في صبيحة اليوم ال1130 ,1131على بدء ثورة الكرامة
تعكس سجالات بعض المسترئيسين وتهافتهم على تقديم الولاء لدويلة حزب الله والسلاح غير الشرعي إنحطاطاً سياسياً لم يعرفه لبنان في أي حقبة من تاريخه! مسترئسون يتسابقون على تقديم فروض الطاعة أمام المتسلط الذي لا يُسأل عن دوره الكبير في أخذ البلد إلى الجحيم. فتتظهر كل يوم أوجه التنكر لمصالح الناس والبلد، ويتأكد أن ما يجمع كل المسترئيسين من "معارضة" و"موالاة" التركيبة التي تسببت بالإفلاس المبرمج والإفقار المتعمد والإرتهان المقيم هو كيفية إعادة تجديد المحاصصة وحجم أطرافها وحصصهم، فالرئاسة بما هي الإستحقاق الأهم المفترض حولوها إلى حالة تحاصص ليس إلاّ!
أما البلد الذي هدرت سيادته وأنتهك دستوره فلم يجد جهة رسمية تتجرأ وتصارح الناس بحقيقة إتفاق الترسيم البحري المخزي أمام العدو. فقد كشف بيان شركة توتال الفرنسية التي ذهبت تستأذن تل أبيب قبل أي خطوة إستكشافية، عن وجود "شراكة" مع إسرائيل على المنطقة الإقتصادية وأن ما أهدره الفريق المتسلط على البلد، وبصم عليه مجلس النواب بأغلبية كبيرة، يفوق كل التقديرات والتصورات المعلنة سابقاً، فالثابت أن لبنان دفع فاتورة إتفاق ما بين تل أبيب ونظام ملالي طهران!
الأكيد لا يدخل إتفاق العار في أولويات المتسلطين، فتظهر التطورات المتعلقة بالدعوات إلى جلسات فولكلورية عنوانها إنتخاب رئيس جديد لطي صفحة الشغور، المنحى المخزي لأداء نيابي يُمثل على اللبنانيين، فتتقدم في كل جلسة مسرحية فقدان النصاب لتكشف الإصرار على تخلي النواب عن مسؤوليتهم، كما الإصرار على القراءة المشوهة للدستور، فتتقدم ملامح سياسية يراد منها تثبيت شطب دور البرلمان وتحول أعضائه إلى مجرد دمى لا دور لهم إلاّ البصم على التسوية، عندما يتم غدر اللبنانين بها! والأكيد أن حزب الله أراد وضع أطراف نظام المحاصصة الطائفي الفاسد أمام الإختيار بين الشغور المديد أو إستنساخ رئيس شبيه ب آميل لحود أو ميشال عون! ومع تقدم أسهم سليمان فرنجية كمرشح لحزب الله يضمن نهج حماية السلاح ومشروع الدويلة، سارع باسيل من باريس، الذي فشل في عقد أي لقاء سياسي يمكن الإشارة إليه، إلى إطلاق حملة تشهير برئيس تيار المردة، وتخيلوا مشهد وضع البلد بعد كل هذه الإنهيارات أمام إختيار واحد من إثنين: باسيل أو فرنجية؟!
بالتوازي وصل ترشيح ميشال معوض إلى حائط مسدود وبالأساس لم يكن أكثر من مناورة تسمح لمن رشحه بجمع الأوراق لإستخدامها في البازار التسووي الآتي، ولعل ما أعلنه النائب ميشال الضاهر وهو مبدئياً من فريق معوض خير دليل عندما قال إثر الجلسة السادسة: نحن نصوت لميشال معوض، ولكن ليس لديه إمكانية للوصول. لذلك مرشحي المفضل قائد الجيش، وإذا لم نستطع التوافق حوله، أنا منفتح لمناقشة خيار سليمان فرنجية"! والأكيد أن الضاهر يعبر عن آراء تتجاوز شخصه!
إنها التسوية آتية بين "معارضة" النظام و"موالاته"، رغم التصدع في جبهة قوى 8 أذار، وستفرض بعد أشهر عندما يتعب الجميع، وعندما تنجح التدخلات و"الضمانات" ببلورة حصص الأطراف! هكذا كانت الأمور وهكذا يريدونها أن تستمر، خصوصاً بعد ثورة تشرين التي أظهرت للملاء حجم عداء المتسلطين للناس وللبلد، وقد تحولوا إلى ما يشبه سلطة إحتلال. وما إتفاق الترسيم إلاّ الدليل خصوصاً عندما أسقط المجلس النيابي مشروع القانون الذي تقدم به نواب الثورة لتثبيت الخط 29 خط الحدود وحماية حقوق اللبنانيين بثروتهم! والسؤال الذي بات ملحاً طرحه أين سيكون مكان نواب التغيير، وهم شهود على التهافت على فتات حصص تسعى كل أطراف نظام الفساد لنيلها من المتحكم بجميع أطراف النظام المولد للفساد! وإلى أين سيقود البعض منهم وهو يواصل الهزل السياسي ؟ لديكم المرشح المثال، د. عصام خليفة الرمز المطلوب لحمل أمانة الدفاع عن الدستور وعن كرامة الناس ومن أجل استعادة الدولة وبسط السيادة، لديكم القدوة التي يستحقها لبنان وأهله، فكفى تضييع البوصلة وإحذروا التحول إلى مطايا تخدم حسابات القوى الطائفية أياً كانت!
بالتزامن، إطلالة لافتة لرئيس مجلس القضاء سهيل عبود في حفل قسم اليمين القانونية للقضاة المتدرجين، عندما أعلن أن السلطة السياسية بمختلف مكوناتها وقفت سداً منيعاً أمام التشكيلات القضائية الكاملة والجزئية مجهضة إياها بذرائع مختلفة، ليس بينها تأمين حسن سير المرفق القضائي، إنما تأمين مصالحها الخاصة ومصالحها فقط..مشددا على المطالبة باستقلالية القضاء وعلى تفعيل عمل المحاكم واستكمال التحقيق العدلي في إنفجار مرفأ بيروت.
وفيما العالم بأسره يقف إجلالاً أمام البطولات التي تسجل في إيران بوجه البطش والقمع، وتعترف معصومة إبتكار مساعدة رئيس جمهورية إيران السابق، أن النظام الإيراني لم يعد متصلاً بالمجتمع الإيراني ويجهل عمق التحولات الإجتماعية والمصالح الحقيقية لشعوب إيران، كان لبنان الرسمي، لبنان حكومة "الثورة المضادة"، حكومة حزب الله، يصوت في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ضد كل المعمورة مؤيداً نظام البطش والإستبداد!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح