في صبيحة اليوم 967و968 على بدء ثورة الكرامة

كل ما يجري أمام أعين الناس أو في الخفاء، يهدف إلى الإنقلاب على رغبات اللبنانيين وسعيهم لإنتشال البلد من الحضيض الذي دفع إليه. يظنون أنه سهل القفز فوق وقائع ومنحى ما برز في الإنتخابات فيذهبون إلى خطوات من شأنها التأثير السلبي على العمل التشريعي من جهة وتثبيت منحى تقديم فاسدين معاقبين دولياً وملاحقين من القضاء وخصوصا في جريمة تفجير المرفا في مواقع مفصلية..بالتزامن يواصلون السير في مخطط تفجير مستقبل البلد، ومنع قيامته، ومنع لبنان من أن يكون دولة تمتلك الثروة والقدرة.

لقد فرّطوا بالسيادة والثروة وأوغلوا في إرتكاب فضيحة وطنية عندما امتنعوا عن تعديل المرسوم 6433 الذي يضمن حق لبنان بمياهه وغازه ونفطه. مسؤولية رئيس الجمهورية وحكومة "الثورة المضادة" كبيرة، وكذلك بقية الفريق المتسلط كحزب الله وحركة أمل، ولا ينفع تهديد نصرالله بمنع إسرائيل من إستخراج الغاز من "حقل كاريش"، وإستسهال إنزلاق لبنان في مغامرات إنتحارية، فالطريق الأضمن يكون بالتخلي عن صفقة التراجع عن تثبيت الخط القانوني 29، والخروج من تهديد اللبنانيين بأن ذلك سيؤدي إلى الحرب كما زعم الياس بوصعب! أو حتى "شبعا" بحرية!

إن تثبيت الحق سيعطل قيام إسرائيل بالتنقيب واستخراج الغاز، لأنه ما من شركة دولية ستعمل في منطقة يدور نزاع بشأنها! ومن شأن ذلك تعجيل المفاوضات الجدية بشأن الترسيم، ويكون لبنان في موقع القوة إستناداً إلى القوانين الدولية للمطالبة بحقوقه.. كما سيعرقل تثبيت الحقوق تحاصص الثروة وتقاسمها!

عندما قرر مجلس الوزراء في 5 أيار الماضي إرجاء التنقيب 3 سنوات، أثبت أن أولوية "تحالف كاريش" منح إسرائيل كل الوقت لكي تشفط نفطنا وغازنا، فيما لبنان بأشد الحاجة لثروته.. ومعروف أن السقف الزمني ليس مفتوحاً للإستفادة من هذه الثروة، لأن الحرب الروسية الإجرامية على أوكرانيا أطلقت سباقاً دولياًعنوانه تنشيط البحث عن الطاقة البديلة. إن التأخير المتكرر يطعن المصلحة الوطنية!

وفيما من هم في المقرات الرسمية يراهنون على الترياق من زيارة أموس هوكشتاين، أطل نصرالله ليوجه خطاباً حمل الكثير من الرسائل، لكنه واقعياً آثر منح رئيس الجمهورية ميشال عون الضوء الأخضر للمضي في التفاوض مع شطب الخط 29 عن الخريطة، لأن الداعين إلى إعتماد هذا الخط يقدمون للناس "توقعات غير واقعية" كما يقول نصرالله! الذي أكد كذلك أن الوقت ليس في صالح لبنان، وخبّرنا عن الجهوزية العسكرية لإستهداف سفينة التنقيب داعيا اللبنانيين إلى الإستعداد لكل الخيارات!

هذا المنحى بالغ الخطورة وحماية لبنان وحقوقه ممكنة ومطلوبة بتحصين موقفه القانوني والتركيز على وحدة اللبنانيين حول سيادة البلد وحقوقه، وخلف جيشه، فيكون لبنان في موقع القوة للحفاظ على الثروة. وما حدن يحدثنا عن القدرة العسكرية لحزب الله وأي خطوة قد تزج لبنان في حربٍ مع العدو الإسرائيلي، لأن قرار الذهاب هذه الوجهة ليس في الضاحية الجنوبية بل في طهران ولخدمة مصالح طهران، فكل الحروب التي ذهب إليها حزب الله بعد العام 2000 جرّت المآسي على لبنان ولم تخدم شعبه ومصالحه.

لا يملك لبنان ترف الوقت، لأن العدو إن بدأ إستخراج الغاز بعد 3 أشهر، يكون لبنان خسر الدنيا والآخرة، لأنه يستحيل إذاك قبول إيداع مرسوم التعديل، والتهديد بالعمل العسكري يضع لبنان فضلاً عن أنه يضع لبنان في موقع الدولة المعتدية والمارقة، لن يضمن الحقوق بل سيتسبب بإنهيار كامل للسلطة وتجويف المتبقي من مؤسسات البلد.

التلويح بجهوزية حزب الله العسكرية حملت رداً إسرائيلياً تمثل بتحليق ليلي مكثف للطيران الإسرائيلي بلغ العاصمة، فيما كان ليبرمان يعلن :"لن يملي علينا أحد إذا ما كنا سنستخرج الغاز والنفط من مياهنا أم لا"! وفيما بدا لافتاً حديث رئيس الجمهورية عن دوره في التفاوض لترسيم الحدو الذي يندرج ضمن صلاحيات الرئاسة إستناداً إلى المادة 25 من الدستور، فإن الموقف اللبناني ينطلق من التنازل كلية عن حصة لبنان ب"حقل كاريش" ويركز على تثبيت الخط 23 وتثبيت حق لبنان ب"حقل قانا"، علماً أن هذا التنازل قد تستغله تل أبيب لفتح مزايدة تلزيم البلوك 72 ما سيؤدي لفقدان قانا بعد كاريش!

2- وبعد، لا مؤشرات جدية عن الدعوة لإستشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة، رغم الحاجة الماسة لذلك، وكل ما يروج من تحضير وإستعداد غير مفيد، طالما أنه لم يقترن بالدعوة للإستشارات، فما يتردد أنهم خلف الكواليس يواجهون إصرار باسيل على الإحتفاظ بوزارة الطاقة ما يعني المضي في تكرار المخطط المدمر السعي للتأليف قبل التكليف!

هنا ينبغي الإشارة إلى تحول برز في ميزان القوى في مجلس النواب بعد الإنتخابات، تمثل في إقدام مجموعة نيابية (8 نواب من الشمال وبيروت) محسوبة عموماً على سعد الحريري، على الإلتحاق بفريق الثامن من آذار، ما يعني أن أكثرية من 65 نائباً باتت في حضن حزب الله.. وهذا العامل كان واضح التأثير في إنتخابات اللجان النيابية التي أصبحت تخضع لأكثرية عددية ممانعة، الأمر الذي سيترك الكثير من التداعيات السلبية على التشريع، وعلى الإستحقاقات الآتية، من تأليف حكومة جديدة إلى إستحقاق رئاسة الجمهورية.. ويطرح هذا الواقع الأسئلة الخطيرة حول رهانات سعد الحريري وقد تحول إلى حصان طروادة يستخدم ضد المصلحة الوطنية اللبنانية!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح