في صبيحة اليوم ال1066 على بدء ثورة الكرامة

مرّ أربعون عاماً بالتمام والكمال على الطلقة الأولى بوجه الإحتلال الإسرائيلي للبنان، ودخول العدو العاصمة بيروت متوقعاً من عروس العواصم أن ترفع الرايات البيضاء، وأن يتم رش الرز على الغاصبين، بعدما بعض كبار المتسلطين اليوم، رافقوا الجزار أريال شارون في شرق العاصمة، إن في مؤتمره الصحفي في أوتيل الكسندر أوفي جولته حول أسوار المتحف حيث تم كسر شوكة جيش الإحتلال طيلة أسابيع!

أربعون عاماً إنقضت على إنطلاقة "جمول" جبهة المقاومة اللبنانية ضد الإحتلال الإسرائيلي إثر النداء الشهير لجورج حاوي ومحسن إبراهيم. من بيروت إنطلقت المقاومة، من بيروت العصية على كل أشكال القهر مدينة الفرح والضوء رغم محاصرتها بالعتمة، من هذه البيروت بادر شجعان شباب وصبايا، يوم عزّ الرجال، إلى بدء المقاومة المسلحة لتحرير العاصمة أولاً. بيوت من لحم ودم حمت المقاومين برموش العيون.
ومن موقع قريب آنذاك، من مركز القرار المقاوم، أجزم أن كتار من كل جهات لبنان لبوا النداء، وأميل إلى التأكيد أنه لولا إحتلال بيروت وانطلاق "جمول" من بين أحيائها، لكان المشهد العام مختلفاً. بيروت أم المقاومة وحاضنتها، والذين قدموا الغالي والرخيص، وتباعاً طردوا الإحتلال حتى الشريط الحدودي، لم يطلبوا مكافأة ولا ثمن.. وكل البقية معروف.

بالتزامن مع هذه الذكرى، ذكرى ال 40 سنة، على بدء ملحمة التحرير لتوحيد الأرض، إنعقد إجتماع في القصر الجمهوري حمل مؤشرات تنازلية خطيرة ومقلقة. ترأس عون الإجتماع الذي ضم بوصعب وجريصاتي وإبراهيم وممثل عن بري وآخر عن ميقاتي وغيرهم .. فعرض لهم المقدم عفيف غيث رئيس مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش، مخاطر القبول بالعرض الذي قدمته تل أبيب عبر هوكشتاين لإقامة "خط أزرق بحري" يمتد عبر "الطفافات" المتحركة التي وضعتها إسرائيل. وفنّد المقدم غيث محاذير إعتماد ذلك الخط. ومعروف أن تل أبيب لمحت إلى تعديل لاحق في خط الحدود البرية بتجاوز النقط B1! ويشطب مطالبة لبنان وحقه الأكيد بالنقاط ال13 المختلف بشأنها منذ ترسيم الخط الأزرق البري عام 2000!
ما تناقلته وسائل الإعلام خطير جداً فالسادة بوصعب وممثل بري وممثل ميقاتي ضغطوا في الإجتماع للقبول بطلب هوكشتاين، وتالياً ما تريده تل أبيب، والذريعة أن الطلب الإسرائيلي "لا يقضم مساحة بحرية كبيرة من المياه اللبنانية"!!! وربطوا الموقف بإيضاحات حول نهائية نقطة الحدود B1. أي فوق التنازل عن 1800 كلم مربع من المياه الإقتصادية الخالصة والثروة الغازية في " كاريش"، تنازلاً جديداً سيؤدي إلى تغيير الحدود البرية لمصلحة العدو، وهي المرسمة عام 1923 بين الإحتلال البريطاني لفلسطين والفرنسي للبنان، والمصدق عليها في عصبة الأمم عام 1024، وتكرست في إتفاقية الهدنة مع إسرائيل عام 1949.
إن وقف هذا المنحى والعودة إلى الخط 29 يحمي حدود البلد وحقوقه، ويصفع الصلف الصهيوني والإنحياز الأميركي، وإسترداد مجلس النواب لهذا الملف أكثر من ضرورة، وهو اليوم التحدي الأبرز المطروح على نواب الثورة.. وأنتم تكتل ال13 أهل لرد هذا التحدي.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح