في صبيحة اليوم ال1076 على بدء ثورة الكرامة

 

صورة مركب الموت قرب جزيرة "أرواد " السورية تختصر لبنان اليوم، تم إنتشال 100 جثة ولم يرف جفن مسؤول. إنهم يتعاملون مع اللبنانيين كشعب زائد فأرسلوهم إلى الجحيم، وأمنوا التغطية السياسية والأمنية لعصابات الإتجار بالبشر، التي تشجع بعض الأوساط اليائسة والمعدمة على الهجرة غير الشرعية. الحدث سلّط الضوء على مخاطر كبرى تهدد النسيج اللبناني كما تهدد بتغيير ديموغرافي ينبغي أخذه بعين الإعتبار والسعي بكل السبل لكسر هذه الحلقة.
لكن هم المتسلطين اليوم يكمن في تمرير أخطر ميزانية للبلد، قفز من وضعها فوق الإنهيارات فلم تضمن أي مبادرة إصلاحية تشير إلى نية ما بالعمل لكبح الإنهيارات، كما أنها غير دستورية بغياب قطع الحساب، وهي موازنة تعتمد عدة أسعار لسعر صرف الدولار، فتبدو بين أولويات واضعيها المضي في سياسة تذويب الودائع، وشراء المزيد من الوقت على حساب حياة اللبنانيين ومشاهد "قوارب الموت". فهل تنجح اليوم مرة أخرى الجهود لصدِّ هذه الموازنة وإحباط مخطط تمريرها؟

 

2- ومن اليوم يفترض أن تبدأ الجولة الثانية لتكتل نواب التغيير الذين أطلقوا مبادرة رئاسية للإنقاذ. لكن اللافت أن تحرك النواب ال13 لم يضع في حسابه أن المحطة الرئاسية يمكن ويجب أن تستكمل محطة الإنتخابات النيابية. وإذا كان نواب الثورة قد أعلنوا أن مشروعهم السياسي هو "الكتلة التاريخية" فبناء هذه الكتلة، يتطلب العمل لجعل الإستحقاق الرئاسي أولوية شعبية، ولا يكون بالإقتصار على لقاءات فوقية يعرف النواب ال13 أنها لن تحدث صحوة ضمير عند الأوساط النيابية الشريكة في إذلال اللبنانيين!
لكن الأمر غير المفهوم، حديث بعض نواب التكتل عن سلة أسماء، في حين أن المطلوب طرح إسم واحد للرئاسة يحمل المواصفات التي ركزت عليها الوثيقة، والسعي الجاد لجمع النصف زائد واحد حول الإسم لخوض مواجهة سياسية. أما مجموعة أسماء فمسألة تحمل مخاطر، منها أن يتحول تحرك تكتل نواب التغيير إلى نوعٍ من الوسطاء فيتم إستخدامهم في حلِّ تناقضات وخلافات أطراف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، وما يزيد من عناصر القلق قول بعض النواب أنهم يعملون لجمع 86 نائباً، فبأي قدرة وكيف وهل بات مجلس نواب العار الذي يحمي المدعى عليهم بجناية تفجير مرفأ بيروت، يحتوي كل هؤلاء القديسين الذين أساءت إليهم ثورة تشرين؟!
مقلقة هذه الطروحات لأنه كما يبدو يروج لها بعض المبتعدين كلية عن نبض الشارع، وعن وجع الناس وعن العناوين التي طرحتها الثورة.. وهنا ينبغي لبعض المخلصين من نواب الثورة أن يضعوا بعض الماء في نبيذهم والإبتعاد عن المغالات فإنقاذ لبنان وإنتشاله من الحضيض أكبر وأصعب من رفع شعار من نوع أن الخروج من الأزمة يكون بانتخاب رئيس سيادي إنقاذي إصلاحي، فبأي ميزان قوى يمكن ذلك؟ إنتبهوا الشعار الصحيح يفترض بناء ميزان قوى لوضعه في التطبيق!
إلى نواب الثورة عودوا إلى الناس ، "عودوا إلى الشارع تعودون إلى الوضوح" ولا تكرروا الهفوات التي وقعتم بها في الجولة الأولى!

 

3- كل العيون على إيران، مع توسع الإحتجاجات التي عمت كل المدن، وباتت التحدي الأخطر لنظام الملالي القمعي منذ 40 سنة! اللافت في الإحتجاجات التي أشعلها مقتل الفتاة نهسا أميني على أيدي "شرطة الأخلاق"، تحولها إلى موجة شعبية غير مسبوقة في إستقطابها للشباب، فقوة التظاهرات أنها جمعت الفئات العمرية بين ال16 وال20 – 22 سنة..ورفع المتظاهرون السقف السياسي مطالبين بإسقاط النظام الديني المتحكم برقاب الإيرانيين.
رفع السقف السياسي يؤكد أن هذه الموجة التي بدأتها النساء الإيرانيات شكلت تتويجاً لموجات الإحتجاج التي لم تتوقف في السنوات الأخيرة، وأظهرت تآكل النظام القمعي من الداخل، وإصراره على المكابرة بعدم الإعتراف بأن الوضع الداخلي الإيراني فجر هذا الغضب، فراح أركان النظام يلقون اللوم على الخارج وعلى السفارات، في نزول الأعداد الكبيرة من الإيرانيين إلى الساحات والشوارع يهتفون بسقوط نظام الملالي وسقوط الديكتاتور..في تطور لافت يؤكد إنتهاء زمن تقديس المرشد ورجال الدين الذين باتوا في نظر المتظاهرين رموز فساد وتسلط!
كل العيون على إيران، خصوصاً نساء إيران وشبابها، فهم يخوضون معركة تحرير إيران بوجه قمع الباسيج والحرس الثوري رفضاً لكم الأفواه والفقر والجوع والمرض والعنصرية، فتحولت هذه المعركة إلى عنوان إنقاذ شعوب المنطقة وبالأخص في بلدان شرق المتوسط التي زعزع نظام الملالي إستقرارها ويعيث فيها فساداً.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح