في صبيحة اليوم ال909 على بدء ثورة الكرامة
اليوم 13 نيسان، هو التأريخ الرسمي لبداية حربٍ أهلية طحنت حياة 150 ألفاً، مرّ عليها اليوم 47 سنة، وكانت بدايتها الفعلية يوم أقر المجلس النيابي إتفاق القاهرة في العام 69! إتفاق التخلي عن السيادة الذي لم يعارضه إلاّ النبيل ريمون إده.
عندما شرعوا تخلي الدولة عن سيادتها المطلقة على كامل ترابها، دفعوا البلد إلى الجحيم..واليوم يتم تغطية تغول الدويلة التي تنتهك السيادة وتسبيح الحدود والحقوق، وتحول لبنان الحدود المستباحة، منصة تهريب للسموم لتمويل حروب فيلق القدس ضد اللبنانيين وضد شعوب المنطقة تلبية لأجندة نظام الولي الفقيه!
أحبة سحقوا واعمار قصفت، وتغيير ديموغرافي قسري طال ربع اللبنانيين، والهجرة طالت نحو ثلث السكان، وسنوات اللبنانيين التي سرقتها الحرب لم تُستعاد في فترة "السلم الأهلي" لأن الحرب لم تتوقف، مع إستمرار ولاءات عمياء لفاسدين وقتلة ولصوص.. إنتبهوا الضحايا بالنسبة لهم مجرد أرقام، لكنها وجع مقيم في عشرات ألوف الأسرـ أما الزعماء وأولادهم وأحفادهم فهم في القصور وفوق كل حساب!
وفقط يوم "17 تشرين" أظهر الناس قدرة على طي صفحة الحرب وتحقيق أول مصالحة حقيقية بين الناس، وتأكد مئات الألوف الذين صنعوا تلك الأشهر التي عرّت منظومة الفساد أن إنتصار الثورة هو ما يستهيد البلد وينتشل لبنان من الجحيم ويوفر للقتلة المتسلطين فرصة الحساب العادل أمام القضاء!
على مدى 47 سنة، مرّ على لبنان 9 رؤساء جمهورية و7 برلمانات، ومنذ 30 سنة لم تعرف الأجيال الجديدة إلاّ نبيه بري رئيساً لمجلس النواب! إنه المجلس الذي قونن الفساد، وأحلّ الفتاوى والبدع مكان الدستور، ويتولى قيادة حملة الدفاع عن الفارين من وجه العدالة، والمدعى عليهم بجناية تفجير المرفأ..والأساس حماية "نظام الإفلات من العقاب"، لأنه الوليد المسخ لقانون العفو عن جرائم الحرب، الذي شكل الأساس للتحالف المافياوي، تحالف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، الذي تولى قيادته حزب الله بعد إخراج جيش النظام السوري المحتل! نعم نبيه بري علامة لافتة قبل جريمة تفجير بنعفول وبعدها!
على مسافة شهر من إنتخابات برلمان 2022، ووسط الإنهيارات المتلاحقة، والذل الذي طال كل اللبنانيين، ومشهد الأمس، الطوابير أمام الأفران فقد عزّ الرغيف بعدما عمت العتمة وفقدت حبة الدواء، وبعدهم عم يترشحوا ويسعون لإعادة تعويم منظومة الفساد والنهب والقتل والإرتهان للخارج.. الكرة بين أيدينا، فهل فقدنا الذاكرة، وهل الأكثرية اللبنانية تعيش إنفصاماً عن الواقع، وكيف سيترجم كل مقترع غضبه وغيظه والخوف مما سيحمله له الغد؟ اليوم البديل موجود لا أعذار ولا حجج بأن هناك كثر من المنافقين والمندسين!
لقد أتوا زمن "السلم الأهلي" على "الأخضر واليابس"، والنتائج معروفة مع دخول أكثر من 80% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر..وإنضمام لبنان إلى بلدان "قوارب الموت" هرباً من هذا الجحيم! وحدها ثورة تشرين بما حملته من هواء نظيف وضوءٍ لن يخبو خشبة الخلاص، والتصويت العقابي لدعم لوائح التغيير ممر إلزامي لبدء إنتشال البلد. كل حديث آخر يعني تمديد تسلبط دويلة حزب الله وأعوانه، كلهم أعوانه، في نظام المحاصصة الذي حول الدولة وجنى أعمار الناس إلى غنائم توزعوها، ويواصلون اليوم المنهبة مع قانون "كابيتال كونترول" يريدون تهريبه لإقراره في ليل!
لا خروج من الحرب الأهلية إن تم التجديد لرموز الحرب، وكل النظام المافياوي المتسلط.. الفرصة متاحة لجعل الإنتخابات النيابية محطة مفصلية، لبدء مسيرة لبنان النهوض واستعادة الدور والمكانة والحفاظ على الحقوق والأرض..المحطة التي تطلق التنافس والمبادرات الخلاقة للكفاءات ومواطنين مبدعين تركوا بصمة تحت كل شمس.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب: الصحافي حنا صالح