في صبيحة اليوم ال 927 على بدء ثورة الكرامة
إنها الإنتخابات الأقسى والأصعب والأهم في تاريخ لبنان، فدعك من كل ما يروج للتيئيس، لا تضيع البوصلة: إقترع فصوتك هو ما يصنع العلامة الفارقة، وليكن صوتك التفضيلي لمن تعتقد أنه الأقرب في التعبير عن وجعك وفي الأمانة للدفاع عن مصالحك.
لقد وفّرت القوى التشرينية الفرصة لخيار آخر حقيقي، والناس التي جمعها الوجع، تعرف أن تأديب المتسلطين ممكن، والتمييز بين الأسود والأبيض كذلك، ولن يتأثر المقترع بعمى الألوان نتيجة تفقيس لوائح يراد منها التشتيت الجزئي للأصوات!
من الآخر القانون الإنتخابي نقيض عدالة التمثيل، والقانون الإنتخابي فرض هِنات فادحة في بعض لوائح قوى التغيير، مرة لمحاولة قطع الطريق على لوائح للتخريب، ومرة من أجل ضمان الحواصل في القانون المسخ، لكن في اللوائح ال11 الرئيسية متاح الخيار، والتصويت العقابي كفيل بقلب المشهد.
ممارسات السلطة متصاعدة لتكريس نتائج تشوه رأي المواطنين: في الإغتراب كارثة في توزيع المقترعين كما مراكز الإقتراع. وبعد ما تظهر في أستراليا يبدو أن توزيع العائلات في فرنسا يستهدف تحجيم نسبة المقترعين: الأب يقترع في باريس حيث يقيم والزوجة على الحدود السويسرية! والداخلية ترمي المسؤولية على الخارجية والأخيرة يديرها باسيل لمنع إقتراع المغتربين! لكن من اختار في الدانمارك كمركز إقتراع حسينية أنشأها نظام الملالي وتديرها جهات حزبية مذهبية تابعة لحزب الله!؟
هيئة الإشراف على الإنتخابات "المستقلة"، تحركت لا للتنبيه من تفاقم المال السياسي والرشوة بل لمنع "مهارات" من متابعة دورها بكشف جانب من المخالفات الخطيرة، من خلال الدراسات الموثقة ومراقبة الحملات الإنتخابية، ورصد الأداء الإعلامي وخاصة غياب الحد الأدنى من التكافؤ في منح المرشحين فرص الظهور الإعلامي. نعم هيئة الإشراف على الإنتخابات ذراع لهذه السلطة في التضييق على القوى الجديدة والمدنية، والرد مرة أخرى بكثافة الإقتراع.
التقرير الثالث ل"لادي"( الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات) قال إن "الرشى" على عينك يا تاجر وبوقاحة! وقدم وقائع خطيرة، والأمر إلى تصاعد بوتيرة كبيرة. كشفت "لادي" عن حجم إحتقار الناس واستغلال العوز والتجويع من جانب القوى المتسلطة. وقدم التقرير وقائع عن الرشوات الواسعة عبر المال مباشرة كما من خلال توزيع مواد غذائية "لا تسمن ولا تغني عن جوع" ( التقرير في الصحف)! لكن أهم ما في التقرير أن الجهات التي تقدم صورة عنها بأن شعبيتها لم تهتز، تراهن على الرشوة بمختلف أشكالها لضمان الأصوات. يتقدم الجميع حزب الله ومن بعده أمل، وخصوصاً في دائرتي صور الزهراني والنبطية مرجعيون بنت جبيل والبقاع الأوسط وبعلبك الهرمل، إلى أمثال.. مراد والمخزومي وبدر وسائر لوائح قوى "نظام المحاصصة".. ثم يتحدث وزير الداخلية فيقول" بكرا بتشوفو رح نعمل إنتخابات بتجنن!
وإلى جانب تقرير "لادي" الذي رصد حالات هي "غيض من فيض"، هناك موقف بالغ الخطوررة من حزب الله الذي "أقنع" 3 مرشحين شيعة في دائرة بعلبك الهرمل بالإنسحاب وكانوا على لائحة القوات! فقد أعلن محمد رعد أن "المقاومة أصبحت دين"! وبالتالي فإن الترجمة لمثل هذا الكلام تكمن في تجريم كل من يترشح ضد لوائحهم لأنها لوائح "المقاومة"! نعم خطير منحى التكفير هذا، لأنه تهديد لم تعرفه أي دورات إنتخابية سابقة، فهو شئنا أم أبينا يحمل تحليل قتل المعارضين! هناك ما يخشاه حزب الله فراح يهدد دينياً ما ينبيء بأن 15 أيار وما بعده فترة بالغة الخطورة!
الخطورة التي يخشى منها حزب الله، تظهرت في معطيات إستندت إلى عمليات "قياس راي" (إستطلاعات) تفيد بتبدل كبير بمزاج الناخبين، والتبدل طال كل لبنان، ويتم التعبير عنه بازدياد رفض قوى تحالف المحاصصة، ويبرز كذلك بتراجع نسبة المترددين، وازدياد أعداد من حسموا الأمر على المشاركة في الإنتخابات. آخر إستطلاعات الرأي تتحدث عن حيوية استعادها الشارع السني، ودينامية تحفز على الإقتراع، وما يقلق حزب الله حالات تململ في المناطق التي يحكم قبضته عليها، وقد لفت الإنتباه إشارات وردت في "الأخبار" إلى هذه الأوضاع..بمعنى أن الأحلام بالهيمنة المطلقة مهددة!
نعم هناك خيار آخر أمام الناس، وهناك دينامية متزايدة للمشاركة في الإنتخابات، التي لن تكون كما خططوا لها بأن تقتصر على جمهورهم المُعلّب..المؤشرات تفيد أن التصويت العقابي آتٍ، وهو العنصر الوحيد الذي يمكن التعويل عليه للحد من تأثير التزوير، الذي يبدأ بالقانون المسخ ولا ينتهي بشراء الضمائر، في إستغلال إجرامي لنتائج السياسات التي أفقرت البلد وجوعت أهله ورمتهم للفاقة!
إنتبهوا بونات وقسائم المساعدات الغذائية سيتم سحب تمويلها في 15 أيار.. و"هبات" المازوت ستنقطع في 15 أيار، وفقط إنتخاب قوى التغيير يفتح الباب أمام قيام السلطة المستقلة التي تحمي وتصون الحقوق والكرامات. لقد قالت "17 تشرين" لنا حقوق.. والإنتخابات فرصة بالغة الأهمية لإنتخاب نواب "طالعين" من وجع الناس!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب: الصحافي حنا صالح