في صبيحة اليوم ال918 على بدء ثورة الكرامة.

 

أنهت الغارة على المصرف المركزي كل بحثٍ في تشكيل الحكومة. فالغارة التي تقف بعبدا خلف توقيتها والتي تخللها محاولة من القصر لثني القاضي ردا حاموش عن قراره عدم منح الإذن بالإقتحام، حدثت في ذروة التوتر بين بعبدا والسراي. القصر المحاصر نتيجة رفضه التشكيلة الحكومية، والمسؤول عن القطيعة السياسية مع رئيس الحكومة، والذي غاب عن السمع في قضية النائب البطريركي على القدس والأراضي المقدسة المطران موسى الحاج، التي ستترك ذيولاً واسعة كانت طليعتها إستنكار السفير الفاتيكاني لعملية التوقيف والتحقيق والرسائل التي أرادوا إيصالها، وقد تمت بأمر مباشر من قاضي التحقيق العسكري فادي عقيقي. لكن القصر حضر في غارة دهم المصرف المركزي بحثاً عن رياض سلامة! فكانت حصيلة الإستعراض إساءة مزدوجة للقضاء والأمن وإقفال المصرف المركزي إحتجاجاً!

يستقتل عون لتوقيف رياض سلامة ليبيع اللبنانيين وهماً، أنه إنتصر على الجهة الناهبة الفاسدة المسؤولة عن تبديد ودائعهم! ومعروف جيداً الأداء الفاسد لسلامة الملاحق دولياً بتهم الإثراء غير المشروع وغسل الأموال، لكنه معروف أيضاً أنه الذراع التنفيذية لهم في السلطة وفي مواقع النفوذ لتلبية القرارات أياً كانت التي بددت المال العام وسطت على جني أعمار الناس. التوقيت مهم قبل نحو 42 يوماً من بدء سريان المهلة لإنتخاب رئيس جديد، يقلب صفحة عهد الإنهيار والبؤس والتهجير والإرتهان، فيغطي القصر، الفشل والقصور والتبعية والإرتهان، وهي العناوين التي ميزت الولاية التي أوصلت اللبنانيين إلى الجحيم.

القاضية غادة عون، المسؤولة عن قضاء القصر حطمت الأرقان القياسية في "الفاولات" الخارجة عن أصول الأداء المطلوب من القضاء، ضاربة عرض الحائط بهيبته وصدقيته وما قد يصيبه بالتفكك، عندما بلغت عنجهيتها حد إقتحام حرم المصرف المركزي! وأصرت على الإقتحام متجاوزة كل الصلاحيات المكانية لدورها، رغم الموقف القضائي الرافض الذي أعلنه مدعي عام بيروت القاضي الحاموش. وكادت أن تتسبب باشباك بين جهازين أمنيين: قوى الأمن التي تؤمن حراسة المصرف المركزي وجهاز أمن الدولة، الذي يتحرك بطلب من القصر والفريق العوني، لا يتبع لأي وزارة، مكرساً في أدائه أعرافاً خطيرة!

الخطير بالأمر أن العهد الذي فشل بالقانون تغيير سلامة، يحاول تغييره من خارجه بفرض مشيئته وإرادته، ويتم تحويل جهاز أمني لتنفيذ هذه الرغبات! في حين ما من جهة في السلطة وما من جهة أمنية نفذت قرارات تم إتخاذها، أو تحركت لوقف أحد من المافيات المتحكمة بالرغيف، والدواء والمحروقات ! لكن حصيلة الإستعراض الخطير ستكون كبيرة وثقيلة، لأنها إلى الإمعان في تشويه الصورة العامة للسلطة والأجهزة، ستعمق الصراع على السلطة وتفاقمه مع بدء العد العكسي لمغادرة عون القصر.

 

2- قضية المطران الحاج ستتفاعل كثيراً. فهو لن يلبي الدعوة للمثول أمام قاضي التحقيق العسكري قبل ظهر اليوم، وذلك بأمر من بكركي، وقد علّق الراعي: طفح الكيل ..كبرت الشغلة. وتردد أن مجلس مطارنة مصغراً سيجتمع إستثنائيا اليوم بحضور الحاج،لإصدار موقف حاسم مما جرى، لأنه ما من شبهة أو قرينة أو دليل ضد المطران تحتم ما حدث معه..بل الهدف رسالة إلى الراعي إستياء من مواقف دأب على إتخاذها من فترة بشأن الإستحقاق الرئاسي.

وكانت عملية التوقيف قد حدثت في الحادية عشرة من قبل ظهر أول أمس واستمرت 11 ساعة وخلالها صودرت أدوية سرطان كان ينقلها، وأموال قيمتها 480 ألف دولار بينها 250 ألفاً تعود لمشيخة عقل الطائفة الدرزية، وهي تبرعات من لبنانيين وفلسطينيين في فلسطين المحتلة. وصودر هاتفه وجواز سفره وأبلغ منعاً من السفر!

 

3- إضراب القطاع العام مستمر، والجهات النقابية رفضت ما خرج به إجتماع السراي الحكومي وسيكون للإضراب المستمر منذ 6 أسابيع تداعيات سلبية على كل الصعد، خصوصاً وأن البحث الوزاري يتجاهل جوهر الإنهيار فيبحث بتقديمات – رشاوى، ويتجاهل المسؤولية عن الذهاب إلى سياسات مغايرة مستدامة تحول دون إنهيار مؤسسات الدولة وتحمي العاملين فيها.. وكل تأخير في العلاج الذي ينبغي أن يطال بنية القطاع العام يعجل في إنهاء هذه المؤسسات مع ما يعنيه ذلك من إنعدام دور الدولة!

 

4- الإنهيار العام في البلد، تعكسه صورة شوارع بيروت التي يتزايد فيها إقفال المتاجر والمؤسسات، وأسواقها يعلوها الغبار، وكثير من الشوارع والساحات لم تعد تعرف "دومري"..هذه الظواهر لا تقلق، كما يبدو، بعض القوى الطائفية المتسلطة. لذلك لا حلول إلاّ بتقسيم طائفي لبلدية العاصمة، والطرح يأتي من جهات تشاركت المجالس البلدية منذ العام 2005 وتحاصصت "النعم" وإقتسمت "المكاسب" ..ودفع الناس الغرم كاملاً! لكل ذلك، مع حجم الإنهيار العام وإنكشاف أداء بعض اطراف نظام المحاصصة الطائفي، قفزت بالهواء لإشغال الناس وإلهائها عن مسؤوليتها. كل المجلس البلدي ينبغي إقتلاعه وينبغي محاسبة كل المجالس المتعاقبة لبلدية بيروت، أقله في العقدين الأخيرين، عن حجم الضرر والإهمال الذي ألحق بالمدينة شرقأ وغرباً وجنوباً وشمالاً!

الطرح التقسيمي الطائفي المقيت، لا ينطلي على البيارتة ولا على سكان العاصمة، ولا يغطي مسؤولية أصحابه، ولن يمر، لأنه في مكانٍ ما جزء من عدة الطائفيين لتغطية تقصيرهم ولطمس كل ما يمت لثورة "17 تشرين"، التي باسمها فاز 5 نواب في بيروت: إبراهيم منيمنة، وضاح الصادق، ملحم خلف ، سينتيا زرازير وبولا يعقوبيان، وهؤلاء النواب أمام تحدي تقديم المنحى البديل لإستعادة البيارتة لبلديتهم وجعلها في خدمة العاصمة وكل أبنائها، فتستعيد بيروت بعض بهائها.

 

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح