كلام خطير واعتراف صريح يمس كيان ووجود الدولة والجمهورية والمستقبل القريب والبعيد، قاله الرئيس ميشال عون بدعوته القضاة إلى الانتفاضة على الظالمينن من أصحاب النفوذ ومن يعيقون قيامهم بدورهم، ودعوتهم لعدم الخوف منهم وتنفيذ وترسيخ العدالة بانتظار أن تطالهم عدالة السماء.
ماذا يعني هذا الكلام لمن يقرأ قراءة ثلاثية أو رباعية الأبعاد؟
1- لا عدالة في لبنان وأن الظالمين، وإن كان الرئيس يعتبر نفسه خارجهم هم الحاكمون وهم من يحكم ويتحكم بالقضاء والقضاة.
2- إذا كان القضاة لا يملكون الجرأة ويخافون فمن الذي يملك الجرأة في بلد العجائب ليعطي الناس حقها. وهل هذا الواقع مستجد أم أنّه قائم منذ بداية عهد الرئيس عون. وإذا كان كذلك فلماذا بقي حضرته صامتا حتى نهاية عهده. وبالعبارة الأوضح لماذا بقي متقبلا لهذا الوضع الخطير وقرر في آخر أيامه أن ينتفض ويدعو القضاة لكي ينتفضوا؟!
3- على مستوى النهوض الاقتصادي المزعوم من قِبَل الطبقة الحاكمة وما يعد به صندوق النقد الدولي والشروط التي يضعها وأولها وجود قضاء نزيه وعادل، كيف يمكن لنا أن نفهم كلام الرئيس وهذه الشهادة السيئة التي يعطيها في السلك القضائي والحال التي يعيشها؟ ألا قتل لأي أمل بأي نهوض من خلال دعم الإرادة والصندوق الدوليين؟
4- استطرادا: هل يمكننا التفاؤل والأمل بقضاء عادل وصارم لا يخاف الظالمين الذين يتحدث عنهم عون وينتصر عليهم؟ وكيف سيتحقق ذلك؟ أبوضع هؤلاء، وهم بالطبع طغمة الحكام والمستقوين بسلاحهم والمتمردين بالميثاقية القاتلة عندما يقررون الاستنكاف، والمنقلبون حديثا على تحالفاتهم لمسايرة هؤلاء، في السجون وكيف؟ أعبر القضاء ( الجبان ) أصلا بشهادة الرئيس أم بطريقة تشبه ما قام به الأمير السعودي محمد بن سلمان؟!
وفي الختام كيف يمكن أن نراهن أنّه في ظل رئيس جديد أيا كان اسمه أننا قد نصل إلى قضاء عادل لا يخاف، إذا كنا في ظل الرئيس والعهد القويين لم نتمكن من فرض هذه القوة لدحر الظالمين الذين يخيفون القضاء!
إنّها معضلة ما بعدها معضلة وإدانة للعهد القوي ولكل فريقه وحسب القول (من فمك ادينك) ومن أين سياتي الفرج وكيف طالما أن الظالمين أنفسهم وحليفهم المنقلب لصالحهم وليد جنبلاط، وهو أصلا واحدا منهم هم من سيعيدون انتاج رئيس، أو رمينا في الفراغ الى حين رضوخ الرافضين ؟؟
حل وحيد ينقذ هذا البلد المسلوب بإرادته وماليته والناس المسروقة ودائعهم هو قوة الهيّة تخلّصنا هذا البلد من الظالمين جميعا. وتفرض عدالة كاملة وتامة عبر قضاة أحرار وعادلين غير مقموعين، وبانتظار ذلك لا داعي للحديث عن خلاص ولا عن بلد ولا عن رئيس... وليرحم الله لبنان.
الصحافي ريمون بولس