في صبيحة اليوم ال902 على بدء ثورة الكرامة.

أخطر الأمور عدم التحسب لمخاطر الإنزلاق العسكري مع اللعب مع العدو الإسرائيلي على حافة الهاوية، والهدف خداع الداخل لتبرير السلاح وتبرير إستمرار إختطاف الدولة ومصادرة قرارها.

بعبدا لم تعلق، وبري غائب عن السمع، وميقاتي مالك الحزين رأسه في التراب لم يشاهد ولم يسمع ولن يعلق! والكل متيقن أن "الرسالة" لم تعطل التنقيب الإسرائيلي في كاريش"، بل تكاد تكون أجهزت على العودة للتفاوض في الناقورة لترسيم الحدود على قاعدة التخلي والتفريط بالسيادة، والتنازل اللبناني المهين عن الحدود والحقوق والثروة! والدليل مسارعة الموفد الأميركي هوكشتاين لطلب توضيحات ومحذراً من أن هذه العملية "من شأنها إيقاف جهود التفاوض"(..) وهذا ما قالته تل أبيب التي وصفت الميرات ب"دعاية فاشلة" وأن "مسيّراتهم دمرت في عقر دارها وحزب الله يورط لبنان"، ونصيحة من العدو: "وفروا مصاري المسيّرات لتطعموا شعبكم"!

وتكاد العملية أن تكون قد أجهضت إهتماماً عربياً، ولو محدوداً، للمساهمة بانتشال البلد، عندما تبلغ الإجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب المنعقد في بيروت أن الأمر لبنانياً بيد طهران من خلال وكيلها! وهنا يبرز في الكثير من التقاطعات القلق العربي حيال نهج أخذ لبنان المخطوف القرار إلى الجحيم. كل لبناني في ذاكرته مُرّ تموز وعلقمه قبل 16 عشر عاماً، والكل يعرف أن هذا اللعب الذي لم يجابه بأي إعتراض رسمي لبناني، يُراد منه التخفيف من وطأة ما تعيشه طهران وأذرعها، سواء مع حجم الإختراق الأمني الإسرائيلي للأجهزة الإيرانية، أو تلاحق الضربات في سوريا والمرشحة للإتساع مع القرار الإسرائيلي بالذهاب إلى إنتخابات برلمانية خامسة خلال أربع سنوات.

مرة أخرى لاتنازل شعبياً عن الثروة وتمسك كامل بالسيادة، ولا بديل عن توقيع تعديل المرسوم 6433 وإيداعه المرجع المختص في الأمم المتحدة لتعطيل التنقيب، وفتح مجالٍ آخر لأن المطلوب إسقاط كذبة الخط 23 ومحاسبة المرتكبين، وكل تأخير هو إمعان في الجريمة وترك العدو يضخ الغاز. فالتعديل بعد الضخ لن يؤخذ به ويكون لبنان قد أكل الضرب!

2- اليوم 4 تموز، لقد مرّ 23 شهراً على الجريمة المرتكبة ضد العاصمة وضد لبنان. إنه يوم الوقفة التقليدية أمام مرفأ بيروت وإعلان خطوات من موجوعين لن ينسوا ولن يسامحوا. اليوم نتذكر الضحايا ال240 ونتذكر ألوف الجرحى، وما زال منهم مئات يتابعون العلاج عند توفر الإمكانية لأنهم متروكين ككل اللبنانيين. واليوم يعاود كل معتصم أمام المرفأ التأكيد أن هذا الليل سينجلي وهذا الإذلال للناس سيتحول إلى حبلٍ يلتف حول أعناق طغاة العصر، وسوطٍ يلاحق السفلة المرتكبين الذين لن يفلتوا من العقاب!

لن يفلتوا ولن ينجحوا بحصر المسؤولية ببعض الصغار. المعركة لن تتوقف من أجل العدالة والحقيقة للبنان ومن أجل طي صفحة الإفلات من العقاب والمضي في معركة إنتزاع إستقلالية القضاء!

3- حملات مدفوعة لحاملي الأختام عنوانها "أهلاً بهالطلة"! يبشرون بأن مئات ألوف من اللبنانيين سيزورون لبنان وقرروا إستقبالهم بدولرة الفوترة في المطاعم! وعم يخبرونا أن ما سينفق سيحرك العجلة الإقتصادية! إنت وهوي إفهموا لولا مساعدات وأموال "الدياسبورا" اللبنانية التي تجاوزت رقم ال6 مليار دولار في سنوات القحط هذه، لما تمكن اللبنانيون من درء المجاعة، فهذه الأموال حمت البلد جزئياً لأنكم أنتم تنهشون المتبقي. لكن السؤال المطروح عليكم أنتم في مواقع القرار، وعلى شاشات الترويج الساذج والممل، ماذا فعلتم للعائدين للإطمئنان على أهلهم؟ ماذا حضّرتم غير العتمة والإنقطاع الطويل للتيار الكهربائي زمن تسلط الحكم القوي وتياره ومن تقدموا الصفوف لإرتهان البلد! وماذا حضرتكم غير الإرتفاع الحاد بالأسعار الذي طال كل شيء، ويكفي مراقبة وجوه الخارجين من أمكنة التسوق لرؤية حجم المأساة!

4- "الناس بالناس" وإهتمامات القصر تتركز على المستقبل الواعد للصهر، فيماطلون بالإعتراف أن هذه المرحلة شبعت موتاً وإن تأخر دفنها! لذا سيستمر تصريف الأعمال، ويتقاذفون المسؤولية، ولن تكون حكومة جديدة، مع التأكيد أن لا أمل باستنساخ التركيبات الحكومية الماضية مهما إحتوت من تبديل في الوجوه وتغيير في الشكل. لقد تسببوا في الإنهيار وأولويتهم الكارتل النهب وليسوا أهلاً لأي تغيير إنقاذي!

ونعود إلى "بيت القصيد" وجود كوكبة من نواب الثورة في البرلمان، ممكن أن يكونوا الرافعة للوضع العام. لا يجوز التلكؤ والإهمال فالعمل مطلوب في غير مكان وفي غير موقع، لإستعادة الناس إلى الفعل السياسي، لبلورة البديل الذي لن يتوفر إلاّ مع قيام "الكتلة التاريخية"، التي بوسعها قلب المشهد العام، وإنهاء زمن تعود فيه الناس أن لبنان ورقة في ملف أو ساحة إختبار أو منطلق رسائل مع ضرب دائم بمصالح لبنان واللبنانيين!

وبالمناسبة عادت المياه إلى العاصمة كل العاصمة، إلى شوارعها ومنازلها ومئات الألوف من أهلها وسكانها، فتحية إلى نواب الثورة إبراهيم منيمنة وملحم خلف ووضاح الصادق، الذين وضعوا مصلحة الناس والعاصمة اولويتهم. نعم تمكنوا من فرض إنجازٍ رغم هريان الإدارة وتلكؤ من بيدهم القرار، وتجاهل الإعلام التابع لقضية كبيرة بهذا الحجم. وأطمئنوا لن يتوانوا مع رفاقهم عن المرافبة والمحاسبة وتقديم مشاريع القوانين ولن يقبلوا الصفقات واستمرار المحاصصة. وبالمناسبة الكل تحدث عن الذهب لكن سلامة إضطر لأول مرة إلى تقديم إجابة خطية إلى ملحم خلف وفيها أنه لم تتم أي عمليات مالية على ذهب لبنان.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح