في صبيحة اليوم 919 و920 على بدء ثورة الكرامة.

 

سلمت كل جهات المنظومة السياسية بتعذر تأليف الحكومة، ولا يبدو الأمر مزعج للرئيس المكلف رئيس حكومة تصريف الأعمال ولا رئيس الجمهورية، فالأنظار مشدودة إلى الإستحقاق الرئاسي، في حين لا ضمان أبداً بإجراء الإستحقاق في موعده الدستوري! لا بل القلق مقيم وينذر بأخذ البلد إلى الشغور في رئاسة الجمهورية تزامناً مع الفراغٍ في السلطة التنفيذية! وكل ذلك يترافق مع تفلت خطير في كل الإتجاهات لأن كرة الإنهيارات تتسع وتحاصر كل العالقين في الجحيم الذي أوصلت منظومة الحكم اللبنانيين إليه!

بالأمس جرت بروفة إحتجاج في أكثر من منطقة رفضاً للظلم اللاحق بحياة الناس، وكان التحرك الأبرز وسط بيروت وفي محيط السراي وقد ندد المشاركون بالطبقة السياسية المسؤولة عن تدهور الأوضاع المعيشية والحياتية لأكثرية الناس. وبات من غير المستبعد تكرار الهبات الشعبية تزامناً مع الإضراب الشامل الذي ينفذه القطاع العام، وتبين أن شلل المؤسسات الرسمية لا يقلق المتسلطين الذين لم يتوانوا عن طرح "حلول" ترقيعية قاصرة، كبدعة التفاوت في النقل بين فئات الموظفين، ما يفضح الإهتراء العام ومنحى الإنتهاكات التي لم تعد تغطي ما يشهده البلد من توظيف سياسي سلطوي للقضاء والأمن!

وسط هذه الصورة، وانتظار أموس هوكشتين، لكشف الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسألة الترسيم البحري، بعد التخلي اللبناني الرسمي عن خط الحدود والحقوق بالثروة، قالت الخارجية الأميركية أن زيارته لبيروت ستتأخر إلى ما بعد نهاية الشهر..، برزت لقاءات الموفد الفرنسي دوكان الذي أبلغ مجموعة من الصحفيين أن هناك توافقاً دولياً في مجلس الأمن على دعم لبنان، إن نجح في التوقيع على برنامج مع صندوق النقد الدولي، طارحاً معادلة "إما الصندوق وإما الفقر والجوع"..وكأن لبنان لم يبلغ بعد هذه العتبة مع زحف الفقر على كل الخارطة اللبنانية وإتساع المجاعة..

بأي حال ما زالت المسيرة طويلة لأن الشرط الشارط للتوصل إلى إتفاق مع الصندوق، هو إقرار الكثير من الإصلاحات والقوانين؛ الكابيتال كونترول، السرية المصرفية، تعديل وإقرار برنامج التعافي والأهم هنا مصير الودائع خصوصاً الصغيرة وكذلك الودائع بالليرة التي فقدت قيمتها، إلى هيكلة القطاع المصرفي، وسواها.. والبداية إقرار موازنة للدولة، وكيف سيتم تحديد سعر الصرف وما الأدوات المساعدة في ذلك.. وكل ذلك مطلوب قبل الأول من أيلول، لأنه بدءاً من ذلك التاريخ يتحول المجلس النيابي إلى هيئة إنتخابية لإنتخاب رئيس للجمهورية ويتوقف العمل التشريعي!

 

2- تفاقمت قضية النائب البطريركي المطران موسى الحاج، الذي يتولى بقرار كنسي وفاتيكاني مهمة بالغة الحساسية لدى الكنيسة المارونية، فاتخذت بعدها الطائفي الذي طغى على المشهد الداخلي، وإفتعالها يرتبط بأهداف أخرى أولها تغطية تلكؤ المعنيين عن تشكيل الحكومة والعجز عن الإهتمام بقضايا الناس، والصمت المريع على المضي في تغطية إختطاف الدولة وعزل البلد، وتحضيره للشغور الرئاسي! ويبقى أن أبرز ما أثارته إحتمال مواجهة مع الفاتيكان، لأنه سنداً للمادة 1060 من قوانين الفاتيكان للكنائس الشرقية الصادرة عام 1990 والنافذة في لبنان منذ العام 1991، وحده الفاتيكان سلطة التحقيق ومحاكمة الأساقفة الملاحقين بقضايا جزائية. وسبق أنه في كانون الثاني الماضي استمعت القاضية نجاة أبوشقرا للمطران الحاج بعد إتهام بنقل أموال، لكن الملف تم إقفاله بقرار من قاضي التحقيق العسكري فادي صوان، ولم يعترض مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على الخطوة ولم يستأنفها! فما الذي جرى اليوم؟

هنا لفت الإنتباه أن ميقاتي إجتمع مع وزير العدل ورئيس مجلس القضاء ومدعي عام التمييز للبحث في معالجة التداعيات..وسوف يستقبل رئيس الجمهورية المطران الحاج قبل ظهر اليوم، الأمر الذي يعني سقوط التلميحات عن التعامل مع العدو وإلاّ كيف يستقبله رئيس الجمهورية؟ كل ذلك تزامن مع إعلان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي أنه "ليس على علم بما ورد إعلامياً عن دعوته المطران الحاج للإستماع إلى أقواله في المحكمة العسكرية".

لكن مسألة الأموال المصادرة والبالغة 460 ألف دولار، لها بعد آخر. فهذه الأموال تبرعات مصدرها الأساسي لبنانيين هربوا إلى إسرائيل عام 2000 عشية تحرير الشريط الحدودي، نال بعضهم جنسية دولة العدو، ورغم التطرق تباعاً لأوضاعهم، فالأمر معلق، وهل فعلاً بينهم من يريد العودة إلى لبنان والخضوع للإجراءات القضائية والقانونية لتسوية وضعه؟ إنه موضوع أكثر من إشكالي وفي ظلّ سريان قانون مقاطعة إسرائيل، من غير الجائز نقل هذه الأموال"التبرعات" ومفهوم مصادرتها..

 

ويبقى أن عهد العتمة والبؤس والتهجير، سيستمر بإتحاف اللبنانيين بالبدع مباشرة أو يلبس تركيبات الفريق الممانع وما يريده حزب الله "حامل الأختام"، الذي لم يعد بوسعه التنصل من المسؤولية عما آل إليه وضع لبنان وأبنائه فبين يديه منفرداً كل مقاليد السلطة منذ حكومة القمصان السود.. فيتم إشغال الناس بكثير من الأمور، وأخطرها إشعال الجانب الطائفي فتكون النتيجة مزيد من الإحباط والقيود، التي تعطل المواجهة حول القضايا الأساسية التي تفتح باب التغيير بعد كسر أحادية التسلط على المجلس النيابي.

 

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن