في صبيحة اليوم ال912 و913 على بدء ثورة الكرامة.

حملة التشهير الرئاسي بين بعبدا والسراي تنتقل من محطة إلى أخرى، فيغيب معها البلد وناسه والهموم!
حملة التشهير وما تكشفه من إنحطاط وإنعدام الأهلية الوطنية وإنتهاء الصلاحية للمتسلطين، بدت إعادة مملة لأفلام قديمة برع بها المقيم في الرئاسة وبزّ كل الآخرين، وتبشر الناس بمزيد من الأجزاء من السيناريو الذي يتم إعتماده بعض الأحيان لتغطية كبائر تهدد البلد غير عابئة بقليل من إستقرار وأمانٍ متبقٍ!
الذين توقعوا من شاغلي المواقع الرسمية موقفاً، رداً، توضيحاً، على ذهاب نصرالله حد تخيير اللبنانيين بين الموت والموت، خاب فألهم. والذين بعد 17 سنة على حرب "لو كنت أعلم"، لم يرف لهم جفن  أمام خطر زجِّ البلد في حرب تجهز عليه، ولا يجد بعدها البلد الذي جرى إقتلاعه من يساهم في بلسمة جراحه! كل ما لحق بصورة السلطة المنزوعة القرار، والدولة المخطوفة بالسلاح، والإصرار على إحتكار قرار الحرب والسلم، لم يستوجب أي موقف، والكل مدرك أن "ما بعد بعد كاريش" مما شاهده الناس أو إستمعوا إليه موحى به وفق أجندة خارجية، يستحيل على البلد المحطم وأهله المتروكين على قارعة طريق أن يتحملوه!
أبشروا العتمة لن تنجلي، الرغيف في السوق السوداء، الدواء مفقود وإن وجد لا يمكن أن يطاله مريض، والحدث الجلل الذي يمثله الإضراب الشامل للقطاع العام ويهدد بانهيار المتبقي من هياكل السلطة المتآكلة، ليس على أولويات الذين هم اليوم في موقع إحتلال القصور والسرايات مقدمين التبعية والإرتهان..والذين تآمروا لتدمير السلطة القضائية وتمسيخ سمعتها بالرشوة لشراء الضمائر بالجملة، وأداتهم التنفيذية ملاحق دولياً بتهم الفساد والإثراء غير المشروع، البارع بإنهاء زمن قرش اللبنانيين الأبيض..، بدوا وقد قرروا تعجيل تهديم المتبقي من المؤسسات بعدما عطلوا الدستور ومسخوا القوانين!! لكن ما هم ، ها هي مكاتبهم الإعلامية تواصل إطلاق الصليات المتعددة، وإن تأخر القصر أو تلكأ فصيل المستشارين يندفع الصهر، المعاقب لبنانياً ودولياً بتهم الفساد والإفساد والإرتهان، ليعلن تبني خطاب التهويل والوعيد، لأنه جزء من دفتر شروط حماية "الموقع" و"المقام"! لكن ما لفت الإنتباه، أنه من الخطيب إلى الصامتين على الخطاب، كان الغياب المدوي لمسألة تفصيلية إسمها الخط 29 هي حدود السيادة والحقوق والثروة!
منكوب لبنان بسلطة تنفيذية خطيرة، بتحالف مافياوي، أشبه ما يكون بثورة مضادة، قوة إحتلالٍ خارجي، يدير الظهر للمآسي المتفاقمة، يحث الخطوات التي تشجع إنعدام الدولة وتذويبها! منفصل عن العالم وما يجري حوله؛ قمة جدة وقبلها "إعلان القدس" الذي يلزم أميركا مواجهة "العدوان الإيراني"، وبعدها إجتماع طهران، إلى تفاقم الحرب على أوكرانيا وتداعياتها على إقتصادات العالم والأمن الغذائي..فهم إلى حمايتهم نهج تعميم الفساد والإفساد والرشوة، يغطون، عشية الذكرى السنوية الثانية لجريمة تفجير المرفأ والعاصمة، الحريق المتمادي تحت الإهراءات، معولين عليه لتصديع وتدمير الشاهد على جريمة العصر!
كي تكتمل الصورة فإن نكبة البلد، تكمن في كل الطبقة السياسية، التي تغيب عنها الأوولويات الفعلية للناس وللبنان، لأن حضورها الفعلي الوحيد يكمن في تقديم خدمة مصالحها الضيقة ومكاسبها الفئوية، فتتعامى عما قد يورط البلد دون أخذ رأيه.. الكل منخرط في حفلة رئاسيات ومواصفات ومعايير للشخص وفي البحث عن حيثيات، ومعها لم يتكرم أحد لإبلاغ اللبنانيين إذا كان له رؤية ما، أو عناوين برنامج، بشأن كيفية إنقاذ البلد وأهله، كيفية إستعادة الدولة وكيفية إستعادة السلطة للقرار دون شريك،.. ولم يتوقف أي طرفٍ عند الوجه الآخر من التهويل الذي قد يطيح الرئاسيات فيبقى المقيم في بعبدا ولو على مزيد من الخراب!
يبقى كلمة من القلب، إلى نواب ثورة "17 تشرين"/ شئتم أم أبيتم، أنتم كتلة أم تكتل، لم ينتخب أي منكم لشخصه ولا لتاريخه ولا لمآثره دون أي تقليل من دور أيٍ منكم. بل تم التصويت العقابي والإنتخاب لأنكم في التوقيت الصحيح مثلتم الأمل والبديل للناس، والأمل للتشرينيين بالحاجة لخطوات تنتشل البلد كضرورة لحماية أهله. لا تتراجعوا أنملة عن متابعة الهم العام المعيشي، ودوركم ينبغي أن يتبلور أكثر فأكثر في خطوات تحمي الرغيف والدواء وحق التعليم وحق الإستشفاء، كما الحق بالعدالة والحق بالكهرباء..لكنها أيضاً اللحظة لبلورة الأسس لاستعادة فعل المواطنين اللبنانيين التواقين لإستعادة الدولة المخطوفة.
إنه العنوان، الوجه الآخر من الميدالية، التي لا يجوز إسقاط الأولوية عنه، فهو الرافعة لإستعادة مدوية لفعل اللبنانيين، ومحاصرة مختطفي البلد وناهبيه، وكل من هو على إستعدلد لمزيد من البيع والشراء خدمة لمصالحه الضيقة ومكاسبه الفئوية. . والدعوة ملحة للقوى الحقيقية للعمل السريع والجاد لبلورة البديل السياسي من خلال قيام "الكتلة التاريخية" لقيادة التغيير، وإنجاز أهداف اللبنانيين، والفرصة مؤاتية فلا ينبغي تضييعها!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح