في صبيحة اليوم ال945 على بدء ثورة الكرامة

كبيرة دروس الإنتخابات وتتطلب الوقت لإستكمال جمع المعطيات والتحليل، لكن الأكيد أنهم جميعاً في "نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي" تحت وقع الصدمة! 

مهزومون بالجملة يكابرون ويتبعون سياسة الإنكار ويرون حكايات إنتصاراتهم الوهمية: الهيلا هيلا هو مثال فاضح، وعليه سترتفع بعد أصواتهم وأصابعهم والتهديدات. لكن كل الضجيج لن يبدل واقعة أن آخر الأرقام قالت بوضوح أن الأكثرية السابقة لحزب الله تراجعت إلى 59 نائباً!

وضعهم مثير للهلع فسارع الرعد إلى دفاتر حزب الله إياها، فقرع طبول التهديد والوعيد والتخوين والتهديد بالحرب الأهلية واستبق تلفزيون المنار إطلالة نصرالله اليوم بإطلاق التهديد ب"إسقاط برلمان التطبيع مع إسرائيل 2022"! نعم "تحالف كاريش" سيطلق الكثير من السهام، وبالإنتظار وفي عجالة، حزب " الإنتصارات الإلهية" تراجعت بقوة كتلته الناخبة، فلم يتمكن من إنقاذ أتباعه الذين كان يحضرهم لأدوار وادوار، لكنه منح التيار البرتقالي بضعة نواب لمنعه من الإندثار، وخصوصاً في بعلبك وزحلة والبقاع الغربي وبعبدا إلى أصواته كل دوائر الجبل والشمال الثالثة وتركيبه لائحة عكار! مفهوم ولو كان "الغطاء" من البالة فالحاجة له كبيرة!

نبيه بري اطلّ متذاكياً وفي قاموسه الكثير من السجع، فالمفاوض الذي توصل لإتفاق الإطار مع إسرائيل( مسقطاً مع الخط 29 كل النعوت والأوصاف فلم تعد بالعدو الغاصب ولا الغاشم) راح يخبر الناس عن "الغارقين في براثن العبودية والتبعية للخارج". وبعد 30 سنة في رئاسة المجلس النيابي فتح ملفات ما كان ينبغي أن يتم منذ 3 عقود بشأن قانون الإنتخاب واللامركزية الإدارية الموسعة .. وكل ذلك ومع الثروة في البحر تحت رعاية معادلة "جيش وشعب ومقاومة"!

وطوب نفسه جبران زعيماً للكتلة الأكبر التي باتت 18 نائباً بتراجع بين 9 و10 نواب فقط وتراجع كبير في حواصل الأصوات، لكن كمنتصر اعلن أنه إكتشف "كذبة التغيير" وفي الوقت عينه طلب من نواب الثورة الإلتحاق به! حالة الإنفصام تتسع ومع الوقت سيكون مستحيلاً العلاج! عاجز عن إدراك مشكلته مع نفسه أولاً فتنفجر عنده المواهب ويتفوق على محمد رعد! ذمي وشوفيني إلى آخر الزمان!

وتراجعت كتلة المردة إلى نائبين فقط، إنها مسيرة طبيعية، ولا زنب لسليمان أنه لم يكن يعلم فنقل إلى لافروف قبل الإنتخابات أن فريق الممانعة ضمن الأكثرية وقدم نفسه كحصان الرئاسة الرابح!

حزب القوات حقق تقدماً لافتاً بالحواصل، ارتفعت نسبة المقترعين له، لكنه استفاد من "تحالفات" ترسم الكثير من العلامات وارتفعت كتلته النيابية من 15 نائباً إلى 18 فقط، وفي فوزه طعم خسارة لما آل إليه الوضع في قضاء بشري، بسبب القانون الإنتخابي إياه.

والقانون الإنتخابي وصوته "التفضيلي" أحدث العجائب بالنسبة لوليد جنبلاط فمنحه الفوز في مقعدين مثل الحلم: فيصل الصايغ في بيروت وغسان سكاف في البقاع الغربي، ليحافظ على كتلته النيابية رغم تراجع حاد في كتلته الناخبة.

وبعد، صار للثورة كتلة نيابية تمثل اللبنانيين وأفرادها يشبهون المواطن العادي ةليس بينهم أنصاف آلهة ركبوا ع البلد بفضل "قانون العفو عن جرائم الحرب". صار للثورة نواب إكتسحوا في مناطقهم مثل إبراهيم منيمنة مع أكثر من 13 ألف صوت في بيروت، ومارك ضو ونحو12 ألف صوت في عالية والياس جرادة ونحو 9 الاف صوت في مرجعيون وإلى الفوز المبهر الذي حققته نجاة صليبا وحليمة القعقور وفراس حمدان وسواهم.. هناك نصر نوعي حققه مرشح "شمالنا" ميشال الدويهي في زغرتا.

صار للبنانيين كتلة نيابية إخترقت الجدران الطائفية واخترقت أبواب البرلمان التي طالما كانوا افرادها بين من افترشوا ساحاته، أوصلها الناس الذين أدركوا نظافتها وصدق خطابها ووضوحها وقدرتها على المواجهة ورفض الصفقات والمساومات. كتلة نيابية أسقطت كل ودائع النظام الأسدي وأربكت الثنائي المذهبي، وستفرض على جعجع وجنبلاط والجميل إعادة النظر بالكثير الكثير من طروحاتهم! وخاض المعركة من أجل وصولهم، من أجل هذا الإنتصار الهائل والأول من نوعه في تاريخ لبنان ألوف ألوف من الوجوه المحببة وبالأخص الشباب ممن وصلوا الليل بالنهار لتحقيق هذا الإنجاز، فالتهنئة الأولى هي لهؤلاء الذين لن يتوانوا عن ممارسة حقهم في الحساب.

وبعد ، لا أولوية تفوق تنظيم وضع هذه الكتلة الثورية، كل الإمكانات متوفرة والكفاءات الكبيرة موجودة بين الفائزين وكذلك بين المرشحين الذين لم يفوزوا لكنهم تركوا بصمة مميزة وخميرة لافتة، عنيت أمثال علي مراد، وعلي خليفة، وربيع الشاعر، وليال بو موسى وشادن الضعيف وغيرهم.

وبعد البعد، نبيه بري لن تنتخبه الثورة وستقترع ضده فهو المسؤول عن الأوامر التي أعطيت لإطلاق الرصاص والمطاطي على الثوار، ولن تنسى الثورة أصحاب العيون التي فقأها الإجرام، والكل يعرف أن الشظايا ما زالت موجودة في صدر فراس حمدان النائب عن الجنوب وكل لبنان.

للرفاق في كتلة ثورة "17 تشرين" لتكن أولى المهام تمكين بيروت من إستعادة وسطها، بتحرير محيط البرلمان من الأسلاك الشائكة ومن جدران العار التي زنرت البرلمان لإبعاده عن الأعين. بعد اليوم لا كانتونات في وسط بيروت والنواب كل النواب والبرلمان تحت الأعين والمحاسبة اليومية.

قلت في البداية لا بد من وقت لقراءة متأنية للحدث الإنتخابي، وهذا ضروري، لكن لا بد من التنويه بالربح الصافي الذي حققه لبنان مع إبعاد الياس الفرزلي وطلال إرسلان وأسعد حردان وفيصل كرامي ومروان خير الدين وهادي حبيش وزياد اسود ..وجميل طي صفحة الشقيقين سعد وبهاء، وأجمل منه تظهير الحجم الحقيقي لفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي. كم أنت رائعة يا برلمانيات 2022!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح