في صبيحة اليوم ال1115 و1116 على بدء ثورة الكرامة

 

في جلسة نيابية شهدت خرقاً فظاً للدستور، واضعة على الرف المهمة الوحيدة أمام البرلمان وهي إنتخاب رئيس جديد، تمّ تثبّيت حكومة تصريف الأعمال لتمارس مهامها زمن الشغور الرئاسي في النطاق الضيق، لكن "إن إقتضت" الظروف قال ميقاتي: سأتشاور مع مكوناتها قبل أي دعوة لعقد إجتماعٍ لمجلس الوزراء!
والواضح أن جنرال الحروب الخاسرة تلقى وفريقه نكسة جديدة في مدلولاتها أن زمن الإبتزاز الباسيلي إلى أفول، مع تأكيد البرلمان على "دستورية التكليف"، لأن غير ذلك كما طالب عون يعني تعديلاً دستورياً، وهكذا يتعزز موقع ميقاتي كرئيس لحكومة تصريف الأعمال ومكلف بتشكيل طويت صفحته!
الجلسة التي شهدت موقفاً متقدماً من نواب الثورة، طعن بشرعية جدول أعمالها متمسكاً بالنص الدستوري الذي  حدد أن لا أولوية على إنتخاب رئيس جديد، وأقرن الموقف بالفعل بالإنسحاب الجماعي، ما إستتبع إنسحاب نواب الكتائب وبعض المستقلين، جال فيها وصال نبيه بري، وانهى بتوجيه رسالة رئاسية مضمونها دعم مرشحه المفضل سليمان فرنجية، الذي من كلام بري يواجه عقدة باسيل التي منعت حتى الآن توافق فريق حزب الله على تبني ترشيحه!
مرتا مرتا والمطلوب واحد، وهو أن يقوم المجلس النيابي بمهتمه الحقيقية، وهي اليوم إنتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حدٍ لهذا الإنسداد، الذي لم يعد يستر ما خلفه من نوايا إجرامية للمضي في تجويف المؤسسات ونهج إقتلاع البلد، ما لم يكن مضموناً أن من سيصل إلى بعبدا يكمل النهج العوني ببقاء الرئاسة مغيبة والدولة مخطوفة. في هذه اللحظة، لا بديل عن التمسك الحقيقي بالدستور وربما مطلوب الإعتصام بالمجلس النيابي حتى تحترم الإستحقاقات الدستورية لكسر أهداف توسل التعطيل القسري.
العالم يلجأ إلى الإنتخابات للخروج من الإنسداد والأزمات، وفي لبنان بعد إجراء الإنتخابات يفرض فريق حزب الله التعطيل كوسيلة لإملاء شروطه! هنا تكمن أهمية تقديم مرشح شبيه بالنسيج العام للبنانيين، يعرف وجع الناس ويحمل آلامهم وكذلك أحلامهم كالدكتور عصام خليفة، كي يكون ترشحه رافعة شعبية تضع البرلمان تحت رغبات الناس وأعينهم وفي خدمة مصالح البلد وليس لتكريس تحاصص طائفي وتجديد نظام المحاصصة  الحزبي والطائفي المولد للفساد وراعيه. والأمر الأكيد أن مثل هذه الخطوة هي ما سيجعل الرئاسة محطة في سياق نهج ثورة تشرين لوضع حدٍ للإختلال القائم بموازين القوى، ما يفتح آفاقٍ للبنان آخر، مع نهاية عهد إذلال الناس وإختطاف الدولة لإرتهان البلد وأقتلاعه!

تزامناً برز اللقاء في وزارة الدفاع الذي جمع قائد الجيش مع كبار الوحدات العسكرية والأفواج بحضور أعضاء المجلس العسكري، حيث لاحظ العماد جوزيف عون أن دخول البلد في شغور رئاسي قد يترافق مع محاولات إستغلال الوضع للمساس بالأمن، مشيراً إلى أن الجيش غير معني بالتجاذبات ولا ينحاز لطرفٍ أو جهة، إنما يعنيه صون الإستقرار والسلم الأهلي، مشدداً "لن نسمح بتحول وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك".

وبعد، لا يكفي الترحم على الزهرة ماغي محمود التي سقطت تحت سقف المدرسة الذي إنهار فوق التلامذة في بعل محسن. ولا مقبول الإكتفاء بالتفجع، وأبدا لا يجوز القبول أنه "القضاء والقدر" كما زعم وزير التربية المستقوي، الذي قدمت تجربته صورة الوزير الممثل لمصالح المستكبرين والمتجبرين. اليوم كما قبل أي أمر آخر، ينبغي التصويب على المسؤول، والإصرار على الحساب ودفع الثمن. دم ماغي محمود تتحمله مافيا الإجرام المتسلطة، ونهج الإجرام المنفلت على الناس، الذي يتلذذ أركانه بالتفرج على المآسي بكل أنواعها، وهم يجلسون على كراسي "النعمة" والنهب، المغروسة في صدور الناس. الملف كبير، ومن وحدهم الوجع في 17 تشرين لن ينسوا ولن يسامحوا والحساب آتٍ والإنتقام مهما تأخر سيتم.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الصحافي والكاتب حنا صالح