في صبيحة اليوم ال1072 و1073 على بدء ثورة الكرامة
فاجعة جديدة ضربت طرابلس والشمال، في مسلسل الموت هرباً، عندما غرق أحد قوارب الهجرة غير الشرعية، في عرض البحر قبالة طرطوس. تضاربت المعلومات بشأن عدد الهاربين على متن قارب الموت بين 55 و170 شخصاً، يتوزعون بين جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، ومن بينهم عائلات بكامل أفردها من طرابلس وعكار !
لا معلومات دقيقة سوى ما أوردته جهات رسمية سورية عن إنتشال 34 جثة ونجاة نحو 20، فيما خيّم الحزن على طرابلس والشمال، مع توالي الأخبار عن وجود جثث قذفتها الأمواج باتجاه الشاطيء، فاستعاد الناس ذكرى غرق قارب الموت في نيسان الماضي قرب طرابلس، حيث ما زالت جثث نحو 33 شخصاً ممن كانوا على متنه مفقودة، وقد تعذر إنتشالها بواسطة الغواصة الهندية لأسباب غامضة!
تتكرر مآسي الهاربين من الفقر المدقع ومن خطر المجاعة فيما الجهات الرسمية لا تحرك ساكناً حيال ما بدا في الفترة الأخيرة شبكات واسعة من المستفيدين من الإتجار بأرواح الناس، ومثل هذه الشبكات ما كان لها أن تعمل بهذه القوة، لولا حصولها على الحمايات السياسية والأمنية!
* بأي حال فإن تحول لبنانيين إلى جزء من شعوب قوارب الموت ليس أولوية لدى التحالف المافياوي..وهم أبناء الفيحاء لم يكن يوماً أولوية لا السلطة ولا أثرياء المدينة المتسلطين، فهموم النجيب، عضو الكارتل المصرفي - السياسي في مكانٍ آخر! إنهم يتصارعون على الحصص والكراسي والكل بينهم يعرف ويدرك جيداً، أن الرئاسة لم تعد رئاسة ولا الحكومة حكومة ولا البرلمان برلمان، فقط تسميات مكّنت شاغليها من جني المكاسب اللاشرعية! واليوم لن يتغير شيء لو جرى إستيلاد حكومة تصريف الأعمال بمراسيم جديدة وحصلت على ثقة البرلمان، ولو تغير بعض وزرائها، فهي حكومة المافيا المتسلطة بصرف النظر عن أسماء قليلة من بين أعضائها!
إنهم يتقنون توظيف أزمات اللبنانيين والبلد، وهي أزمات لها أم وأب، في خدمة تسلطهم ومصالحهم، وعلى الدوام يفعلون غير ما يعلنون: من الموازنة المجزرة بحق كل المواطنين إلى الترسيم البحري، الذي ينتظر إشارة من نصرالله، متى يتم التقدم ومتى نضع البلاد على فوهة مواجهة، واقعياً لا يريدها أحداً في إسرائيل ولا في إيران! فيما الكل شركاء في التنازل عن السيادة والحقوق للعدو الإسرائيلي ويتسابقون إلى الإنجاز لإعلان كل منهم أبوته لهذا الحدث!
* في السياق إنشغلت الأوساط السياسية بالبيان الثلاثي الأميركي الفرنسي والسعودي بشأن الإستحقاق الرئاسي وهو سلّط الأضواء على 3 نقاط هي أولا إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها وهذا موقف تكرره القوى الخارجية الصديقة للشعب اللبناني، وثانياً وهو الأهم وهو مواصفات الرئيس حتى يتمكن من توحيد الشعب اللبناني وقيادة عملية إنتشال البلد، والثالثة التشديد على إحترام الطائف والتزام حقيقي للدستور.. ولوحظ أن السفير السعودي في بيروت وليد البخاري علق على البيان الثلاثي بالقول بأنه رسالة تؤكد أن إتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.
مهم الموقف المبدئي لهذه الدول الصديقة للبنان، لكن وسط التحديات وميزان القوى الراهن، وإستحالة الرهان على إستفاقة ضمير لدى المتسلطين، فإن تمدد الشغور في الرئاسة يقع في خدمة المصلحة العامة. أي رئيس الأن سيكون شكلاً "تسوية" بين الأطراف، وعملياً سيأتي به ويفرضه الممسك بخناق البلد لإستكمال مشروعه الإقتلاعي، عنيت حزب الله لأنه سيكون ألعوبة في خدمة المخطط الخارجي المرسوم.. وهذا الأمر على الأعم يعرفه جيداً نواب الثورة ودورهم حاسم في تأمين النصاب.. ومن كان برنامجهم المعلن السعي إلى بلورة قيام "الكتلة التاريخية" فلا ضرورة إلى الإستعجال على إملاء الفراغ بفراغٍ يعمقه ل6 سنوات.. دعونا نتكاتف لإستعادة صوت الناس وفعلها في الإستحقاق الرئاسي، فميزان القوى عندها سيكون الفيصل!
* بليغ ودقيق ما طرحه نائب بيروت ولبنان إبراهيم منيمنة في إعلان رفضه للقاء النيابي المذهبي الذي سوف ينعقد غداً في دار الفتوى بدعوة من المفتي دريان. لقد حدد بوضوح أن "خلاصنا الأهلي في بيروت والسنة وكل الطوائف هو بالدولة المدنية، هي أمانة أحملها وجاهرت بها في طرحي الإنتخابي وأنا مسؤول أمام ضميري في تطبيقها ونحن تحت المحاسبة".
لقد عبر منيمنة باسم أوسع الأوساط من كل الطوائف من أن الحديث عن غبن الطوائف أوصل إلى معسكرات طائفية "نُهب البلد على أساسها ونتج عنها خطوط حمر على محميات الفساد"! وبعد تحية إلى النواب منيمنة وقعقور وصادق وأسامة سعد فموقفهم تعبير عن المصلحة الوطنية الحقيقية.
* والتحية كل التحية ل نديم شرفان وفرقة "مياس"، رفضهم الوسام الجمهوري بعد رفضهم أن يكون أي رسمي في إستقبالهم لدى عودتهم ، فتوجوا بذلك الإبهار الذي قدموه وأدهش العالم. بوضوح لقد صنعت "مياس" الكثير من الأحلام لكل اللبنانيين، وقالت عروضها على أهم مسارح العالم، أنه يمكن إحداث مفارقة عن الواقع الذي إنبثقت منه ساحرات الرقص واللوحات المشهدية التي حملت بلد الأرز إلى قلوب الدنيا. قالت "مياس" كل المطلوب، لكي يكون النهوض العاصف، الآتي رغم التأخير، والذي يستحيل أن يعوقه هرولة البعض بأوسمتهم لأخذ صورة مع نجوم العالم!
* وبعد البعد، جميلات إيران، حملنا قضية شعب مظلوم مضطهد مكافح إلى قلوب الناس في كل مكان. إنها الثورة في إيران على الظلم وهي لن تخمد، مهما بلغ تعسف الباسيج وإنخراط الحرس الثوري في تنفيذ مقتلة كبيرة لإنقاذ نظام الملالي. تحية تقدير وإعتزاز للإيرانيات الذين يخضنا معركة إنقاذ المرأة في إيران، وفي نفس الوقت معركة إنقاذ شعوبنا في شرق المتوسط خصوصاً والتي تعاني من إنفلات الممانعين الذين إنتهكوا كل القيم وداسوا كل الحقوق.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح