في صبيحة اليوم ال980 و981 على بدء ثورة الكرامة.

"يمكن فعل الكثير بالحربة إلاّ الجلوس عليها"!

هذا القول المأثور هو لتاليران ويعرفه بالتأكيد كل حملة الأختام، وبالأخص كل الذين إمتطوا صهوة "تويتر" وفايسبوك" وأعلنوا القتال بشراسة للإحتلال الإيراني، وفي المنعطفات انكشفت الحقائق وها هم في مقدمة الصفوف في حماية خيارات الثنائي المذهبي كحماية بقاء أبرز ممثل للكارتل المصرفي في السراي الحكومي، وهو صاحب الملفات القضائية المفتوحة في موناكو وغيرها بتهم الإثراء غير المشروع وتبيض الأموال!

من الآخر نجيب ميقاتي، مرشح المحور المذهبي أمل وحزب الله ويقال أنه يحوز غطاء غربياً، فرنسياً مليئاً بالرقع بعد الإنتخابات الفرنسية، سيكلف تأليف الحكومة الجديدة بأكثرية هشة لترؤس حكومة إن تألفت لن تحكم، وسيكون دورها الفعلي الغطاء لإدارة "معركة" تعيين رئيس جديد لجمهورية مخطوفة بالسلاح والفساد، فتبقى الرئاسة مجرد غطاء لحزب الله، الذي لا مصلحة له بالإمساك المباشر بدفة الأمور طالما أنه من يحرك من الخلف كل الخيوط!

وبعد، كل ورقة بيضاء بعد الإنتخابات النيابية وما شهدته من رغبة جارفة بتغيير الوضع، هي خيانة لأمانة أودعها المقترع لدى من إنتخب، وهي تنكر لأمال المقترع بأنه إنتخب من سيقاتل دفاعاً عن مصالحه كمواطن تعرض للإذلال وانتهكت مصالحه وكرامته. وكل ورقة بيضاء اليوم هي إقتراع لمرشح حزب الله وأمل وكارتل المصارف والجهات المتسلطة التي استباحت السيادة وتلاعبت بالرغيف وحبة الدواء!

المقترعون صوتوا لمن إعتقدوا أنهم سيخوضون المواجهة النيابية دفاعاً عن خيار الناس، والورقة البيضاء في رئاسة الحكومة هي إلغاء لأصوات المقترعين وتعني أن صاحبها لا يريد رئاسة حكومة فما هذا العبث؟ في السياسة، وفي بلد يواجه كل هذا الإنهيار والإذلال والإنتهاك، لا مكان للجدل العقيم، فالمعارك تخاض باختيار أدواتها! وكل من خاض الإنتخابات وفق شعارات تنطلق من أن هذه الإنتخابات ستكون نقطة البداية لتغيير الحياة السياسية لا يحق له أمام ناخبيه الإستنكاف واعتبار الإستحقاق الرئاسي هو الذي سيغير، فأمام الأهوال اللاحقة بحياة اللبنانيين لا مجال للترف، فالوقت المهدور سيف يقطع أعناق الناس، التي لن يفوتها أي شكل من ممارسات الغطرسة والإستخفاف!

قد لا يكون السفير نواف سلام المثالي وأفضل الأفضل، لكن صبّ الأصوات له كان سيشكل جرحاً غائراً للدويلة ونهج التسلط والإرتهان. لقد خبرنا رئيس حزب القوات أنه لم يجد المواصفات لا عند ميقاتي ولا عند سلام، لكن التحليل غمز من قناة السفير سلام الذي "لم نلمس منه نية جدية في تحمل المسؤولية ولم يحضر إلى لبنان سوى مراتٍ قليلة نجهل فيها بمن إجتمع أو التقى..نحن لم نلمس أي نية أو رغبة لديه، وفي حال كانت متوافرة لا نعرف عنها شيئاً ولا عن خططه العملية كما نجهل موقفه من بعض الأمور"! في السياق كان حزب القوات يعرف الشاردة والواردة عن ميشال عون مرشح حزب الله الوحيد للرئاسة فانتخبه بعد مشهدية معراب الشهيرة، وخبّرنا أن عملية الإنتخاب"صناعة لبنانية"؟ أما لماذا وكيف رشح سلام في العام 2020 فالأمر بحاجة للإجابات.

وإذا لم يكن هناك من داعٍ للتوقف عند ما تفوه به الثنائي الصنديد أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، فواحد بدو مرشح شرس والثاني يريد من يكون قد عاش مع أهلنا في بيروت، وعليه ليستمر ميقاتي، مرشح الثنائي المذهبي حزب الله وحركة أمل، والأكيد أيضاً بعض نواب بيروت وعكار، ممن هم على خانة الحريري كتأكيد على الإلتحاق بحزب الله.. فإن مسؤولية كبرى ملقاة على عاتق نواب الثورة الذين يحملون أمانة أكثر من 330 ألف ناخب!

أنتم ال13 نواب ثورة تشرين تمثلون في هذه اللحظة آمال الناس، من إقترع لكم، ومن تأسف لأنه لم يقترع لكم وكان مربكاً. الناس كسروا كل المحرمات وتجاوزوا التحديات عندما وضعوا لوائح الثورة ومنحوكم تأيداً كثيفاً، فلا تكسروا خياراتهم وأنتم أمام تحدي نجاح التجربة. هم كان بوسعهم أن يقترعوا بالبيضاء كي يقال أنهم ضد الفاجرين، لكنهم أبوا وقبلوا التحدي..وليكن مفهوماً أن الورقة البيضاء إستسلام وسقوط وقبول ب"الخيار" الذي يفرضه حزب الله!

في كل النقاشات الطويلة المفهومة التي قمتم بها، كان خيار تسمية نواف سلام على الطاولة، ونال على الدوام أكثرية أصواتكم، وفريق منكم رشحه رغم تحفظات بعضها شكلي، وشكل هذا الخيار عنواناً للمواجهة التي أربكت التحالف المافياوي، وأسقطت أوراق التين عن الوجوه عندما فجرت العديد من التناقضات، فلا تضيعوا فرصة الإنجاز الكبير الذي يسجل في خانة نواب الثورة ولمصلحة اللبنانيين التواقين لتغيير حقيقي…أنتم أجريتم حوارات طويلة مع سلام المعروف عنه التمسك بتأليف حكومة من مستقلين لا تسميهم أحزاب السلطة، لأنه معني بتقديم طابع تغييري، إنسجاماً مع مرحلة ما بعد الإنتخابات. كما ليس سرا انه يمتلك مشروعاً ورؤية واضحة للمرحلة المقبلة في حال تكليفه تشكيل الحكومة، وأن تصوره للتشكيلة الحكومية وآلية عمل الحكومة واضحة المعالم.

2- ما العلاقة بين توقيع اتفاق الغاز مع مصر والكهرباء مع الأردن والموافقة من جانب سوريا في توقيته مع التخلي الرسمي عن السيادة والثورة بالتنازل عن الخط 29؟ الأيام ستقدم الأجوبة، والأكيد فإن مصر ما كانت لتوقع دون التأكد من أن واشنطن ستمنح إعفاء من عقوبات قانون قيصر. طبعاً المسار في بدايته لتأمين البنك الدولي قرضاً ميسراً ب 300 مليون دولار تكلفة السنة الأولى ..لكن لا معطيات جدية بعد متى يبدأ الضخ ومتى يمكن رفع ساعات التغزية إلى نحو 6 ساعات يوميا؟

3- رياض سلامة كان نجم الشاشة الصغيرة، ضيف ثقيل على البيوت وكأنه شخص آخر غير سلامة الملاحق أمام القضاء الدولي بتهم تبيض الأموال والإثراء غير المشروع والمدعى عليه في لبنان، والمسؤول الأبرز عن تنفيذ مخطط إجرامي أدى إلى تبديد الودائع بعد إستهلاك أموال مصرف لبنان! ف"مادوف" لبنان، يعرف أنه تحت حماية الجهات الأفعل في السلطة، والحملات عليه زوبعة في فنجان، وبقائه يغطي الكثير من أفعاله! و"مادوف" لبنان يوزع "الإهتمام" بالعدل والقسطاس، فلمن كان يظن أنه "صديق" صدوق ل"المر تي في" والأخوين غانم، أثبت بالأمس أنه كذلك "صديق" قناة "آل بي سي"!هزلت!

4- ما جرى في مجدل العاقورة معيب وشائن ورهيب. "عمال نصف عراة، رأس البطاطا في أفواههم، والصفعات على وجوههم وآثار الجلد على أجسامهم" كتبت الصديقة دانيال خياط! إنها جريمة شائنة ترجمة لكل التكثيف العنصري في المواقف والممارسات التي تستهدف المسحوقين من عمال لبنانيين ولاجئين سوريين. آن الأوان لوضع حدٍ لهذا الإجرام المنفلت، آن الأوان لوصم الفاعلين بالعار والتكاتف لسوقهم إلى القضاء، وآن الأوان لوضع حدٍ لنهج يعري كل اللبنانيين من إنسانيتهم!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب: الصحافي حنا صالح