في صبيحة اليوم ال936 على بدء ثورة الكرامة

بمداد القلب صوّت المغتربون للتغيير، للوائح ثورة "17 تشرين"! وقالوا للمتسلطين إرحلوا!

طوابير كرامة، امتدت لأكثر من كيلومتر في دبي، تحت الشمس الحارقة ودرجة حرارة لامست ال45 درجة ظهراً، واقترعوا بكثافة للتغيير!

من دبي إلى أبوظبي، ومن سيدني إلى باريس وبرلين ولندن وتورنتو ومونتريال ونيويورك ولوس أنجلوس وغيرها في عشرات البلدان كانت العيون مصوبة على الهدف: تأديب المافيا المتسلطة في صناديق الإقتراع، ومعاقبة أولئك الذين أطفأوا عيون الثوار أمام البرلمان الفاقد للشرعية، والثأر ممن فجّر بيروت، لؤلؤة المدن التي لا تستحق ما لحق بها من عقاب في 7 أياروبعده. والثأر ممن حولوا البلد وسادات موت من بيروت إلى برج الشمالي وبنعفول والتليل..، وقالوا سننتقم لضحايا ما زالوا تحت بحر الفيحاء منذ ليل 23 نيسان!

اقترعوا بالأقدام ضد من ارتهن البلد للخارج ويواصل قضم السلطة، وضد كل من غطى وشارك في إختطاف الدولة. تجاوزوا الكثير من عراقيل الخارجية ووزيرها الألعوبة بيد "الهيلا هيلا هو"، التي هدفت لتحجيم نسبة الإقتراع. ومن دبي إلى باريس وتورونتو وغيرها أدت التدابير اللوجستية القاصرة عمداً إلى حرمان كثيرين من إمكانية الإقتراع، لكن الأرقام والحماس الذي تابعه المواطن اللبناني كسرت توقعات المبصرين، ومنحت مواطنينا قبل أحد الفصل في 15 أيار، جرعة أملٍ كبيرة بأن الهواء النقي الذي أتت به الثورة مستمر، يهب في الوقت المناسب لطرد المافيا السياسية التي طال تسلبطها على رقاب الناس.

شباب وصبايا ومن كل الأعمار، يعرفون أنهم مهجرين وليسوا مهاجرين، هجّرهم الظلم والإستبداد وعقودٍ من سياسات الإذلال. تهجروا بحثاً عن عمل وكهرباء ومياه نظيفة وطبابة ومستقبل لأولادهم..يعني أبسط الحقوق التي تصون الكرامة الحقيقية، ووجهوا رسالة إلى الداخل، إلى كل المقيمين بأن بين أيديهم السلاح الأفعل: أصواتهم التي ينبغي أن تكون عاصفة التغيير، ووحده التصويت العقابي ضد منظومة القتل الممر الوحيد والإجباري لحماية الحقوق وبدء تكوين البديل السياسي لاستعادة الدولة والقرار، وبدء محاسبة المرتكبين الذين حرموا الناس الرغيف والدواء!

النسب المئوية المعلنة عن أعداد المقترعين المسجلين، والتي تكتمل اليوم بإعلان النسب في الأميركيتين، قالت أن المعدل العام للإقتراع سيتجاوز ال60إلى 65% لتعلن عن الإرتباط العميق بين الدياسبورا اللبنانية والبلد بهمومه اليومية. ولتعلن عن تقدم واضحٍ في التصويت إلى جانب القوى التشرينية رغم أنف المبصرين الذين يدسون النتائج منذ 10 أيام للتأثير سلباً على أمزجة الناخبين، وفي الموقع الثاني برز تقدم قوى معارضة وتقليدية، عِماد مؤيديها هجرات التسعينات التي نقلت معها إلى الخارج الكثير من إنقسامات الحرب وزمن الإحتلال السوري.. وفي كلّ مكان فصل الناخب الخيط الأبيض عن الرمادي ولم تمر عليه أكاذيب قوى طائفية هي جزء من نظام المحاصصة عمدت إلى تطعيم قوائمها بوجوه علّها تتيح ركوب ظهر الثورة لتعزيز طموحاتها وتسلطها ليس إلاّ! لكن كل ذلك لم يحجب ظاهرة أخرى، ظاهرة أولئك الذين إقترعوا ضد مستقبل أولادهم لمصلحة زعيم، هو برأيهم سيف الطائفة والمنطقة وبوجه الآخر الشبيه به، واستسلموا لعصبيات قاتلة وفاتهم أن زعيمهم هو أبرز المسؤولين عن تهجيرهم وجوعهم والإذلال اللاحق بهم!

لا مبالغة بالقول أنه رغم قانون الإنتخاب الذي مذهب الإنتخابات لحماية الإستبداد الطائفي والمذهبي، بات الناخب الأول هو قوى التغيير التي قدمت 11 لائحة مكتملة على إمتداد لبنان وتشارك في لوائح في الدوائر المتبقية. والأكيد ستحمل الإنتخابات إلى برلمان 2022 كوكبة من الحراس الأوفياء لحلم التغيير وانتشال البلد. كوكبة نواب تغييرين مدعومة بكتلة شعبية وازنة ستبلور الجبهة الحقيقية للمعارضة الوطنية، بحيث لن يتمكنوا من التبجح بأكثرية وتفويض مطلق، ولن يكون سهلاً المضي هانئين في تجديد نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، وأنه بين أيدي منفذي أجندة الخارج الإمكانية المطلقة لتأبيد وضع البلد تحت الوصاية، رغم "السخاء" المالي عندما جعلوا حجم فاتورة الإنتخابات، مال سياسي ورشاوى متعددة، كافٍ لإعادة إعمار البلد وانتشاله من كل البؤس الذي يضرب حياة أهله.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح