في صبيحة اليوم ال916 على بدء ثورة الكرامة.
عاد ميقاتي من الإجازة، لكن إجازة تأليف الحكومة الجديدة ما زالت مقيدة وبرسم التجاذبات! وبرسم المحاصصة والدور الذي يراه كل طرف لتعزيز أوراقه عشية الإستحقاق الرئاسي!
وعلى مسافة 43 يوماً الفاصلة عن موعد الأول من أيلول، موعد بدء المهلة الدستورية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، تبدو طريق بعبدا مقفلة بوجه ميقاتي الذي تسبعد أوساطه طلب موعدٍ جديد لأنه يعتبر طلب موعداً وينتظر الرد، فيما يعتبر عون أن ميقاتي لم يأخذ بمقترحاته ولا داعي للقاء بينهما!
وفيما يتجه ميقاتي بدءاً من اليوم، إلى تفعيل جزئي لعمل حكومة تصريف الأعمال، فيترأس إجتماعاً للبحث في "حلولٍ" لإضراب القطاع العام، المستمر منذ أسابيع، والذي شلّ الدولة، وسط تنكر السلطة المريب لمسؤوليتها حيال واحدة من أكبر القضايا الإجتماعية..هناك في بعبدا من يراهن على طي نهائي لصفحة تأليف حكومة ما بعد الإنتخابات النيابية وآخر حكومات عهد الإنهيار والتخلي والإرتهان! ويبدو أن إستبعاد التأليف يعود لأمرين متلازمين:
أولهما أن أي حكومة جديدة لن تمنح الفريق العوني الحجم والتأثير الذي يملكه في حكومة تصريف الأعمال، ومهما بلغ حجم تدوير الزوايا فإن الفريق العوني سيفقد وزارة الطاقة ما يعني خسارة نوعية في تمثيله الوزاري.
وثانيهما، وهو مرتبط بالبند الأول يكمن في أن بقاء حكومة تصريف الأعمال يدفع غلى الأمام أنشطة الغرف السوداء التي تعمل من أجل بقاء عون في بعبدا، تحت عنوان لا يجوز تسليم صلاحيات الرئاسة لحكومة منتقصة الصلاحية. وهذا المنحى الذي يستحيل فرضه سيفتح الأبواب على مواحهات سياسية ودستورية محتدمة. والملاحظ أن إنعدام دور السلطة والفراغ في رأس الهرم والإنفصام بين أدوار المسؤولين والواقع، كلها أمور لا تستدعي وقف إفتعال الصراعات الجانبية والخروج من الغرق في مواجهات عبثية كأن البلاد بألف خير!
2- مع قمم جدة، ارتقى الإهتمام الخارجي بالشأن اللبناني إلى مرتبة أعلى. وبقدر ما تبين في العملي، أن القمم التي أبرزت قوة محور الإعتدال العربي لجهة ما يراه لحاضر المنطقة ومستقبلها، ورغم القرار باستبعاد السلطة البنانية عن الحضور نتيجة تبعيتها لمحور الممانعة، بدا بوضوح أن الشأن اللبناني متابع وغير متروك. خصوصاً لجهة المطالبة والتعهد بدعم جهود بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية ودعم الجيش اللبناني، كما الحرص على إلتزام المهل الدستورية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتأكيد على قيام حكومة جديدة وبدء تنفيذ الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تخدم لبنان.
كل ذلك يفضي إلى أن البلدان المشاركة في قمم جدة، وهي كلها من ضمن المجموعة الدولية لدعم لبنان، ترى أن المفتاح بعد الإنتخابات النيابية، لبداية إخراج لبنان من دوامة الإنهيارات، يكمن في إنتخاب رئيس جديد يجب أن يكون قوة دفع لعملية الإصلاح الجذرية والتغيير المطلوبة. هذا المنحى يتعارض مع الوضع الراهن ويقع على طرفي نقيض مع رهانات حزب الله وفريقه على تمديد العهد العوني، عهد الكارثة والعتمة والبؤس، سواء ببقاء عون في بعبدا أو بفرض تعيين مرشح من نوع سليمان فرنجية أو جبران باسيل!
3- ما يدور في اللجان النيابية وبالأخص لجنة المال والموازنة بالغ الأهمية وشديد التأثير على المنحى اللاحق للمحاسبة والمساءلة والمضي بإصلاح حقيقي. فمع التركيز على أهمية التوافق على برنامج مع صندوق النقد الدولي، يشتد الصراع النيابي – الحكومي والمصرفي حول المشاريع التي يطالب بها الصندوق، وأبرزها إقرار الموازنة العامة، والكابيتال كونترول، وتعديل قانون السرية المصرفية والشروع في هيكلية المصارف إلى قوانين أخرى.
سعادة الشامي قال باسم الحكومة أنه متخوف من إدخال تعديلات جوهرية على المشاريع ما سيعيق الإتفاق مع صندوق النقد الدولي! وهنا يدور صراع واسع حول السرية المصرفية، فوكلاء المصارف وهم كثر يريدون ربط التعديل بالمستقبل وكأن لا جرائم مالية مرتكبة ولا نهب ولا إختلاس وسرقات موصوفة ولا شبهات على الكارتل المصرفي.. فهدفهم تعديلات شكلية تمنع المساءلة والمحاسبة عن كل ما جرى وقصر المساءلة على المستقبل(..9 ورفض المفعول الرجعي للقانون. لكن ما ذهبت إليه اللجنة يتجاوز الإذن الخطي من صاحب الشأن أو ورثته، إلى إخضاع الحسابات وتأجير الخزائن وكل عمليات التحويل والإيداع، لإجراءات التدقيق المالي والقضائي المقررة بموجب قانون مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب أو التهرب الضريبي والفساد! والإتجاه تبلور لجهة جواز الحجز على أموال وموجودات الزبائن وحجزها في حال الإشتباه بوقوع جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب من جهة، وفي حالة جرائم الفساد والإثراء غير المشروع من جهة ثانية.
بهذا السياق لعب نواب الثورة، ولا سيما إبراهيم منيمنة دوراً لافتاً لمحاصرة طروحات جمعية المصارف بهدف الإفلات من المحاسبة والملاحقة، لجهة جعل طلب رفع السرية المصرفية متاح أمام القضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة التحقيق الخاصة والإدارة الضريبية. ليصبح رفع السرية المصرفية متاح دون تحوله إلى إستنساب وكيدية.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب:الصحافي حنا صالح