في صبيحة اليوم 1041 و1042 على بدء ثورة الكرامة.
باقٍ من زمنه في بعبدا 69 يوماً! أيام طويلة على اللبنانيين الذين عانوا الأمرين في عهد الإنهيار الأسود الذي كرس الهيمنة على الرئاسة التي باتت تعني فريق الرئيس دون سواه. لكن رغم طول المدة المتبقية فإن كل أخبار القصر تؤكد التخبط والقلق حيال مرحلة ما بعد 31 تشرين الأول، مرحلة ما بعد إنتهاء الولاية!
في جريدة "الأخبار" فرجة اليوم. يعتزم عون وفق محيطه إسقاط تكليف ميقاتي وتشكيل حكومة تسلم صلاحيات الرئاسة! وتعترف أن هذه الخطوة ستتعرض للتشكسك الدستوري ما يعني أن الفتوى غير جاهزة! لكن "الأخبار" تنقل أيضاً أنه بدون ذلك هناك تجاوز على الطائف؟ جميل الحرص على الطائف لكن كيف؟ ما خبرتنا لكنها ذكّرت بالطائف، وهو بالنسبة لهم من رجس الشيطان!
وفي الكواليس ينتظر ميقاتي صلة لإجتماع مع عون، لكن التأليف بات في الثلاجة، وزيادة العدد إلى 30 وزيراً والتطعيم بالسياسيين تم طيه، وهو أصلاً طبخة بحص!
لكن من القصر إلى السراي وعين التينة، الغائب هو هم الناس ومصالحها، لا يعنيهم زحف الجوع ولا هجرة ولا "قوارب موت"، ولا يستوقفهم أن لبنان يحتل المرتبة الأولى في التضخم عالمياً. يتحدثون عن إمكانية أن يكون سعر الدولار الجمركي عند 12 ألف ليرة، لكن ما من إشارة لأي خطوة إصلاحية تواكب ذلك، والأكيد ما سيتم تحصيله سيهدر كما مليارات الدولارات من الودائع التي سرقوها جهاراً نهاراً! والأكيد أن كل المتفجعين ضد رفع الدولار الجمركي، سواء من أطراف السلطة أو المحتكرين، لا ينطلق "خوفهم" من الحرص على مصالح الفقير، وليسوا قلقين مما سينتج عن ذلك من تقلص الإنتاج والتضخم وتفاقم الأزمات.. فهم سعروا على دولار 40 ألفاً ولم يردعهم رادع ولا لزوم لسؤال عن الضمير، وما من رؤية عند أي طرف! اليوم بلغ التضخم في سنة واحدة 332% فبات لبنان في المرتبة الأولى(..) والسلة الغذائية للأسرة التي كانت تكلف قبل عام واحد مليون ليرة تجاوزت اليوم رقم ال4 ملاين ونصف المليون ليرة!
وقبل 8 أيام على تحول المجلس النيابي إلى هيئة إنتخابية، تعطلت أعمال اللجان لعدم توفر المازوت(..) لكن عين التينة مشعشع كما بعبدا والسراي! واللافت غياب أي ترشيح يمنح اللبنانيين الأمل. مع برنامج إنقاذ حقيقي وشخصية مستقلة متمسكة بالدستور وبحتمية إستعادة الدولة المخطوفة، لتصبح الرئاسة رافعة للإنقاذ، وليس مطية للمضي بمخطط إقتلاع البلد واستتباعه. واليوم هناك رهان على ما سيقدمه نواب الثورة في الأول من أيلول، ومدى التوجه لإستعادة صوت الناس وفعلهم في الإستحقاق الرئاسي، ومدى التوجه لجعل معركة الإستحقاق الدستوري محطة في مسار التغيير يكمل محطة الإنتخابات النيابية.
الأمر المؤكد أن الطروحات التي تعتبر الإنتخابات الرئاسية آخر المطاف، وتهول على الناس بمخاطر الشغور، فإن أصحابها يعرفون أن الشغور في الرئاسة قديم تفاقم في العهد الحالي. إنهم في موقع الإتهام بأنهم لا يريدون وضع البلد على مدار التغيير. جل همهم تبادل الكراسي، هم "رجال سلطة" يبحثون عن مواقع وحصص، وليسوا رجال دولة يحملون هم إنتشال البلد وحماية أهله.. وأول الأدلة أنهم يتشاركون الآخرين إدارة الظهر لوجع الناس وللمصالح الوطنية الحقيقية والعدالة والمحاسبة والشفافية، من موقفهم في تجويف قانون رفع السرية المصرفية وجعله يحمي المرتكبين إلى الضرب عرض الحائط بالخط 29!
وهنا نفتح مزدوجين كي نشير إلى أن مهلة حزب الله الترسيم جنوباً قبل الأول من أيلول باتت منذ الأمس برسم التمديد. كل صلات بوصعب بالموفد الأميركي لمعرفة ما تسلم من إسرائيل وما خططه للعودة باءت بالفشل، فلا واشنطن ولا تل أبيب بوارد النزول عند عناوين خطاب نصرالله والمواعيد التي ضربها وإلاّ..وعندما توضح ذلك قال نصرالله ليل أمس: من إنتظر "عشرات السنين" يمكنه أن ينتظر بعد "كم يوم"..نعم التبريد يتقدم وهذا الملف مرتبط بما يجري في فيينا وغير فيينا، والقرار بالتصعيد من عدمه في مكان آخر، طالما أن التحالف المافياوي أسلس القياد للدويلة، وتخلى عن الحد الأدنى من دوره الوطني ومسؤوليته.. لكن إبشروا، من الجنوب إلى كل لبنان، فحزب الله يعتزم إعادة النظر بملف "الأراضي اللبنانية المحتلة"، و"تحريرها" وببساطة كاملة أعاد نصرالله عبارة "أن الله مكلفنا" بذلك!
هذا "التكليف" ما كان له أي مكان لو توفر للبنان سلطة تعبر عن مصالح شعبه ومصالحه الوطنية. وما كان لأي جهة أن تقفز فوق الإنهيارات وما تسببت به من وجع عام للبلد، وبالتالي الخيارات واضحة: إما الذهاب وفق ما يريدون "كلن يعني كلن" بانتخاب رئيس إدارة أزمة ، أو ما يُسمح له بذلك. أو جعل الإستحقاق الرئاسي محطة مواجهة سياسية تستكمل محطة الإنتخابات النيابية وتفتح الطريق أمام صوت المواطن المعني بالرئاسة كما أي آخر، وهذا المنحى هو المأمول من نواب الثورة، وهو ممكن والمطلوب التفكير والعمل والمبادرة من خارج صندوق المتسلطين وملاقاة مئات ألوف اللبنانيين الذين صوتوا عقابياً ضد السلطة السياسية!
وبعد، إنهار الجزء الشمالي من صوامع إهراء المرفأ. الإنهيار الذي تم صباح اليوم بعد أكثر من عامين على جريمة الحرب ضد بيروت، هو نتيجة إهمال السلطة لدورها ومسؤوليتها فلجأت إلى التلطي خلف الحرائق التي تسبب بها غياب العالجة، للتمكن من هدم الصوامع، وهاجسهم إزالة الشاهد على الجريمة ووضع ستار كثيف على الذاكرة.. الجريمة لن تطوى والحساب آت ومهما طال الزمن ستدفعون الثمن كاملا!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
حنا صالح