في صبيحة اليوم ال989 على بدء ثورة الكرامة.

من اليوم سيبدأ المواطن التحسب للفاتورة المخيفة لأسعار الإنترنت والإتثالات الخليوية. بدون كترة تفكير فإن الفاتورة سترتفع بالحد الأدنى 5 مرات عما هي الآن! وتباعاً سيتراجع إستخدام هذه التقنية وستؤثر سلباً على عالم الأعمال الآخذ بالذوبان!

والأكيد أن هذا الإرتفاع الجنوني الذي يبقي أسعار هذه الخدمة هي الأعلى من مثيلاتها في بلدان المنطقة، ينسجم مع الإرتفاع الحاد في أسعار المحروقات من غاز منزلي وبنزين ومازوت، كما مع الإرتفاع الحاد في سعر السلة الغذائية بعدما إنتقل لبنان إلى بيع الخبز بالرغيف! وينسجم بالتأكيد مع فقدان الدواء وانهيار إمكانية المواطن على الإستشفاء، كما ينسجم مع مخطط آثم مدمر للتعليم الرسمي والجامعة الوطنية، واللافت أن تقارير ذات صدقية، توقعت أن يرتفع نسبة من هم خارج المدرسة إلى أكثر من 35% لم تحدث أي أثر زمن تسلط العهد الأسود، وإمساك حزب الله برقاب العباد والبلاد، من خلال حكومات واجهة أسلست له القياد!

وفيما ينعقد اليوم اللقاء الأول بين عون وميقاتي، بعد تقديم الأخير صيغة حكومية معدلة تتم حولها عملية شدِّ حبال، من لحظة تقديمها فتسريبها لإجهاضها، فإن المناورات بشأنها تنطلق اليوم مع سلة إستفسارات من جانب عون تبدأ لماذا إقتصر التعديل على 5 حقائب وما المبررات لذلك؟ وعن المداورة ولماذا لم تكن شاملة؟ وما المغزى من عدم تقديم تشكيلة جديدة كاملة الأوصاف؟ فإن ميقاتي يتصرف من موقع القوي، فهو رابح رابح وباقٍ في السراي إلى ما بعد مغادرة عون، وإبتزازه مكلف فهو يتكيء على تحالف وثيق مع بري وجنبلاط ودعم من فرنجية و"تفهم" من حزب الله.. لكن عون صاحب التوقيع – الفصل، لن يرضخ، لذا المتوقع الذهاب في رحلة تعطيل طويلة حتى نهاية العهد، إذ وفق حسابات بعبدا فإن مواقع باسيل في حكومة تصريف الأعمال أفضل مما ستكون عليه في الصيغة المعدلة!

وفيما المواطن أمام معاناة مخيفة، يحاصره العوز والحاجة، وتدهمه المجاعة، ومائدته تخلو من أي نوع من الفاكهة في فصل إنتاج الفواكه ويقتسم أفراد العائلة الرغيف المغمس بالعرق والدم، فإن مسائل من هذا النوع ليست على جدول أعمال أحدٍ من المسؤولين، من إجتماع بعبداً اليوم إلى آخر مسؤول في سلطة الفساد والتبعية والإرتهان! فكلهم يتغنون بموسم السياحة والإصطياف ويركزون على دولارات فريش سيحملها المغتربون، وقاموا بالواجب برفع يافطات حملت عبارة باهتة: أهلا بهالطلة وخود ع دبكة ودق مجوز في المطار1 فيما علامات الإشمئزاز على وجوه اللبنانيين العائدين في زيارة وقد هجّرهم نظام المحاصصة الغنائمي ويراهن الآن على أموالهم، فيما أن هاجس العائدين زيارة الأهل والأحبة وكل زائر يحمل حقيبة أدوية لأهله ومحتاجين بعدما فقدت حبة الدواء!

في هذا التوقيت حضر نجيب ميقاتي إجتماع لجنة المال والموازنة التي شهدت حضوراً نيابياً كثيفاً، وهو على طريقة بري أخرج أرنباً جديداً للترويج لخطة "التعافي المالي" لحمتها وسداها "عفى الله عمن سرق"! مقترحاً إستبدال تسمية "الصندوق السيادي" ب"صندوق التعافي"(..) لكن الهدف هو هو، أي الإستيلاء على المال العام وتحويله إلى جيوب المحظوظين من كبار المودعين والمصرفيين!

قال دولته شفهياً، وبعضهم إعتبر ما تم طرحه"عصف أفكار"، أن مصادر تمويل الصندوق ستكون ثلاقية، بنسبة 50% من فائض الموازنة الأولي في حال حقق الناتج المحلي نمواً بنسبة تفوق 2%، وثانياً من فوائد شهادات إيداع مصرف لبنان التي تحملها المصارف، وثالثها نقل ثلث رساميل المصارف إلى الصندوق ولم يقدم أي توضيح!

واقعياً ما حمله ميقاتي هو نقل الخسائر من مصرف لبنان إلى الصندوق الموعود واستخدام المال العام مباشرة في تمويله لتمويل الخسائر، أي تحميل الدولة الجزء الأكبر من الخسائر وإعفاء مصرف لبنان كلية من مسؤوليته، واستبعاد إستعادة الأموال المنهوبة بإعفاء الناهبين، وطي المحاسبة ولا ملاحقة ولا هيكلة للمصارف!

مرة أخرى، تتزايد مشاهد مواطنين من كل الأعمار يقتاتون من النفايات، وتتغير معالم البلد فالسواد يتسع والغبار اللزج يعلو الجدران، ويزداد عدد أبواب المتاجر المغلقة التي سيمر عليها زمن طويل قبل أن تفتح مجدداً، وسموم المتسلطين تتفشى، فيما العتمة التي تلف بيروت تلف كذلك طرابلس وصيدا وصور وزحلة وبعلبك وغيرها وغيرها..

العد العكسي لمواجهة هذا المنحى الخطير ينبغي أن ينطلق، ومن غير الجائز وضع أوزار الوضع البالغ الصعوبة على عاتق نواب ثورة "17 تشرين" دون سواهم. على القوى السياسية الجديدة المنبثقة من رحم الثورة، وعلى الجماعات والحيثيات التي شكلت الماكينات الإنتخابية لقوى الثورة ولوائح التغيير، والحيثيات العديدة على إمتداد لبنان، أن تسرع التلاقي، حول لبنان الذي نريده البلد القابل للعيش. لبنان إستعادة الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني" إتفاق الطائف"، لبنان الجمهورية المستعادة التي تبسط سيادتها كاملة دون شريك لها. هذا اللبنان ممكن وضروري، والممر المفضي لإستعادته هو العمل على بلورة "الكتلة التاريخية" الشعبية والشبابية لبلورة البديل السياسي. في قيام مثل هذه الكتلة سيكون لنواب الثورة فيها الموقع المتقدم، وسيكون لها الوزن في عملهم التشريعي لرد فجور الناهبين من ارتهنوا البلد مقابل حفنة من الفضة!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: حنّا صالح