في صبيحة اليوم ال1063 و1064 على بدء ثورة الكرامة
تتزاحم القضايا، وتتسع الإنهيارات، ووحده الإنهيار في سعر صرف الليرة يسجل أرقاماً قياسية، والإرتفاع المتواصل في سعر المحروقات يخنق اللبنانيين، وما من مؤشر أن المتسلطين بصدد أي تدبير يحدُّ من الإندفاعة دون كوابح لكرة الثلج التي تنقل لبنان من قعر إلى قعر، فهم بالجملة كمنظومة نيترات يستثمرون في وجع الناس وجوعهم ، كما يستثمرون في إرتهان البلد للخارج ويديرون الظهر لأي خطوة إصلاحية، مع الفارق أن حجم الإنهيارات صنفت الكارثة اللبنانيية بين الأضخم عالمياً على مدى 150 سنة!
النكبة اللبنانية إسمها الطبقة السياسة المتسلطة، الجشعة والخانعة والمرتهنة، والتي لم تستمر على مقاعدها بعد ثورة "17 تشرين" لولا تغول دويلة حزب الله على الدولة، وهو تغول ما كان ممكناً لولا التغطية لمخطط إختطاف الدولة الذي "قرشته" بقية المنظومة بالتربح غير المشروع!
اليوم 14 أيلول موعد بدء جلسات الموازنة العامة. إنتباه لبنان بدون أي موازنة منذ العام 2019 رغم كل مآسي الإنهيارات! الإنفاق يتم من خارج أي موازنة ومن خلال طبع العملة ومزيد من التضخم يضرب البلد. وخطير ما هو مطروح على المجلس النيابي اليوم، فمشروع الموازنة خالٍ من أي إصلاح، لا يرتكز على أي خطة ويحتفظ بكارثة تعدد أسعار الصرف. يعتمد سعر الصرف بالنسبة للإيرادات على 20 ألف ليرة للدولار، والدولار الجمركي على 12 ألف وإنفاق القطاع العام رواتب وأجور على سعر 1500 ليرة؟؟!!
مع غياب أي سعر موحد للدولار، ومع الإرتفاع المتواصل لسعر الصرف في السوق الموازية وتالياً سعر منصة صيرفة، كيف تم وضع موازنة؟ وكيف سيتم جني الإيرادات؟ وكيف ومن أين سيتم تمويل العجز الكبير؟ نعم بالمزيد من طبع العملة ومزيد من الإنهيار ومزيد من التضخم.. بري وميقاتي يستعجلان إقرارها، والأكيد أن الجلسات ستشهد مبارزة في النقد، فهل سيكون لدى النواب تعديلات حقيقية تنطلق من تخفيف الأعباء على الناس وتلجم بعض إنفلات كارتلات السلع الغذائية والمحروقات والمصارف وتسد شيئاً من أبواب الهدر؟! ننتظر لكن الأمل متواضع..وهنا لا تفوتنا الإشارة إلى أن إصرار بري على بدء الجلسات اليوم في 14 أيلول إمعان في النهج إياه الذي تم رسمه في "غارات الطيونة".. دوما يراهنون على الإشعال الطائفي، فمثل هذا الحريق يفاقم عمى الألوان لدى العامة، ويفاقم من حجم الإنقسام الطائفي ويعيق النهوض الوطني؟ ببساطة هل كان يقبل نبيه بري تعيين جلسة نيابية او حكومية يوم ذكرى تغييب الإمام الصدر؟
2- مبادرة تكتل التغيير، في مكانها وزمانها، ولطالما دعمت هذه اليومية هذا المنحى، ونبهت على الدوام إلى ضرورة عدم المبالغة في الإنتظارات المتأتية عنها. لا بل كان التأكيد مع نواب الثورة أن الرئاسيات مسار ولا ينبغي لكائن من كان التهويل بالشغور، فهو قائم في الرئاسة منذ عقود وتفاقم مع عون، لذلك كان الترحيب مضاعف عندما أعلن نواب الثورة أن مشروعهم هو دعم قيام "الكتلة التاريخية" لأنها وحدها ما يعدل في موازين القوى الداخلية ويمنح مبادرة نواب الثورة الفعالية.
مع قرار الذهاب إلى الإنتخابات والدخول إلى البرلمان، أمر منتظر التفاوض مع الآخرين على المشاريع والقوانين، ومطلوب من نواب الثورة مبادرات جدية على أكثر من صعيد.. وبالمقابل كل الإنتقادات التي تم توجيهها لجولة النواب مفهومة ومبررة بالنسبة لمطلقيها. حتى مقولة "إلحق الكذاب إلى باب الدار" لا مكان لها مع منظومة النيترات. وهنا على نواب الثورة وضع الكثير من الماء في نبيذهم وعلى بعضهم التخفيف من الرهانات، فالتوافق ليس ديموقراطية وليس دليلاً على الإختيار الأفضل، وعمره ما كان الوسط مؤشراً إيجابياً وأمام الجميع "وسطية" نجيب ميقاتي. في هذه اللحظة، ما من عاقلٍ يحسد نواب الثورة على اللقاءات التي عقدوها: مع محمد رعد الذي كل ما تكلم يخون البلد وأهله وهو من رموز العدة الإيرانية، أو المدعى عليه بجناية القتل في جريمة تفجير المرفأ والمعاقب دولياً علي حسن خليل، أو "الهيلا هيلا هو" المعاقب دولياً وأبرز الأسماء التي عرّتها الثورة!
هناك نقص حصل من جانب نواب الثورة، شكل بعض الجلسات ما كان ينبغي القبةول به، وينبغي سده فوراً بدءاً من اليوم، عبر بيان تفصيلي عن كل لقاء: ما كان طرح وفد الثورة؟ وما كان الجواب من الجهة الأخرى وما كان ردكم عليهم؟ فكل ما تم تعميمه بعد الإجتماعات لا يفي بالمطلوب.. وغير مقبول الإيحاء أن بياناً تفصيلياً سيصدر عن التكتل حول ما خلصت إليه المبادرة..إن ذلك قد يضيع كل جوانب الإيجابية المتواضعة للمبادرة أصلاً! على نواب الثورة مخاطبة الناس بعد كل لقاء بتقديم الحيثيات التي تخللته..وإلاّ فإن خطر تفاقم العناصر السلبية سيتضاعف.
3- في عجالة، لم يختار الإجتماع الطويل لمجلس القضاء الأعلى أي قاضٍ لشغل موقع القاضي الرديف في جريمة تفجير المرفأ. أسماء كثيرة من القضاة رفضت ورفض المجلس أسماء أخرى والضغط الشعبي والقضائي يفعل فعله..والقاضي بيطار متمسك بدوره وذكرت مصادر مقربة أنه لن يسلم أي ملف ويرى أن تعيين أي قاض رديف أمر منعدم قانوناً.
أهالي الضحايا ونقابة المحامين يتابعون هذه التجاوزات الخطيرة، مع إصرار على الحقيقة والعدالة، وقد تقدم الأهالي بدعوى جزائية ضد وزير العدل خوري الذي تطاول على أهالي الضحايا وأطلق بحقهم التهم الشائنة ليؤكد المؤكد أنه جزء من الماكينة العونية ليس إلاّ وليس وزيراً للعدل في البلد.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح