في صبيحة اليوم ال925 على بدء ثورة الكرامة.

لا خبز للبنانيين وكل أموال الدعم للرغيف مخصصة واقعياً لزمرة محتكرين محميين يعيدون تصدير القمح أو يهربونه عبر الحدود من أجل "الفريش" دولار! و"حاميها" حراميها!

لا رواتب للموظفين والمتقاعدين نهاية تموز ، والسبب المباشر إضراب موظفي الصرفيات كما سائر موظفي القطاع العام المضربين، لكن السبب الحقيقي أن سلطة فاجرة متسلطة تدير ظهرها لوجع الناس!

المجلس النيابي قدم مهزلة تشريعية، كما دأبه، لكنها فضحت هذه المرة نتيجة وجود نواب يمثلون ثورة تشرين، دافعوا عن الهم العام ووجع الناس. لقد كان لدى البعض الأمل بأن تكون هذه الجلسة التشريعية باكورة منحى تشريعي إصلاحي، غير أن هذا الأمل تراجع بقوة لأنه منطقياً لا يمكن أن مخالفة مقولة عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين، صاحب القول الدقيق: "من غير الممكن تسوية المشاكل من خلال الذين تسببوا بها"! لذلك ساد التفاوت رغم الإنهيارات المتعاظمة وجريمة تفجير المرفأ وتداعياتها، وكل الإنسداد السياسي! غير أن الجلسة ستشكل لاحقاً محطة لأنها إتسمت بصبغة "إباحية" مخزية إثر التحرش الذكوري من نواب حركة أمل بالنائبة سينتيا زارزير التي فضحت بجرأة المتنمرين سواء ما حصل في القاعة العامة أو ما وجدته في المكتب المخصص لها من مواد إباحية!

وحتى تكتمل الصورة من الصدام مع النائبة حليمة القعقور التي رفضت التعاطي "البطريركي" من جانب نبيه بري ما كشف ضحالة الشيخ فريد المشرع المفوه(..) وهو نموذج عن كثيرين مثله! فإن المجلس النيابي وسط مقاطعة نيابية واسعة سمى أعضاء أعضاء "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" في خطوة تكشف الإصرار على التمسك بالحصانات وقانون الإفلات من العقاب، فجاءت التركيبة عملية تنصيب هجينة لنواب سوف يسائلون يوماً "اولياء نعمتهم"، ولئن غاب عن هذه المجموعة علي حسن خليل وغازي زعيتر فقد حضر "الكبير" جميل السيد، وما لفت الإنتباه مسارعة النائب فيصل الصايغ في الجلسة المسائية للإستقالة فبقي مع السيد، طوني فرنجية، هاغوب بقرادونيان، جورج عطالله، كريم كبارة وعماد الحوت!

مهزلة التشريع التي فضحت وجود زعران تحت قبة البرلمان، كشفت عن تخلٍ نيابي مخيف عن السيادة والحقوق والثروة، فعندما طرح القانون المعجل بشأن ترسيم الحدود البحرية( الخط 29) المقدم من حسن مراد وبولا يعقوبيان، صوت معه نواب الثورة ال13 وكل من النواب حسن مراد، أسامة سعد وعبد الرحمن البزري..فأين مواقف أدعياء السيادة والمستقلين مثل سامي الجميل ورفاقه نواب الكتائب، وأشرف ريفي وميشال معوض وجبهتهم الرباعية إلى النائب فرام وجبهته الثنائية، وبالتأكيد لا لزوم للسؤال عن موقف كتلة القوات فقد أعلن جورج عدوان بالصورة والصوت: نحن مش متل غيرنا موقفنا وراء الدولة(..) أما نواب حزب الله فقد التزموا موقف بري صاحب إعلان "إتفاق الإطار" الذي يكرس التخلي عن الخط 29 الذي بدأ مع حكومة الحزب "القمصان السود" برئاسة ميقاتي! والأكيد إن موقف الأكثرية النيابية حاز تشجيع السفيرة شيّا التي حضرت الجلسة وقد إطمأنت أن لا تعديل على جدول أعمال زيارة الموفد الأميركي هوكشتاين!

وحتى يكتمل مشهد التمثيل بحقوق الناس وليس تمثيل مطالبها، صوتت الأكثرية النيابية ضد العجلة في مشروع قانون تعويض ضحايا وجرحى ثورة 17 تشرين(..) في حين جرى التلاعب بالتصويت المعاد بشأن مشروع قانون الحفاظ على الإهراءات وتدعيمها فهي الشاهد الصامت على جريمة العصر وقد بات معلوماً من تسبب بها ومن هم الشركاء، وها هم يقاتلون لإزالة الشاهد على الجريمة ويقاتلون لإبقاء التحقيق العدلي معلق كي لا يعلن القرار الإتهامي! لكن المواجهة ستستمر وزمن "صُدِّق" سيطوى،وسيفرض على المتحكمين بالمجلس التصويت الآلكتروني لأنه من حق الناخبين معرفة موقف كل نائب حيال مصالح البلد وحقوق أبنائه!

ومع عدم وضوح حجم التغيير السلبي الذي فرضوا إدخاله على قانون السرية المصرفية لتشويه ما تم إنجازه عبر لجنة المال النيابية، فالأكيد أن زمن آلية التصويت غير الشفافة التي كرسها بري ومن خلالها يفرض خياراته إقتربت من نهايتها، والصدام النيابي الصباحي حول التصويت والصدام العنيف مساء دليل أن إدارة مجلس النواب ستتبدل ولننتظر!

ويبقى أنه عشية 4 آب الذكرى الثانية لزلزال العصر، وجريمة الحرب التي إستهدفت بيروت، ومع إنتشار صور الضحايا على جادة شارل الحلو، ومحيط المرفأ إيذناً بإحياء الذكرى الثانية للجريمة بالإصرار على الحقيقة والعدالة..تستمر الحرائق تحت الصوامع في مرفأ بيروت، ويستقتلون في المخطط الرامي إلى هدم الإهراءات، فإن المافيا المتسلطة لا تقدم جديداً. انه النهج إياه منذ بداية الحرب الأهلية لطمس ذاكرة الضحايا ومآسيها، على ما ذكر المحامي نزار صاغية. ما يجري جزء من مخطط مشغول ومدروس وكان له الكثير من التأثير عندما حقق الغاية منه بتقسيم الناس ما يعزز هيمنة الزعامات الطائفية! وهذا المخطط يفترض اليوم مواجهة دون هوادة لكسره.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن