في صبيحة اليوم ال1032 على بدء ثورة الكرامة.

 

قبل سنوات قليلة أعلن جبران باسيل من دافوس أن لبنان قدم للعالم تجربة عن ممارسة الحكم بدون موازنة! واليوم يمكن القول أن لبنان، الدولة المخطوفة بالفساد والسلاح، يمكن أن يقدم للعالم نموذج عن ممارسة الحكم بدون حكومة ومع فراغ رئاسي مقيم منذ سنوات!

اليوم هو الوقت المناسب لنجيب ميقاتي لضب حقائبه لتمضية إجازة بين الريفييرا الفرنسية والإيطالية، إنه الصيف لا يفوته النجيب، ولا شيء يجب أن يشغله ويقطع برنامج نقاهته! فتشكيل حكومة جديدة طوي نهائياً، ورغم لقاء الأول من آب في عيد الجيش، فالتواصل مقطوع بين القصر والسراي منذ 29 حزيران الماضي، يوم قدم ميقاتي تشكيلته الحكومية، والأمور "عادية جداً"، قبل 18 يوماً على دخول لبنان مرحلة الإستحقاق الرئاسي، وتحول البرلمان في الأول من أيلول إلى هيئة ناخبة لإنتخاب الرئيس الجديد!

ليس مهماً بالنسبة لصاحب الدولة، كما كل المتربعين على كراسي التسلط، ما يجري ويطحن حياة العالقين في وطن الأرز! ألاّ يجد بسام الشيخ حسين من وسيلة للحصول على جزء من وديعته إلاّ "السطو" على المصرف وإحتجاز موظفين لإستعادة القسم اليسير مما يملك من السارقين الكارتل المصرفي الناهب، ورغم مؤشرات هذا الحدث فالأمر عادي. وعندما لا يتأمن التيار الكهربائي أكثر من ساعة كل 72 ساعة، ويستمر فقدان الأدوية وبالأخص أدوية السرطان ويستمر الإضراب في بعض مؤسسات القطاع العام ويعود سعر الصرف إلى التحليق وترتفع الأسعار بشكل جنوني، كلها أمور عادية وعلى الناس أن تتعود!

وإذا كان الترسيم جنوباً معطل، لا زيارة لهوكشتاين ولا جواب على المراسيل لإسرائيل، التي أرجأت الترسيم إلى ما بعد الإنتخابات في تشرين الثاني، ولذلك أوقفت تل أبيب ضخ الغاز من كاريش إلى ما بعد هذه الإنتخابات.. فالأمر لبنانياً يتم تلزيمه لحزب الله، الذي حدد زمن الترسيم بالأول من أيلول وكانت حساباته أن العملية على الأبواب، فأعلن ما أعلنه لكي يوحي أنه وراء الإنجاز، وأي إنجاز هو مع التخلي للعدو عن السيادة التي يجسدها الخط 29. الشيخ نعيم قال بالأمس أن حزبه غير معني بظروف الحكومة الإسرائيلية والإنتخابات، وأن حزب الله "داعم" للدولة لإسترجاع الحقوق دون تسويف ووماطلة (..) فيما قال رعد من النبطية: إننا في ملف الترسيم ننتظر لكن ليس لوقت طويل(..)

ويستمر الوضع السريالي! إنعدام توازن وغياب كامل للرؤية! وفيما باسيل ينجح في فرض تراجع حظوظ فرنجية رئاسياً ولا يتمكن من زيادة حظوظه ويتريث حزب الله عشية الدخول في الشغور الرئاسي المرافق مع فراغ حكومي الأمر غير المسبوق، هناك تحدٍ مطروح على نواب الثورة لدفع البلد أكثر نحو مدار التغيير: البرنامج الذي ينبغي أن يحمله من يتقدم لشعل مركز رئاسة الجمهورية لا ينبغي أن يكون مفصولاً عن الشخص صاحب الرؤية والذي يليق بالموقع، ويلبي تطلعات اللبنانيين.

بهذا السياق، ينبغي التوقف عند معطى من غير الجائز تجاهله. صحيح أن تكتل نواب الثورة يضم 13 نائباً والعدد ليس بكافٍ لفرض شخصية في الرئاسة يتوق مواطنينا لوجودها، تأكيداً لأهمية دور الرئاسة في تصويب البوصلة وإنتشال البلد. فإن الميزة لهذا التكتل ليست موجودة لدى الأعداد. أنتم تعكسون نبض الشارع والصوت الحقيقي المعبر عن مصالح من إقترع لكم أو إقترع ضدكم، والمبادرة ستعني، إدخال الناس كلاعب سياسي في المسألة الرئاسية. ولا يستخف كائن من كان بذلك، والمهم شجاعة المبادرة، وعلى الجميع أن يتذكر أن مواطنينا كانوا على الموعد وبادروا وانتخبوا بقوة لوائح التغيير وأحدثوا الفارق، وعلى نواب الثورة الإقدام.

لا تلتفتوا إلى صراخ بعضهم وتهم آخرين ودسائس مدسوسين وشائعاتهم، وكل من يصطاد بالماء العكر منطلقاً من هِنات حدثت وقد تحدث والمهم الأساس، حيث لا تراجع عن إستعادة الدولة والقرار وحماية اللبنانيين. أنتم بكل حالاتكم تحملون إكتمالاً والنقص في الآخرين، لم تهبطوا على المجلس من رداء زعيم طائفي، ولم تدخلوا البرلمان من بابه العريض نتيجة "فت" الأموال، أو تسويق أجهزة الأمن والإستخبارات. قدمتم في الأشهر القليلة معنى نوعي للمارسة النيابية ولدور النائب، فكنتم في اللجان كما البرلمان تقاتلون دفاعاً عن الشأن العام والمصلحة العامة، وكنتم في الشارع لخدمة عموم الناس؛ من إنتخبكم ومن إنتخب ضدكم.

 

وبعد، بعد عقود على كتابه "آيات شيطانية" طعن الكاتب البريطاني – الهندي سلمان رشدي في عنقه أثناء إلقائه محاضرة في نيويورك، وحالته تدعو للقلق. حدث خطير، وستكون له تداعيات على لبنان وكل اللبنانيين حول العالم إن صح أن الطاعن هو الشاب اللبناني المدعو هادي مطر! بالسياق أوساط محسوبة على حزب الله أعادت توزيع فيديو قديم يدعو فيه نصرالله إلى ضرورة تنفيذ فتوى الخميني بقتل رشدي!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: حنا صالح