في صبيحة اليوم ال924 على بدء ثورة الكرامة.
الطوابير على الرغيف تطوق الأفران منذ ساعات الفجر، والمحظوظ هو من يحصل على ربطة خبز! الرغيف متوفر جزئياً في السوق السوداء، لأن مافيا وزارة الإقتصاد وارتباطاتها بكارتل إحتكاري تعيث فساداً بلقمة العيش، دون حسيب ولا رقيب. ويكاد الفساد المقونن عبر محتكرين محظيين يوزعون الطحين والبونات أن يفجر حرباً أهلية بين اللبنانيين واللاجئين السوريين، والرغيف يشكل بين 50 إلى 70% من السلة الغذائية لأكثرية اللبنانيين وكل اللاجئين!
الكميات الكبيرة من الطحين تهرب عبر الحدود، ويتبعها ألوف ربطات الخيز تهرب فجراً من أفران البقاع وعكار ما خلق الأزمة الخانقة والشبيهة بأزمة المحروقات قبل فترة. فتتعمم الكارثة، وكل شيء مستباح عبر الحدود السائبة الخارجة عن سيادة الدولة وسيطرتها!
التدهور يطال كل شيء في لبنان، فبعد إقتصار الإستشفاء على الأثرياء إن توفر الدواءـ فإن ميزة لبنان وثروته النوعية وهي التعليم تكاد صفحتها تطوى! وما الإبتهاج باتساع مروحة الناجحين إلاّ مؤشراً على إنهيار المستوى وإقتراب ساعة الصفر لضمور المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية..بالتوازي تزداد ارقام البطالة، والجوع، والمآسي، ويصبح من عاديات الأمور أن ينضم الشعب اللبناني إلى شعوب "قوارب الموت" هرباً من الجحيم اللبناني، ولا يرف جفن للمتسلطين على رقاب العباد! ويتسع الإضراب في القطاع العام، ولا أفق لأي حلول. وقع البلد المحتل من تحالف مافياوي مخيف في مرض فقدان المناعة الوطنية. فقدوا كل أهلية وصلاحية وطنية ، ولولا تغول الدويلة ما كان ليستمر هذا التحالف على كراسي التسلط، لتستمر معه عملية تجريف ممنهجة للبنان الذي تجوفت مؤسساته ويكاد يفقد روحه ومعناه ودوره!
2- في هذا التوقيت، يوقظون العصبيات الطائفية ويتصارعون على محاصصة في حكومة ممنوع تأليفها، ويحاصر العنف السياسي الناس. وفي زمن فقدان الرغيف وحبة الدواء، يأتينا الأمين العام لحزب الله ليخبرنا عن الجهوزية العسكرية لخوض الحرب مع إسرائيل إلى ما بعد بعد كاريش، والتي ستطال كل آبار الغاز والنفط على إمتداد الساحل الفلسطيني..ما لم تُرسَّم الحدود قبل الأول من أيلول ويفرج عن حق لبنان بالتنقيب..ويعلن ليس معلوماً إذا الحرب ستبقى بين الجانبين الإسرائيلي و"اللبناني"، فمن أخذ رأي لبنان بالموضوع، ليضيف: هل ستتوسع على مستوى المنطقة؟ وهل ستدخل فيها قوى إقليمية ؟ هذا وارد جدا؟!
عمداً يغطي نصرالله التخلي عن الخط 29 خط الحدود والسيادة والثروة. وهو الأعرف أن تعديل المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة، يعطل التنقيب الإسرائيلي ويحفظ حقوق لبنان ويطوي إبتزاز هوكشتتين..لكن الوضع الراهن مريح للحزب الذي من باب "الحرص" على الغاز والنفط، والتحريض الطائفي، والإستثمار في القضاء والأمن في قضية المطران الحاج، يعيد الإمساك بأوراقٍ أكبر فيحاصر محاولات تحرير رئاسة الجمهورية، وإطاحة الإستحقاق الرئاسي بما يعيد برمجة الوضع السياسي وفق الأجندة الموكل إليه لتنفيذها!
3- قضية المطران الحاج تتعقد، وتفترض عودة لمواجهة سياسية وقضائية لوضع الأمور في نصابها الحقيقي. القاضي العقيقي لن يتراجع عن إشارته تركه قيد التحقيق، أي بقاء الموضوع للإستثمار، وبكركي رفضت إستعادة جواز السفر وهاتفه فقط وتطالب بإعادة الأموال لأصحابها(..) ويتم ضخ الكثير من المعلومات و"القرائن" التي يروجونها لتغطية الأسلوب الذي عومل به، وإعتبار أنه قبض عليه بالجرم المشهود كمهربٍ! ولم يعد سراً أن الجانب الأساسي من الإستهداف يكمن في نوايا إضعاف الموقف السياسي الذي إتخذته بكركي بشأن الإستحقا وكيفية تحرير رئاسة الجمهورية من هيمنة الحزب! وهنا يتشارك حزب الله والتيار العوني حملة إستهداف بكركي للنيل من تأثيرها في الإستحقاق الرئاسي!
4- أمر بالغ الخطورة مطروح اليوم على المجلس النيابي. ففيما لن تعود العدالة للبلد إلاّ بإلغاء الحصانات وضمان المساواة بين المسؤولين وبقية المواطنين..على جدول الأعمال اليوم إنتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء! أي إن الأولويات في بلد الجوع والموت الإيغال في الخطوات التي تمنح الحصانة للمرتكبين الكبار بوضع أسس قانونية لمنع المحاسبة وبالإصرار على قانون الإفلات من العقاب!
في هذه اللحظة نواب الثورة أمام التحدي، تحدي المطالبة برفع الحصانة عن النائبين المدعى عليهما بجناية "القصد الإحتمالي" بالقتل في جريمة تفجير المرفأ؛ علي حسن خليل وغازي زعيتر..وأما تحدي التمسك بمطلب إلغاء المجلس المذكور لأنه هيئة مناط بها تهريب الوزراء والنواب من الملاحقة أمام القضاء العدلي..وسيكون خطأ جسيماً القبول بتنصيب هذه المحكمة التي تكرس تغييب العدالة والإفلات من العقاب.
على مسافة أيام من الذكرى الثانية لجريمة 4 آب.. وفي خضم الحرائق المفتعلة وأعمال تبدو مشبوهة لتدمير الصوامع لشطب الشاهد على الجريمة، ينبغي أن يرتفع صوت نواب الثورة وكل نائب يدعي الإستقلالية لإحباط هذا الفصل في منحى ممنهج خطير على العدالة والقضاء، وأليس فضيحة ما بعدها فضيحة أن يشارك بالتصويت على هذا المجلس المدعى عليهم بجرم جنائي! التاريخ لن يرحم والقضية بالغة الخطورة!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن