في صبيحة اليوم ال973 على بدء ثورة الكرامة
الرد اللبناني الشفهي كرّس التنازل عن ترسيم الخط 29، خط السيادة اللبنانية وخط الحقوق وخط الثروة التي تعود لكل اللبنانيين! وحمل هذا الرد الشفهي رضوخاً لبنانياً شاملاً ،أمام الموفد الأميركي الذي أبلغهم عليكم تقديم شيء لإسرائيل حتى يتم السير بالترسيم البحري! وأن عليكم إبتداع ما هو "خلاق" من الأفكار التي يمكن الإتفاق عليها! وأبلغ هوكشتين مفاوضيه "إن امتن الملفات للبنان هو ما يمكن أن ينجح"، و"الإقلاع عن التفكير بما هو قانوني"، كي تحصلوا على ما ليس بين أيديكم اليوم؟
الموقف الذي أبلغه عون ل"الوسيط" آموس هوكشتين، قام على المطالبة بكامل الخط 23 و"حقل قانا" كاملاً، فكرس التنازل عن "حقل كاريش" لإسرائيل، وهو الحقل الذي ثبت حتى الآن أنه حقل الثروة، وكذلك التنازل عن الحق بالتنقيب في كل المنطقة البحرية بين الخطين 23 و29!
وحتى يكون واضحاً إن التفريط بالسيادة اللبنانية والثروة الذي تولى الترويج له باسيل، لا يقتصر على الثلاثي المفاوض عون وبري وميقاتي، بل يشمل أساساً حزب الله وجنبلاط وفرنجية ولا يعارضه جعجع ولا الجميل ولا الكومبارس النيابي، وأدعياء "سيادة" لم يكتفوا بغرس رأسهم في الرمال، بل هاجموا المطالبين باعتماد الخط القانوني 29 واتهموهم أنهم واجهة تخطيط حزب الله من أجل "مزارع شبعا بحرية"، كأن المصلحة الإيرانية عندما تقتضي يعجز حزب الله عن إيجاد الذرائع، "سياديون" تويتريون آخر زمن!
مرة أخرى لا ثقة بالمتسلطين، لا أركان المفاوضات ولا حزب الله الذي تنحصر أهدافه بتحقيق مصالح طهران ومشروعها، ولا ضمانات حتى بأن التنازل سيقبل به العدو الإسرئيلي مع غياب أي إشارة عن مصير البلوك رقم8، المفترض أن تمر عبره خطوط الغاز الإسرائيلي المصري نحو أوروبا، وهو الأمر الذي يستعجله الإتحاد الأوروبي وواشنطن لإستبدال الغاز الروسي والمضي بحرب العقوبات مع إتساع الحرب الروسية على أوكرانيا!
2- الثابت هو التنازل عن السيادة كمحاولة لتفادي العقوبات التي تستخدمها أميركا في أحيان كثيرة "غب الطلب"، والثابت أيضاً أن من الهواجس لدى أركان نظام المحاصصة القبول بهم دولياً على فسادهم وأدائهم ومعروف أن الإهتمام الخارجي بلبنان لا يتعدى بعض الإبر التنشيطية كي يستمر البلد يتنفس ولو بسرير العناية الفائقة!
ستبقى الإقتراحات الرسمية ساقطة لن يتم تبنها شعبياً، والأغلب أن نواب "17 تشرين" سيتابعون عبر المجلس النيابي حقوق لبنان والدفاع عن سيادته وثروات أجياله، ولن يتأخر زمن مساءلة الذين يتخلون اليوم عن السيادة وثروات تقدر بمئات مليارات الدولارت! والموقف الرافض للتنازل والرضوخ لا ينطلق من فراغ بل من متانة قانونية، أعاد التذكير بها د. عصام خليفة الذي أعلن في كتابٍ مفتوح أن "الخط 23 خط وهمي غير علمي وغير قانوني ولا ينطلق من الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، بل ينطلق من نقطة تبعد 30 متراً إلى الشمال من رأس الناقورة، المثبتة كحدودٍ برية في القرار 318 عام 1920، وفي إتفاقية 23 كانون الأوب عام 1920، وفي إتفاقية "بوليه نيوكمب" في 7 ىذار عام 1923، وفي عصبة الأمم المتحدة في 4 شباط 1924، وفي إتفاق الهدنة لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في 23 آذار عام 1949".
3- بالتزامن تتوالى "الإنجازات" نكبات تسقط على رأس المواطن اللبناني. فصفيحة البنزين لامست ال700 ألف ليرة، والدولرة آتية، وسيكون الكثير من اللبنانين أمام حتمية الإستغناء عن إستخدام الغاز المنزلي، فيما ستبور الأراضي مع الإرتفاع الشديد بسعر المازوت، وستتضاعف الأسعار أكثر فأكثر، مع الإرتفاع الدراماتيكي بسعر صرف الدولار الذي عاد يلامس ال30 ألف ليرة ولا سقف ولا كوابح، بعدما أهدر المصرف المركزي مليارات الدولارات هي ودائع للناس على محاولة تثبيت وهمي لسعر.. والحصيلة هذا الإنهيار ومعه إنهارت "منصة صيرفة"!
يبدأ الحل بالكهرباء، بغقفال مغارة علي بابا، وبتأمين التيار الكهربائي الشرط الشارط لفتح إمكانات عمل وكبح جانب أساسي من الإنهيار. وإذا كان ميقاتي يكرر أن القضية قرار وسهلة ونسي أنه صاحب القرار كرئيس حكومة فينبغي مساءلته لأنه يتحمل المسؤولية كفريق وزراء العتمة وقد بات أكثرهم يتمتع بالحصانة النيابية.. لكنهم لا يبحثون عن الحلول بل يمعنون في سياسة الإرتهان والإحتماء ببندقية لا شرعية ، ليستمر العهد العوني في تعطيل الإستحقاقات الدستورية!
وسط كل هذا الإنهيار والتردي والعوز والمجاعة، حكومة مستقلة كما يطالب نواب الثورة هي وحدها ما يمنح البلد الأمل، فيما اولوية المتسلطين المحاصصة والتوافق على التأليف قبل التكليف، فمر شهر كامل على إجراء الإنتخابات ولم تتم الدعوة للإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف!
إنها اللحظة للتوجه إلى الناس والفعاليات والحيثيات المدينية والمناطقية، فمع وجود 13 نائباً ممثلين لثورة تشرين، أوصلتهم إلى البرلمان موجة شعبية عابرة للمناطق والطوائف، آن أوان اطلاق سبل قيام "الكتلة التاريخية" التي تلتف حول نواب الثورة، للدفاع عن السيادة والإستقلال والثروة، ولاستعادة الحقوق وحماية حق اللبنانيين بعيش كريم، حقهم بالعمل والتعليم والإستشفاء، وحقهم باستعادة لبنان المكان الآمن للعيش وليس رصيف هجرة طارداً للكفاءات والشباب!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب: الصحافي حنا صالح