في صبيحة اليوم ال1068 و1069 على بدء ثورة الكرامة.
كان ميشال عون يطلب بإلحاح، من زوار قليلين مقربين مازالوا يزورون بعبدا، ألاّ يتركوا جبران باسيل، في هذا الوقت كان جبران يضرب ضربته ويدخل إلى مدينة الفيحاء طرابلس والميناء!
الزمن، صبيحة أحد قبل 44 يوماً على انتهاء عهد الإذلال والتبعية. جبران باسيل في الميناء عند الساعة السادسة صباحاً، والقوى الأمنية طوقت كل المنطقة وانتشرت على المداخل والمخارج من 1680 جهة كما يقال! ومشى جبران وسط غابة من الحراس باللباس المدني نحو 10 دقائق قبل أن يغادر..والصور عن الزيارة تم توزيعها قرابة الظهر!
على الأغلب بعد 43 يوماً، عند نهاية العهد، ومغادرة عون الحتمية قصر بعبدا إلى النسيان، فإن جولات باسيل في مدينة البترون ستكون قبل الفجر، قبل أن تصحو المدينة، والأكيد سيتعذر على الهيلا هيلا هو الإنتقال إلى قصره المنيف في اللقلوق!
"حضور" باسيل في ميناء طرابلس، أُريد منه بعث رسالة إلى المشتغلين على الملف الحكومي، وإن صح التعبير من بيدهم قرار ميقاتي بري وسواهما عنيت حزب الله. فمن مراجعة تصريحات نعيم قاسم إلى خطاب نصرالله الأخير وتأكيده في المسألة الحكومية:" اليوم لدينا آمال كبيرة في هذا المجال، منعاً للدخول في نوعٍ من أنواع الفوضى"، كلها تحمل التأكيد بأن قرار حزب الله الذي فرض عون في الرئاسة قبل ست سنوات يقضي بطي الصفحة اليوم، والبديل الحكومة الراهنة مع بعض الرتوش، ( وزيرا المهجرين والمالية سيطالهما التغيير وربما أحد وزراء فرنجية)، بعد إسقاط مطلب عون زيادة 6 وزراء دولة يكون بينهم باسيل علّه بذلك يقبض على قرار الحكومة ويضمن له شيء من الإستمرارية!
إذن مطلع الشهر سنكون أمام تفعيل الحكومة الراهنة: مراسيم التأليف والشروع في وضع بيان وزاري وذهاب إلى المجلس النيابي لطلب الثقة، والهدف أن تتولى هذه الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية، بعد تسليم أكثر الفرقاء بأن الشغور في الرئاسة سيتمدد، وهذا ما لاحظه نواب الثورة في جولاتهم، فالرئاسيات في موعدها الدستوري ليست أولوية لأي طرف( تصريح النائب مارك ضو).
إحياء الحكومة الحالية، أمر يعبرعن تحدٍ خطير لنتائج الإنتخابات وما أكدت عليه من منحى للتغيير. ففي هذه الخطوة إصرار غير مسبوق على تمكين حكومة "الثورة المضادة" من إكمال مهمة القضاء على مقومات البلد. هنا نفتح مزدوجين لتنشيط الذاكرة لدى البعض، فقد شكل ميقاتي حكومته في أيلول قبل سنة من اليوم. كان سعر الصرف 16 ألف ليرة فبات السعر 38 ألفاً. وكان المأخذ على الحكومة الواجهة برئاسة دياب أنها لم تتخذ أي تدبير من شأنه أن يكبح الإنهيارات، التي باتت كرة ثلج، وعمد دياب لتنفيذ المخطط المرسوم باستنزاف المتبقي من ودائع للناس في مصرف لبنان، إلى تغطية التهريب.. فتابع ميقاتي ذلك ب"نجاح أكبر"! بددت حكومة "الثورة المضادة" برئاسة النجيب ما يفوق عن 5 مليارات هي ودائع للمواطنين! والأكيد هناك فارق بين ميقاتي ودياب، فالأول يدعم سلامة فيما دياب لأسباب عونية كان ضده، وفيما سعى دياب لتجميد كل شيء، فإن الثنائي بري وميقاتي عملا دون كلل، وإن لم ينجحا بعد، من أجل قانون مسخ ل"الكابيتال كونترول" يشرع الجرائم المالية المرتكبة ويحمي الكارتل المصرفي الناهب!
هنا نصل إلى دور الكارتل المصرفي، فقد نفذ اليوم الإضراب لثلاثة أيام إستنكاراً لما إعتبره تعدياً وتهديداً من المودعين! ويحظى الإضراب بحماية سياسية من وزارة الداخلية، وحماية قضائية من النيابة العامة التمييزية. في البلد معضلة عنوانها التصادم بين القانون والحق والعدل..صحيح يمنع القانون إقتحام المصارف، وهذا يعرفه جيداً أصحاب الودائع، لكن السؤال لما غاب القانون عن سرقة الأموال؟ ولما كان تعامي القضاء عن إرسال ناهب واحد على الأقل إلى المحاسبة الشفافة، بحيث يطمئن المودع أن هناك إمكانية في مكانٍ ما لتأمين العدالة واستعادة الحقوق؟
لن تتوقف حملة الموجوعين الهادفة إلى إستعادة الحقوق بأيديهم، ومن العبث البحث عمن يقف خلف التحرك، ومهين إستسهال إطلاق التهم ضد الفريق الأضعف، أي المواطن المودع، الذي نهبت أمواله وجنى عمره، فيما أرباح الكارتل المصرفي السياسي الناهب تسجل المعدلات الفلكية! هذا التحرك ينبغي أن يطال السياسيين، الحماة الفعليين والشركاء في الجريمة التي نفذها بدقة تحالف مافياوي ممتد من الكارتل المصرفي إلى حاكمية مصرف لبنان.. ومن غير الجائز أن يقتصر الخروج من الفضاء العام على باسيل وبعض أمثاله، فمهمة بناء البديل السياسي تفترض مساراً يلقي الحجر على المتسلطين في أي موقع كانوا!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح