في صبيحة اليوم ال971 على بدء ثورة الكرامة

العنوان الرسمي اليوم بلورة موقف موحد يجب أن يتم إبلاغه إلى آموس هوكشتاسن، لكن بعد الإستماع إلى "الوسيط" الأميركي، ربما أضاف "تحسينات" على الإقتراح الذي حمله في زيارته السابقة..والموقف الموحد ليس إعتماد الخط 29 وفق المطالبات الواسعة بذلك، إستناداً إلى معطيات قانونية قوية، بل هو الخط 23 مع "الضمانات" لأن يكون "حقل قانا" الذي يتجاوز الخط 23 نحو الجنوب خارج أي مساومة، مقابل تخلٍ لبناني كامل عن أي حق ب"حقل كاريش" حيث تتوالى الخطوات الميدانية الإسرائيلية لبدء ضخ الغاز في فترة لا تتجاوز 3 أشهر!

زيارة هوكشتاين تتزامن مع حماوة لافتة أحيطت بها، ويتم الترويج لمعطيات تحمل التخويف والترهيب، من أن فشل جولة الوساطة الجديدة في حسم مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ستفتح باب الجحيم على لبنان. إذ تصاعدت التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، وفيما تقول الأولى أنها ستقذف إسرائيل إلى البحر إن ارتكبت الأخيرة الأخطاء(..) لفت الإنتباه حجم الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق فبات خارج الخدمة كلياً، وتقول تل أبيب أنها عطلت إستخدامه بعدما تحول إلى قاعدة لنقل الصواريخ والأسلحة من طهران إلى سوريا ولبنان(..)

لكن الأمر اللافت تمثل في التهديدات التي أطلقها رئيس الأركان الإسرائيلية، وجزء منها مرتبط بالجهوزية التي أعلنت في تل أبيب لحماية التنقيب، وتلت التهديد الصريح من جانب نصرالله باستهداف عملية التنقيب، وجاء فيها أن الجيش الإسرائيلي لا يستبعد فرضية "إندلاع حرب" واسعة، ليوجه التهديد للبنان من أن الحرب "ستشهد قصفاً مدمراً واسعاً" بغية "تدمير آلاف الأهداف في لبنان من بينها مقرات قيادة ومنظومات صواريخ". وأضاف أن "كل ذلك سيتم ضربه في دولة لبنان"، وأردف: "قوة الهجوم ستكون غير مسبوقة وأنصح اللبنانيين بمغادرة المناطق التي سنستهدفها".

2- بعد نحو الشهر على الإنتخابات وتلكؤ بعبدا عن الدعوة لإستشارات نيابية ملزمة وفق الدستور، لإيجاد حكومة إنقاذ حقيقية قادرة على إتخاذ القرارات التي تكبح الإنهيار، وتحمي الحد الأدنى لتوفير عيش المواطنين، تستمر حالة سوريالية سداها ولحمتها، تمكين جبران باسيل في الأشهر القليلة المتبقية من عهد الإنهيار وأخذ اللبنانيين إلى الجحيم، من فرض كل ما لم يتمكن من إملائه كل السنوات الماضية. فقد برز بقوة منحى المقايضة بين المكلف والتعهد المسبق بإطاحة قائد الجيش جوزف عون وحاكم المركزي رياض سلامة وتعيين بدلاء يدينون بالولاء والطاعة للصهر المدلل.

كل الأحاديث الحقيقية تؤكد أن عون يسعى لتوافق على التشكيل قبل التكليف، ويريد أن يحسم من هي الشخصية السياسية التي ستكلف قبل الإستشارات الملزمة، لتكرس الإستشارات فرض دفتر شروطه. أمران برزا في السياق، أولهما ما تولى "بخّه" باسيل في إطلالة متلفزة له أمس وما يواصل "بخّه" بوصعب ضد الجيش. والمشترك بينهما ما يعتقدان أن من شأنه إزاحة عقبات تحول دون وصول باسيل إلى بعبدا.

الصهر الذي يقدم نفسه كمسهل لمسعى "الوساطة" الأميركية، وهو من روّج للترسيم "تحت الماء" وفق ما طرحه هوكشتاين، يريد تسوية بثمن ينعكس على المرحلة اللاحقة التي تخدم الأجندة العونية التمدد في بعبدا!! وأبرز العناوين حرق أوراق قائد الجيش، الذي يحمله التيار العوني مسؤولية التصعيد للتمسك بالخط 29. مع العلم أن الجيش تمسك بمقولة: أنجزنا دورنا المتعلق بالشق التقني فيما قرار الترسيم يعود إلى الجهات السياسية فهي الجانب المسؤول..، يواصل بوصعب التصويب على رئيس الفريق العسكري التقني وأعضاء الفريق الذين يتلقون تعليماتهم من القائد(..) بالتوازي اتهم باسيل ميقاتي بأنه ينصاع ل"الإرادة الخارجية في حرمان لبنان من ثروته النفطية"(..) وركز على رفض تكليفه لأنه "فقد شرعيته مع سقوط لائحته في الإنتخابات"، ولأن "مصالحه الخارجية أكبر من مصالحه الداخلية"، ولأنه لا يحمي حاكم مصرف لبنان "بقدر ما يحمي نفسه، لأن التحقيق الخارجي والداخلي بشأن سلامة، سيشمل رؤساء حكومات سابقين وسياسيين ضالعين في تركيب الطرابيش والإستفادة من مغانم الهندسات المالية والأسهم في البنوك"!

3- وبعد، من نكد الدهر أن يُنكب شعبنا الطيب بكل هذه المافيا المرتهنة والمرتبطة والتابعة التي فقدت أهليتها وصلاحيتها الوطنية. مافيا تحكم البلد بالبدع، جاهزة للتنكر لحقوقه وتبديد ثرواته كما بددت مقدرات موجودة وودائع المواطنين وغطت جريمة تفجير المرفأ وحمت المدعى عليهم بالجناية. كل ما تقوم به مناورات لا تأخذ بعين الإعتبار تمدد خريطة الجوع وإتساع المذلة، وتحدي إرادة الناخبين التي قلبت الكثير من المشهد السابق، فيتصرفون وكأن الإنتخابات لم تكن، وكأن قوى جديدة لم تدخل البرلمان ولم تتبلور قوة شعبية كبيرة بوجه تحالف الموت..منهم من يقرر خططاً حربية ضارباً عرض الحائط بالمصلحة الوطنية والدور المنوط حصراً بالسلطة الرسمية،ولا هم له ولو أنها تهدد بالقضاء على المتبقي من الأخضر، فيما بديلها تعديل المرسوم الخطير 6433 لحماية لبنان بوضعه تحت مظلة القانون الدولي.. ومنهم من يوالي في مطابخ التسلط ، من بعبدا إلى آخر مطبخ، السعي إلى تركيبة حكومية تخدم أهدافه الخاصة التي لم تكن يوماً أهداف اللبنانيين!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح