في صبيحة اليوم 1037 و1038 على بدء ثورة الكرامة.
فيما يرفع جبران باسيل شعار "نحن حراس الجمهورية" في إشارة بالغة الدلالة على تمرد في تشرين فيمتنع عون عن مغادرة القصر(..) يزحف دولار السوق السوداء بسرعة نحو عتبة ال40 ألف ليرة، وهو لامس أمس ال34 ألفاً، ويشهد البلد فوضى مخيفة في تسعير كل السلع، فاقمها بقوة تسريب كتاب ميقاتي إلى وزير المالية باعتماد سعر الدولار الجمركي على 20 ألف ليرة! ضارباً عرض الحائط بالقانون الذي لا يجيز فرض الضرائب والرسوم إلاّ بقانون يصدرعن المجلس النيابي..
إستعدوا للأسوأ! لا تأليف حكومة جديدة قادرة على إتخاذ القرارات التي تحمي البلد وأهله وتكبح الإنهيارات، وحتى لو زار ميقاتي القصر ثانية فالعملية تقطيع وقت. فلا أساس جدياً لأي كلام عن أن رئيس الحكومة ينتظر أجوبة من عون أو ينتظر الأخير مقترحات جديدة. ميقاتي ليس بوارد التأليف لأنه مرتاح للتصريف والتكليف وكرسي الرئاسة مطوبة له حتى إشعار آخر! فيما قرار عون باسيل، منع التأليف، لأن الحصة الراهنة في حكومة تصريف الأعمال وازنة، والرهان كبير عند أصحاب الفتاوى لإعلان التمرد بدءاً من 31 تشرين أول تحت عنوان عدم جواز تسليم صلاحيات الرئاسة لحكومة تصريف أعمال!
وانتبهوا جيداً ما كان هذا المنحى ليتبلور بسرعة لولا قبة باط من حزب الله تمكنه من تهديد الآخرين: إما الموافقة على خيار الحزب للرئاسة أو الشغور، وإحتمال تمرد عون وإن كان لا يملك أي صلاحية دستورية إن أصر على تمديد إقامته الرئاسية! نعم إنهم يستثمرون بالخراب وبجوع الناس وإذلالها، كي يستمر مخطط إقتلاع البلد، مخطط حزب الله إستكمال نقل لبنان إلى محور الممانعة، فتتقدم الهيمنة الإيرانية عليه عبر تغول الدويلة، وتذكروا ما كان قد قاله نعيم قاسم: اللي مش عاجبوا يفتش عن حلٍ آخر له!
في هذا الوقت والإستحقاق الرئاسي حتى الساعة موضع تجاذب القوى التي أوصلت البلد إلى الحضيض واللبنانيين إلى الجحيم، وهددت البقاء والكيان سياسات الذين إرتهنوا البلد لبنان مقابل كراسٍ ومحاصصة، فاستمروا بتغطية إختطاف الدولة وقرارها..فإن الشعب اللبناني عموماً في موقع الغائب عن هذا الإستحقاق الكبير: رئاسة الجمهورية. الأمر الذي ينبغي أن يستحث نواب الثورة على خطوات محددة باتجاه بلورة معالم العنوان الغائب عن الإستحقاق الرئاسي، ألا وهو برنامج إنقاذ البلد واستعادة الجمهورية والقرار حتى تكون رئاسة – بوصلة، لإنتشال لبنان واللبنانيين. وبمثل هذا المنحى لن يبقى فوق الغربال وأمام أعين الناس أيٍ من الأسماء الكالحة الشريكة في كل الإنهيارات التي ضربت لبنان ودمرت معيشة أهله وحطمت صورته والغت دوره ومكانته.
لا أولوية تضاهي إستعادة الجمهورية وقرارها، حتى تكون الرئاسة محررة من الهيمنة الخارجية، وحتى تكون رئاسة، فلا يتنازع قرارها صهر مدلل وحزب مدجج! وبعبارة أوضح، آن الأوان لأن يتحول الإستحقاق الرئاسي إلى مناسبة لخوض اللبنانيين معركة تحرير الجمهورية وقرارها، ولا يهدد كائن من كان بالشغور ! فالرئاسة اللبنانيية كانت شاغرة على الدوام في آخر 32 سنة، وإن بلغ الشغور مرحلة الهزل في العهد القوي! وليكن واضحاً أن الإبتزاز الذي يمارسه بعضهم، من أن إنتخاب الرئيس هو المدخل الذي لا بديل عنه، فلم يوصل إنتخاب رئيس إلى تغيير في السياسات المدمرة التي قادت إلى الإرتهان والتبعية و"من جرب المجرب بيكون عقله مخرب"!
2- وبعد، فضحهم مشروع رفع قيمة الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 20 الفاً، لا بل كشف عن حجم عدوانيتهم للناس. حزب الله قائد أوركسترا الخراب متحمس للدولار الجمركي، فيعلن الوزير بيرم وزير العمل:" لا بد من رفعه" ويضيف أنه لا يحتاج إلى تصويت في مجلس الوزراء! ووزير المالية الخليل إدعى وجود صلاحية إستثنائية تمكنه مع رياض سلامة من تعديل الدولار الجمركي وسار ميقاتي في الطليعة بدليل كتابه إلى الخليل! فيما أن صمت بقية الأطراف دليل موافقة، ويزعم أمين سلام، وقد برز الهوى العوني في أدائه، أن رفع الدولار الجمركي لن يؤثر على أسعار السلع الأساسية! والأساس أنهم يعتزمون الإقدام على خطوة خطيرة جداًمن خارج القانون ودون أي إشارة إلى الإصلاحات لأنها بيت القصيد! بل همهم التمويل وجلد الناس والمضي في سياسة لحس المبرد!
كلهم يفوضون أمر البلد مجدداً إلى دولة رياض سلامة وتعاميمه، وهل أفضل لهم من ملاحق بكل التهم المالية الجنائية أمام القضاء الأوربي،( تبيض أموال، تهريب، إثراء غير مشروع..) لإتخاذ خطوات تدمر ما بقي من معيشة للناس! في هذا الوقت وفي ظلّ الإستيراد على دولار جمركي 1500 ليرة يلجأ كبار المحتكرين والتجار إلى تخزين السلع لبيعها على الأسعار المرتفعة! ومعروف أن كل المستوردين الذين سددوا جمارك على 1500 ليرة وسعروا على دولار يفوق الثلاثين ألفاً لم يرشقهم أحد بوردة، فحصدوا في عز الإنهيارات فوارق أرباح تجاوزت ملياري دولار فوق أرباحهم التقليدية، حصدت منها منظومة النيترات المتسلطة حصة وازنة من هذه الأرباح مقابل الحماية لكارتلات النهب!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن
الكاتب: الصحافي حنا صالح