رغم التطور العلمي و التكنولوجي و التقدم الهائل في مختلف دراسات علوم الفلك و الفضاء ،لا يزال يتم اكتشاف اسرار كثيرة و لا يزال العلماء حتى يومنا هذا لا يعرفون اصل الوجود المادي للكون، اي قبل بدءه ( انفجاره) او ( فتقه) و قد كان رتقا قبل ذلك .و لا يزال نص كتاب الله ، القرآن الكريم و آياته يدهشان و يحيران الكثير من علماء الذرة و الفيزياء و الفضاء بدقة وصفه للظواهر الكونية وعلاقتها بمحتوى الآيات الكريمات ما يجعلنا نتأمل عظمة هذا الكون و نسجد لخالقه و نسبح بحمده.
" او لم ير الذين كفروا ان السموات و الارض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا تؤمنون "
فاذا ما علاقة القرآن الكريم بالفكر و العلوم ؟ القرآن الكريم هو كتاب الله المقروء ، و الكون هو كتاب الله المنظور. و هو اعجاز في اللغة و البيان و المضمون و اعجازه يتمثل في شتى المواضيع التي أتى على ذكرها والتي تحيط بمختلف أوجه الحياة بظواهرها و بواطنها من خلال آيات كريمات اجتهد العلماء و رجال الفقه في تفسيرها و تحليلها.
كتاب " بدائع الكون في القرآن الكريم" للدكتور حميد مجول النعيمي ، مدير جامعة الشارقة و رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء و الفلك ، يهدف الى الوصول الى فرضية محددة في النظرة الى الكون ترضي الفقه و العلم على حد سواء ، من خلال ربط الظواهر الكونية بآيات من القرآن الكريم التي تشكل العودة اليها ضمان لسلامة التشخيص في علوم الكون و فيزياء الفلك و الفضاء.
عدد سور كتاب الله ١١٤ سورة ، رصد منها اكثر من ٤٠ سورة اتت على ذكر الكون و ظواهره و محتواه من أجرام سماوية و نجوم و كواكب و مجرات . موضوع كتاب بدائع الكون يبرز علاقة و ترابط آيات كتاب الله بشكل دقيق بنتائج العلوم الفلكية و الفيزيائية التي توصل اليها العلم و العلماء حتى يومنا هذا. و محاولة لسبر كنه هذا الكون الفسيح عبر دراسة الكواكب و النجوم و الأجرام السماوية و تحركاتها و خصائصها الفيزيائية و علاقتها ببعضها البعض و تأثيرها على بعضها البعض. و معرفة نشأتها و تطورها عبر الزمن.
تتجسد عظمة الخالق في اسرار فضاء الكون الفسيح الذي لا يوجد به فراغ ، فهو مليء بالمادة و الطاقة و يعود سبب نشأته قبل ١٣ مليار سنة الى( انفجار كبير) حصل للمادة و الطاقة المكدسة في كتلته فتحولت الى أشلاء كونية من غاز و دخان و اتربة على شكل ذرات و منها انبثقت او ولدت النجوم و الكواكب و الاقمار و الأجرام السماوية. و يعتقد ان الكون المرئي الذي يشكل ٥% فقط من الكون الحقيقي ، هو احد سبعة اكوان او سبع سماوات لان الله اشار الى( سبع سماوات) في عدد من الايات الكريمات . و يعتقد ان الكون في حالة تمدد و توسع مستمر ، الى حين الوصول الى ذروة تمدده حينها قد يحصل الفناء او العودة الى ( الرتق الكبير) اي الى ما قبل الانفجار الكبير الذي سبب نشوءه.
و فناء الكون هو موت النجوم و الاقمار و تحولها الى ثقوب سوداء بعد ان تستنفد وقودها ، فتخبو و تنطفىء و تتهاوى على نفسها نحو المركز حيث تتجمع طاقتها و تكبر جاذبيتها فتصبح ثقوبا سوداء تبتلع و تشفط كل ما يحيط بها .
"صنع الله الذي اتقن كل شيء انه خبير بما تفعلون "
أبدع الخالق في تكوين نظام حياة على سطح الارض و جعلها صالحة لحياة البشر و لجميع الكائنات الحية . فالارض سواها و جعل موقعها مميز في المجموعة الشمسية من حيث بعدها عن الشمس و تبعية القمر لها و من حيث غلافها الجوي الذي يحميها من الاشعة الضارة و الرياح الشمسية الحارقة ، و من ارتطام الشهب و النيازك التي تجول و تسبح في الفضاء.
" و الله جعل مما خلق ظلالا و جعل لكم سرابيل تقيكم الحر و سرابيل تقيكم بأسكم"
كما أبدع الخالق في خلق نظام دقيق تسير وفقه كل المجرات و النجوم و الكواكب في تناغم مدهش و انتظام لا يتغير و لا يتبدل على مر ملايين السنين . فأتقن الصنع و الخلق سبحانه تعالى .
السماء هي بناء ، سقف مرفوع مزين بالمصابيح التي هي النجوم و الكواكب .
ناقش الكتاب الكريم كروية الارض رغم الآية التي تقول " والارض كيف سطحت " و بين ان مدى رؤية العين المجردة محدودة جدا مقارنة بسعة الارض فلذلك تقوسها لا يمكن ان يظهر للرائي. و ان الشمس تدور حول مركز المجرة و تدور معها مجموعتها الشمسية من الكواكب و النجوم . لذلك نرى ان الشمس ثابتة لا تتحرك لكنها نجم سابح في الفضاء .
يدعو القرآن الكريم الى التفكر و التفكير، و قد وردت هذه الآية عدة مرات في عدة سور :
" ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " .
يأخذنا كتاب " بدائع الكون في القران الكريم " في جولة شيقة و ممتعة في رحاب الفضاء الشائع و علوم الفلك . انه دعوة للإيمان بالعلم و المعرفة التي تؤدي بدورها الى الإيمان و التفكر بعظمة الخالق و تمجيد قدرته و لكي نتقرب منه اكثر و نعبده حق عبادته.
فراس بو حاطوم