في صبيحة اليوم ال959 على بدء ثورة الكرامة

إنها المرة الأولى بتاريخ المجلس النيابي اللبناني التي يتم فيها إنتخاب رئيس ونائب له وهيئة مكتب المجلس! ما حدن يفهم غلط، دوماً كان بري في آخر 30 سنة ومعه نائب رئيس وهيئة مكتب، لكن جلسات الإنتخاب كانت شكلية للبصم على توافقات الغرف المغلقة، ولا يبقى سوى صور تقبل التهاني بالإنجاز الكبير!

هذا الحدث ما كان ليتم قبل "17 تشرين" والثورة التي حملت تكتلاً من نواب التغيير إلى البرلمان، عقدوا العزم على حمل صوت الناس وثقتهم وتوقهم إلى قيام مؤسسة تشريع ديموقراطية. لم يستعرضوا ولم يتشاوفوا وقد أوصلهم إلى البرلمان الناخب الأول في لبنان. بكروا بالذهاب إلى المرفأ، وساحة الشهداء وساحة سمير قصير وقصدوا البرلمان مع مواكبة شعبية ليوجهوا رسالة بأنهم سيحملون وجع الناس وهمومهم، ولن يساوموا عليها، وسيواجهون محاولات وأد الحقيقة والعدالة والحقوق!

لغة ثورة "17 تشرين" حملتها أوراق الإقتراع، عندما صوتوا ضد نبيه بري وتحالف الدويلة. في البرلمان الذي ما زال يضم أكثر من نصف النواب الذين وقعوا عريضة العار، ارتفع الصوت مطالباً بالعدالة لضحايا تفجير المرفأ، والعدالة لجرحى شرطة المجلس، والعدالة لمن فقئت عيونهم غدراً،والعدالة للقمان سليم، والعدالة لضحايا قوارب الموت، والعدالة للنساء المغتصبات، والعدالة للمودعين، ومؤكدين أن العدالة رافعة للوطن..وكان يتكرر بري يستمع إلى الكلمات التي اختارها النواب ولم يكن يرغب بسماعها وتلاوتها فجادلوه، ليتراجع ويرد على كل عبارة بملغاة، وتعلو الردود من كل البيوت ستدفعون الثمن!

ويفوز نبيه بري بالولاية السابعة لكن بأكثرية النصف زائداً واحد( 65 صوتاً) وعملياً مع علامة إستلحاق تطلبت من حزب الله ابرام صفقة بين أتباعه، وتبادل الأصوات مع تيار العتمة، ولئن كانت الخشية كبيرة على عودة النبيه فجاءه المدد من الكتلة الجنبلاطية وقدامى المستقبل! ورجح قدامى المستقبل كفة الياس بوصعب( 65 صوتاً)، وهكذا كان إنحيازهم لفريق حزب الله وللتيار العوني! "ماريونات نفذوا ما طلب منهم، وكما اورد الكاتب عماد شدياق"بيجي الشيخ سعد وبيقلك آخر النهار البلد محكوم من الحزب وحلفائه"! بحزم تصرف نواب الثورة وبمرونة في الدورة الثانية عندما منحوا أصواتهم ال13 لمصلحة سكاف، أما الصوت ال65 لأبي صعب فليسأل عنه نائب بقاعي إدعى أنه معارض! والأهم كشفت الجلسة عن هزال في إدارتها، فانبرى النائب حسن فضل الله لتقديم طروحات "دستورية" لتسجيل سابقة للإنقضاض على نتائج إنتخابات الجنوب، وانتفض علي عمار محتجاً على إدارة الجلسة!

2 - صحيح أن أعضاء التكتل ترشحوا لعضوية البرلمان وفق القانون السائد المتصادم مع الدستور والذي مذهب الإنتخابات، لكنهم من لحظة دخولهم أعلنوا رفض الأعراف، ومن موقع المشرعين طرحوا عملياً في أول جلسة الخروج من الوضع الطائفي ووضع المادة 95 على بساط البحث.. أمر لم يطرح على مدار عمر المجالس النيابية كلها!

كان من الصعب على الكتل النيابية التي تعودت المحاصصة، كما الجمهور الواسع خارج البرلمان، الإحاطة كلياً بكل ما حصل. نواب التغيير لم يدخلوا وفي ذهنهم إجراء صفقة أو البحث عن تسوية، هم نواب حملتهم مئات ألوف الأصوات التي نالوها من كل أطياف الشعب اللبناني وليس من زاروب طائفي بعينه، وهاجسهم قلب كل المشهد، وعلى الآخرين أن يتعودوا. لكن في كل قضية تطال قضايا الناس، واستعادة مكانة البلد وقراره الوطني، هم أصحاب أيادٍ ممدودة واستعداد للتعاون ع القطعة. وهم قبضة واحدة ضد المحاصصات التي تتم عادة في الغرف المغلقة ويطلب من المجلس البصم عليها. لقد إنتهى هذا الزمن! وما حدن يخبرنا أنه كان على نواب التغيير أن ينخرطوا مع كتلٍ نيابية من أجل كذا وكيت..، فهم الأوفياء للأمانة التي وضعها الناس في رقابهم، وليسوا ممن يرتضون أن تهبط عليهم تسوية تمت في ليل، إرتأى حُسنِها الزعيم "الفلاني أوالعلتاني" وأن المطلوب منهم التنفيذ والإقتراع بهذا الإتجاه أو ذاك!

3- من ال128 نائباًلا مبالغة بالقول أنه ما اهتم الناس إلاّ بأداء نواب التغيير ال13 وبعض المستقلين والسبب معروف فعلى هؤلاء الرهان، كي يستعيد مجلس النواب دوره فتستعيد المؤسسات أداءها. تابعوهم وهم ينتقلون سيراً على الأقدام من المرفأ إلى المجلس، وقد وجهوا رسالة بأن العدالة لن تطوى ولن تعلق. وطارت إلى كل جهات لبنان والخارج صورة النائب فراس حمدان على درج مجلس النواب، يغطي عينه اليمنى بيده تحية لمئات المناضلين السلميين الذين اقتلعت عيونهم.. ولأن الشجرة المثمرة تستهدف، نعم المثمرة، راح الزباب الآلكتروني لبعض القوى الطائفية يستهدف بعض النواب! إنه "هيي عملة عملتها" يا إبراهيم منيمنة، النائب عن بيروت العاصمة، الذي حلَّ في رأس قائمة نواب السنة، فبدت حملة التهويش والتحريض والتهم التي طالته بمثابة الوجه الآخر لحملة الكراهية التي أطلقها بعض الشيوخ، والتي أعطت النتائج العكسية فالتفت بيروت بكل فئاتها حول من حملت معركته تسمية "بيروت تقاوم مفجريها"!

يبقى أن أصدقاء في الفيحاء نبهوا إلى دور نواب شماليين متعددي الإتجاهات وبينهم بعض قدامى المستقبل وجديده، وباتوا اليوم في موقع الحاشية الجديدة لحزب الله: وليم طوق، محمد يحي، طه ناجي، جهاد الصمد، فراس السلوم، طوني فرنجية، أحمد الخير، محمد سليمان، وليد البعريني، سجيع عطية، أحمد رستم، عبد العزيز الصمد وكريم كبارة.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح