سبق أن كتبت بتاريخ ٢٠.حزيران الفائت بانني لو كنت مكان المفاوض الإسرائيلي لما قبلت بالعرض اللبناني المقدم إلى الوسيط الاميركي: كاريش مقابل قانا. وقلت ان الإسرائيلي لن يعترف للبنان باي حق جنوبي الخط ٢٣. 

وسوف يطالب بحقوق في البلوكات ٨ ز٩ و١٠. 

وكذلك استنتجت ان العدو سو يتابع استخراج الغاز من كاريش بكل ثقة لان المنطقة الجاري العمل فيها ليست منطقة نزاع بينما البلوكات المذكورة وحقل قانا تعتبر مناطق نزاع لأنها تقع جنوبي الخط رقم واحد المدعى به من قبله.

 

فماذا لو كانت المسيّرات التي اطلقها حزب الله بتاريخ الثاني من تموز ٢٠٢٢ قد أطلقت من قبل الجيش اللبناني؟ بماذا كان الجيش سيتذرع للقيام بذلك ؟ هل ما يقوم به الجانب الاخر يعتبر خرقاً لحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان؟ ام يعتبر خرقاً للقانون والاعراف الدولية بسبب العمل في منطقة متنازع عليها بيننا وبينه؟ 

طبعاً لا هذه الذريعة ولا تلك فلا المنطقة تابعة لحدودنا ولا هي متنازع عليها؟ لأننا لم نكرس الخط ٢٩ كحدود لنا بتعديل المرسوم ٦٤٣٣، وأننا بالمقابل اعترفنا ان حدود الخط ٢٣ هو أقصى حقوقنا. إذن فلو كانت المسيّرات للجيش اللبناني لكان المجتمع الدولي والإمم المتحدة قد اعتبرا ذلك تعدياً غير مشروعٍ وتهديداً للسلم الدولي، وعملاً عدائياً بمثابة اعلان حرب. وربما كان عمل قيادة الجيش أيضاً استدعى المساءلة لها من قبل رئيس الجمهورية الذي يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة ومن قبل رئيس الحكومة التي تعتبر السلطة المسؤولة عن هذه القوات خصوصاً وان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كانا قد اتخذا قراراً موحّداً اعتبرا فيه ان الخط ٢٣ هو حدودنا البحرية وان الخط ٢٩ هو خط غير تقني وغير قانوني ولا يستند إلى معطيات صحيحة. ولربما كان الفريقان استدعيا قائد الجيش وطلبا منه تقديم استقالته لانه بفعلته يكون قد عرّض السلم في لبنان والمنطقة والعالم للخطر، بالإضافة إلى عرقلة مسيرة المفاوضات ذات الوساطة الأميركية. 

أما وقد كانت المقاومة هي من أطلق المسيّرات فإن في ذلك شأن ثانٍ. فالمقاومة كما أعلنت لا يهمها أين حدود لبنان، ولا اي خط قد اعتمد. ما يهمها ودائماً وفقاً لتصريحات الأمين العام هو أن لا يكون مسموحاً اي استخراج للغاز والنفط من قبل العدو ما زال لبنان ممنوعاً من البدء بالتنقيب. 

 ولكن ألم يلاحظ مسؤولو المقاومة ان هناك وسيلة أخرى افضل من إطلاق مئات آلاف الصواريخ أو إرسال مئات المسيرات الحديثة المسلحة والمذخرة؟ وان هذه الوسيلة ستجعل العدو وكل سفن شركات التنقيب ومنصاتها تتوقف عن العمل فوراً وتدفعه والوسيط غير البسيط للهرولة فوراً إلى الناقورة لاستئناف المفاوضات. هذه الوسيلة أصبحت مطلباً وقضية رأي عام في لبنان، وموضوع ابحاث وورش عمل في مراكز الدراسات والمؤسسات المحلية والدولية المتخصصة في مجال رسم الحدود وفقأ لأحدث التقنيات واستناداً إلى القوانين المحلية والاتفاقات الدولية. إذن كان على المقاومة بدل توجيه المسيّرات الحربية حتى لو كانت غير مسلحة، توجيه مسيرات العلم والتجربة والقانون باتجاه رئيس الجمهورية لحمله على توقيع تعديل المرسوم ٦٤٣٣ وإرساله بشكل رسمي إلى الأمم المتحدة. وإلى ذلك الحين ستبقى كل المسيّرات المستخدمة من قبل المقاومة في هذا المجال مسيّرات ضالّة.

الكاتب : العميد المتقاعد مارون خريش