في صبيحة اليوم ال1044 و1045 و1046 على بدء ثورة الكرامة.
لا تهولوا بمخاطر الشغور الرئاسي، فالشغور مقيم في القصر!
إنه شغور قديم بلغ في العهد العوني الذروة، مع السيطرة على الرئاسة واستتباعها والإمعان في إختطاف الدولة وتغييب قرارها الحر.. فأخذ الرئيس حجمه الحقيقي: رئيس لتيار، رئيس فئة، أولويته المصالح السياسية لتياره وأتباعه! ولم يخطيء الناس يوماً عندما تحسروا على فترة ال30 شهراً بدون رئيس!
وكل الطروحات لإملاء الشغور من طينة وجوه نظام المحاصصة الطائفي ستعمق الأزمة وتقفل أبواب الفرج. وليكن جلياً أن المطلوب اليوم لا يتمحور حول مهمة قطع الطريق على وصول مرشح عن حزب الله إلى بعبدا؛ فرنجية أو باسيل أو شبيههما..ولا يتمحور حول أي مفاضلة مع أي وجه من وجوه المتسلطين ممن تشاركوا "نعم" نظام المحاصصة الغنائمي في أي وقت، بل أخذ معركة الرئاسة إلى الناس برنامجاً ومرشحاً، لتكون الفرصة لإستعادة تأثير اللبنانيين في الإستحقاق الدستوري المحوري.
بعد عقود من السيطرة على الرئاسة وحكومات الوحدة الوطنية وغياب المساءلة والمحاسبة وارتهان البلد لمشروع الهيمنة الخارجية، الإيرانية بعد السورية، يجب تحويل فرصة الإستحقاق الرئاسي إلى معركة إستعادة الجمهورية حتى تُستعاد الرئاسة، فالقتال على الرئاسة سيبقى عقيما بدون إستعادة الجمهورية وقرارها المسلوب.. والفرصة مؤاتية لإستكمال محطة الإنتخابات النيابية باتجاه بلورة البديل السياسي الذي لا تؤمن شروطه إلاّ قيام "الكتلة التاريخية" الأداة الكفاحية للبنانيين لفرض حقوقهم واستعادة بلدهم ومحاسبة شاملة للمرتكبين الفاجرين الناهبين الذين يحاضرون بالعفة.
في اليومين الأخيرين إنبرى عون لإدارة إستكمال معركة الخراب بدءأ من قمة الهرم. سقط توزع الأدوار بينه وبين باسيل، وراح يفتي بشأن الصلاحيات، ليتسع التهويل وتعميم إجتهادات لا أساس دستورياً لها.. لكنها في لحمتها وسداها تخدم التخطيط المتعمد لعدم مغادرة القصر! والخطير هنا يكمن في فتح الباب الطائفي على مصراعيه، بتلاعب خطير بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، لتحويل الإستحقاق الدستوري إلى صراع ماروني سني، لتغطية منحى التقدم للسطو على صلاحيات رئيس الحكومة، أملاً بأن ذلك يغطي المنحى الإنقلابي الذي يتم تجهيزه لإحتلال القصر من عون وفريقه!
الإستحقاق الدستوري ليس صراعاً على الصلاحيات بين الموارنة والسنة، إنه معركة الشعب اللبناني لإستعادة الجمهورية والقرار، ومحطة في الصراع لاستعادة البلد وبسط السيادة وفتح زمن المحاسبة، وتدفيع الثمن لكل المرتكبين: من قتلة وناهبين ومدمرين للقضاء والعدالة لم يرف لهم جفن وقد تحول قسم من اللبنانيين إلى شعوب "قوارب الموت"، ولم يبذلوا أي جهد لإنتشال الضحايا من أعماق البحر وقد مضت الأشهر الطويلة على غرق مركب الموت.
لكن لا يخطيء إنسان الحساب. لولا "قبة باط" حزب الله لما كان البلد يشهد كل هذه الرعونة، التي قفز أصحابها فوق قتامة المشهد المعيشي المدمر والظلمة التي تعم البلد 24 على 24 ,هي التتويج الحقيقي لعهد إستتباع البلد وارتهانه، عهد قيادة حزب الله لهذا التحالف المتسلط وعهد إستئثاره بكل القرارات. نعم يراهن حزب الله على الإستثمار في نتائج هذا الخلاف المتمادي بين جهات محسوبة عليه، وهو المدرك أن الإنتخابات النيابية أفقدته القدرة على الفرض، يراهن على حرف الصراع لإستعادة توجيه الدفة ويفرض لاحقاً في الرئاسة أحد الأتباع ليكون مطية المضي بمشروع إقتلاع البلد وتصحيره واستكمال تهجير أهله! والمواجهة ينبغي أن تكون من نفس العيار بالعمل لخلق ميزان القوى الذي يمكن معه إملاء إرادة اللبنانيين!
رئاسة الجمهورية محورية ومهمة جداً وليست آخر المطاف. إنها محطة في معركة الشعب اللبناني لاستعادة الدولة المخطوفة واستعادة الدستور وطي زمن نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، ولا ينبغي فقدان البوصلة.
الرهان كبير وكبير جداً على ما سيطرحه نواب الثورة وكل الأعين مركزة الآن بهذا الإتجاه لتكون معركة الرئاسة محطة في مسار التغيير المنشود.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
حنا صالح