في صبيحة اليوم 984 و985 على بدء ثورة الكرامة.
حتى ساعات الفجر كانوا يرفعون أنقاض المبنى الذي تهدم في ضهر المغر في قلب طرابلس. إنتشلوا جثة الطفلة جومانا (5سنوات)، وانتشلوا الجرحى وباتت عدة عائلات بدون سقف يأويهم. والأكيد أن دار الإفتاء ستهتم بالأمر ليس على طريقة السياسيين، بل بالضبط كما إهتمت بالعشرات من أبناء طرابلس ضحايا "قارب الموت" المدفونين هناك منذ أشهر تحت المياه ولم يهتز جفن مسؤول أمام هول الحادثة..
موسم الإذلال لا يزعج خاطرهم، فقد بات من عاديات الأمور رؤية من ينقبون في النفايات لرد الجوع، كما الحسرة على الوجوه مع العجز عن الحصول على الضروريات اليومية. وأساساً لا تنقطع عندهم في دورهم وقصورهم الكهرباء فكيف سيعرفون المعاناة مع تمادي العتمة التي تلف البيوت. ولا طالهم السطو المنظم على جني الأعمار، ولا يقلقهم تحول بيروت مدينة أشباح بدون روح، لن يتراجعوا عن إنشغالهم بالمثليين وستتواصل المواجهة مع دعاة الزواج المدني، ومعها دور الطوائف قاطبة ومحاكمهم الروحية والشرعية. أولوياتهم معروفة وليس عليهم أن يقدموا أكثر مما فعلوا يوم جريمة الحرب ضد بيروت في الرابع من آب 2020، فالحدث لا يتطلب تحويل منبارهم منصات للدفاع عن المتهمين والتهجم على الحقيقة والعدالة!
لدى نواب ثورة تشرين عشرات الأولويات، ولدى اللبنانيين أولويات، قد لا يكون بينها الآن معركة قانون جديد للأحوال الشخصية، في زمن الإنهيارات الكبرى التي تعصف بحياة اللبنانيين، وقد عزّ الرغيف بعدما قطعوا حبة الدواء وانهار الحق بالإستشفاء والتعليم إلخ..، معركة هذا القانون آتية في وقتها وسيتم وضع حدٍ لتسلط المؤسسات الدينية على حياة الناس. وهناك الكثير من الأطر لفضح التطاول على الحريات وحياة الناس، ولو صدرت عن صنديد الداخلية، وممكن صدِّ هذه العنتريات، التي أطلقت من فوق رقبة الدستور والقوانين وحماية الحقوق الإنسانية الأساسية.. وليكن مفهوماً لن ينجر الناس إلى معركة فتحها حاقدون على اللبنانيين لصرف إهتمامهم عن حقوقهم الأولية.
2- سيبدأ اليوم الرئيس المكلف الإستشارات النيابية غير الملزمة لتأليف حكومة ما بعد الإنتخابات. ومن المفترض أن يسمع الصوت الحقيقي للناس، يحمله نواب الثورة لفضح السياسات التي أوصلت إلى الخراب. صوت الناس ينبغي أن يرتفع في هذه الإستشارات بعدما أثبتوا في صناديق الإقتراع، أن المناخ التشريني آخذ في الإتساع، وطروحات نواب الثورة تقدم البديل السياسي والرؤية لإنتشال البلد.
وكما تم إطلاق المواجهة بتسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، بما يمثل من نموذج للشخصية المحترمة النظيفة التي تحمل رؤىً تساعد في إنتشال البلد، وحماية الناس واستعادة حقوقها، ومؤهلة لقيادة مرحلة إنتقالية، يتغير فيها العالم نتيجة الحرب الإجرامية على أوكرانيا، وستكون تداعياتها شديدة على لبنان مع زحف المجاعة، ينبغي إستكمال هذا المنحى بفضح كل الطروحات الحكومية المدمرة وعرض البدائل عن خطة "التعافي"، وإعلانها لتكون عناوين المواجهات الآتية مع المتسلطين الخانعين التابعين للخارج!
3- إسماعيل هنية في ديارنا، وحماس تنقل البندقية من كتف التبعية لنظام آردوغان إلى نظام بشار الأسد برعاية طهران ووكيلها المحلي. وتُفتح صالات القصر الجمهوري لإستقبال هنية، وتطلق المواقف والرؤى الموحدة، فإلى أين هذا الإيغال في ضرب مصالح لبنان واللبنانيين، وهل ما قدمه هنية ورفاقه للشعب الفلسطيني من إنقسام وتبعية هو النموذج والهدف المأمول؟
تحدث هنية عن توحيد "ساحات المقاومة"، فأي ساحات هي وأي مقاومة وأين مصلحة لبنان؟ وإلى متى سيواصل رئيس الجمهورية هذا النهج، فتوظف رئاسة البلاد في الموقع الخطأ ضد مصالح اللبنانيين؟ ويتزامن ذلك مع عودة حزب الله لإطلاق حملات إفتراء ضد السعودية ودول الخليج، التي باتت تحتل موقعاً مميزا على إمتداد المنطقة كما الساحة الدولية. وأمامنا الدليل أن رئيس الولايات المتحدة الدولة الأكبر تأثيراً في العالم، جو بايدن، سيكون قريبا في الرياض التي ستشهد قمة إقليمية كبيرة الأهمية، وسيليه زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية..هنا تكمن المصالح الحقيقية للبلد، وليس في الرضوخ لمشيئة ملالي طهران وحزبها بجعل لبنان ميدان مواجهة لتحولات قد تكون الأكثر نوعية التي تشهدها المنطقة.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب: الصحافي حنا صالح