعدم تضييع أي دقيقة للحث على أكبر تصويت عقابي، وحده يعطل التزوير الواسع أو على الأقل يحدُّ منه، وبات ملحاً تحميل الجهات الرسمية الحكومية وبالأخص وزارة الداخلية ولجنة الإشراف على الإنتخابات المسؤولية الكاملة عن أخطر عملية تزوير تهدد الإنتخابات!
وملاحظة من فرنسا: أخر المعطيالت الفرنسية نال ماكرون ٢٧،٦٪أي 9550545 صوتا.ووبن ٢٣،٤٪أي 8109 852 صوتاً، وميلانشون 22% أي 7605225 صوتاً. وبالمقابل نال الديغولية المرشحة بيكريس ٤،٨٪ و1658386 صوتاً،والشيوعي روسيل ٢،٣٪اي 799344 صوتاً، والإشتراكية هيدالغو ١،٧٪أي 604217 صوتاً!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب: الصحافي حنا صالح