في صبيحة اليوم ال976 على بدء ثورة الكرامة.
مفهوم أن يستمر التبرم وسط جمهور ثورة "17 تشرين"، وتتعدد مواقف الرفض والإدانة للحديث الذي أدلت به النائبة عن الثورة نجاة عون، التي، مع كل التوضيحات، جانبت الإعتذار عما وقعت به ولم تسهل طي هذه الصفحة.
الأكيد أن قوى "17 تشرين" بغناها وتنوعها وإنتشارها على إمتداد الجغرافيا اللبنانية، سترفع سيف المحاسبة كل يوم بوجه من حملتهم إلى البرلمان ممثلين لأعمق ثورة عرفها لبنان، ثورة مستمرة بأشكالٍ مختلفة حتى إنجاز مهام التغيير، لا تمنعها صعوبات ولا تردها تحديات، والذين لم يستأذنوا يوم "17 تشرين" 2019 وحملوا الهواء النظيف، عاودوا الفعلة نفسها يوم 15 أيار 2022!
لذلك كله، وبمعزل عن إتاحة الفرصة لمتسلقين وأبواق ومنصات صوتية، ممن فاتهم القطار لأن الواقع كشفهم، إلى حاقدين ووجوه من القوى الطائفية والتابعة للصيد في هذا الخطأ، ينبغي التأكيد أن أي موقف من شأنه تبرئة رموز نظام حماية الفارين من وجه العدالة، رموز نظام القتل والنهب والإلتحاق، لا يمكن التسامح مع مطلقه أياً كان، لأنه ببساطة يتعارض مع قيم النزاهة التي حملتها الثورة، ويتصادم مع آمال اللبنانيين، ليس فقط 330 الف لبنانية ولبناني كسروا المحرمات وصبوا أصواتهم للوائح الثورة في تصويت عقابي غير مسبوق، بل وكذلك مئات الألوف الآخرين الذين غطوا ساحات تشرين، وإن لم ينتقلوا في برلمانيات 2022 إلى فعل التصويت العقابي.
واليوم التحديات كبيرة على عاتق نواب الثورة، عشية الإستشارات النيابية الملزمة، لتكليف شخصية سياسية لتأليف أول الحكومات بعد الإنتخابات، التي ستقود عملية الإستحقاق الدستوري لإنتخاب رئيس جديد يطوي صفحة عهد العتمة وانتهاك الكرامات بدفع البلد إلى الجحيم، وارتهان الرئاسة لتغطية السلاح خارج الشرعية وتغول الدويلة على الدولة، وتسليم قرار البلد إلى حزب الله، الذي ينفذ أجندة ملالي طهران. الخطأ ممنوع وكل الأعين مصوبة على الخيارات التي سيعتمدها النواب ال13، ومن الطبيعي وجود إختلافٍ في التوجه والتقييم، لكن كمٌ كبير للتلاقي يجمع النواب ال13 حول البرنامج البديل لإنتشال البلد، والتوافق على الرؤية التي يحملها من سيتم ترشيحه، وكذلك المهام وفق الأولويات أمام الحكومة الجديدة، وأولها شبكة أمان تحمي حياة الناس، ووقف إذلال المواطن بحرمانه أقل حقوقه!
في مناسبات عديدة لم تتوقف بعد، يتم إستهداف نواب الثورة والتصويب عليهم والتجني على مواقفهم، وليس في الأمر ما هو مستغرب، فهم النموذج النظيف للعمل السياسي. أربك وصولهم كل الآخرين فخرجت الأفاعي من جحورها. لغة جديدة بدأت تتردد ومفاهيم مختلفة وُضِعت أمام الناس، رغم التعمية التي يمارسها إعلام فاسد تابع، وتناول جديد للوضع رغم الإنهيارات.. والبديل عن الأصوات المرتفعة التي امتطت منصات وسائل التواصل كي "تحرر" البلد من الإحتلال الإيراني، كان هناك من يحفر بالإبرة لإنجاز المعادلة المختلفة، بين ضرورة وحتمية حصرية كل السلاح بيد السلطة والقوى العسكرية الشرعية، وبين الوجه الآخر لميدالية الرداءة بامتياز لكل الطبقة السياسية: إسقاط نظام المحاصصة الغنائمي المولد للفساد والإرتهان، الذي غطى المنهبة، لا بل نظمها، في جريمة لم يعرف مثيل لها قبل اليوم أي بلد تحت الشمس.
تكتل نواب ثورة تشرين، يواجه الآن كم كبير من التحديات، أولها التوجه كتكتل إلى الإستشارات النيابية الملزمة، عارضاً بشكلٍ مسبق برنامجه الإنقاذي، مع تبني الترشيح المناسب لمن بوسعه الدفاع عن السيادة والإستقلال وهموم البلدومصالحه وحقوق أهله..مرشح يلقى دعم اللبنانيين، وليكن ما يكن، ليفضح طرح نواب الثورة المنحى الخطير السائد، وهو أن مافيا التسلط تخوض معركة حكومة محاصصة طائفية مذهبية، تكون البديل عن إنتخاب رئيس للجمهورية، في نهج خطير يستهدف تعميق الإنهيارات وتأبيد الفراغ، ما من شأنه تسهيل إستكمال وقوع البلد واستتباعه لمحور الممانعة الذي تقوده طهران.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب: الصحافي حنا صالح