في صبيحة اليوم ال1132 و1133 على بدء ثورة الكرامة

كل العالم إستدار إلى المونديال، فالحدث الكروي هو الأكثر شعبية في المعمورة. اللبنانيون لن يخسروا شيئاً فالنجيب الذي لم تمنعه عتمة لبنان وتمدد الجوع على كل خارطة البلد من الذهاب إلى الحدث الكروي، سيعود ويخبر الناس من فاز، وسيبلغ عشاق المستديرة التفاصيل المملة. .خلص بلا نق!
اللبنانيون متروكون لمصيرهم، وكثر في معسكري "معارضة" النظام و"موالاته" كما خارجه، يشغلون الناس بالإستحقاق الرئاسي، وهاجس الهواجس صرف الأنظار عن الوجع المقيم وعن التدابير الإجرامية الموجعة التي تستهدف لقمة اللبناني، وكأن الإنتخاب ضمن الخلل الوطني في موازين القوى الحالية، ينهي الشغور الحقيقي، أو هو سبيل لكبح الإنهيارات أو حتى الحد منها.. تأكيد ذلك لا يعني أبداً التخفيف من وطأة التداعيات المترتبة على الشغور وغياب الإنتظام العام في تداول السلطة كما أداء المؤسسات! لكن الحقيقة التي تصفع الناس تقول أن الشغور الحالي في الرئاسة، بدأ فور إنتهاء الإنتخابات مع منع تشكيل حكومة تعبر عن مزاج الناس ورغباتها، والأمور في البلد بعد إنتقال عون إلى الرابية هي كما قبلها: تيتي تيتي..!

لقد حوّل الحزب الحاكم الإستحقاق إلى منصة تهديد وأقله تهويل، ومنذ أن أطلق نصرالله إشارة السباق الرئاسي، وحدد محمد رعد من يريد الحزب أن يقيم في بعبدا، أتحف الناس يوم أمس الشيخ محمد يزبك وكيل الخامنئي بالإعلان بأن "على الرئيس أن يلتزم معادلة الجيش والشعب والمقاومة"، وإلاّ فإن غياب هذا الإلتزام يكون وفق الشيخ قاووق:" رئيساً متآمراً على المقاومة ويجر البلد إلى الفتنة"! لاحظوا محورية التركيز ععلى هموم الناس وأوجاعها في خطب المتسلطين الذي قضيتهم حماية السلاح الميليشياوي أداة إستمرارية التسلط والسيطرة على الباحثين عن رغيف وحبة دواء!
لا وجع ولا فقراء في لبنان كي تتم الإشارة إليهم، وإلى أماكن تواجدهم، ولا تسرب مدرسياً والجامعة الوطنية عال العال، والبيئة بأمان فالحصار محكم على التلوث ولا خوف بعد اليوم، وحقوق المضمونين يتم الحفاظ عليها برموش العيون كالودائع تماماً، فالحمدالله البلد الذي يقود سلطته حزب الله ومنظومة النيترات سجل رقماً قياسياً بحيث بات كل أهله من الفقراء!  

هذا الوضع هو الذي يستحق أن تفتح عليه الأعين، وتسلط عليه الأضواء، لكشف حجم الجرائم التي ترتكب كل يوم مع الإرتفاع الصاروخي بالأسعار، بحيث عزّ رغيف الفقراء، مع غياب الحماية ودفع الوضع الإجتماعي للناس أكثر فأكثر لتفجر كبير..هو الوضع الذي ينبغي أن يتم الإستحقاق الرئاسي في ظله، وهو ما يمثل أبرز تحديات نواب الثورة مهما تباينت بينكم المواقف والقراءة للتطورات. المفترض أنكم أنتم عين الناس وصوتها بوجه الظلم فلا تتخلوا عن هذا الدور؟ أنتم البوصلة لمحاصرة السلطة، وإن كانت في حال تصريف أعمال، كي لا تتجاهل مسؤوليتها ليكون ذلك المدخل لإستعادة الناس وحثهم على مغادرة مقاعد الإنتظار. الرئاسة تعني اللبنانيين وليس المتسلطين وحدهم والذين أولى أولوياتهم بركات الخارج ومصالحه!
إن جعل قضايا الناس، وهي قضايا وجع البلد الفعلية، عنواناً محورياً في المشهد الإنتخابي، هو تحد كبير من شأنه فضح  سياسات الإنكار وإدارة الظهر التي مارسها الفريق المتسلط، ولم تكن يوماً أولوية معارضيه، بدليل توافقهم الدائم على القوانين التي تحمي مرتكبي الجرائم المالية كما المحتكرين. دعكم من مهازل جلسات الخميس والفلكلور النيابي الذي لا هدف له إلاّ الحط من مكانة رئاسة الجمهورية ومن دور المجلس النيابي، فالبحث الجدي في الرئاسة يتم في غرفٍ مغلقة، وإن فات الأمر المرشح باسم "معارضة" النظام ميشال معوض التي تقول هذه المعارضة أنه مرشحها حتى الآن(...)! وحدها قضايا الناس يمكن عبرها كسر الإنكار والتجاهل وإدارة الظهر للبلد ومعاملة الناس أنهم شعب زائد!

بين الأولويات لا كلها، هناك موضوع تعرفة الكهرباء التي ضاعفت تكلفة الكيلوات27 مرة، والأخطر منها رسم الساعة والعداد الذي بلغ رقماً فلكياً، ويشكل سرقة موصوفة لأنه سيتم جبايته بدون تأمين الكهرباء! كما ينبغي فضح وإسقاط ما يجري في المصارف، تحت رعاية الفاسد الملاحق دولياً رياض سلامة، حيث يتم وضع اليد على "الفريش دولار" وهذا العنصر بالغ الخطورة لأنه سيهدد بوقف كل التحويلات البسيطة من الخارج التي تدرأ المجاعة! وبين الأولويات إستعادة ملف الترسيم البحري فما تكشف أخطر من الخطير وبيان توتال عن الشراكة مع إسرائيل في البلوك رقم 9 قال بوضع الثروة اللبنانية المفترضة تحت الوصاية الإسرائيلية! نعم مطلوب فضح الحكومة وكشف تسلطها، وفضح التلكؤ النيابي وكشف نهج الإنكار النيابي، وإن تعذر النجاح في كل العناوين فإثارتها رافعة لإستنهاض الناس فلا تخلفوا مع الموعد!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكتاب والصحافي حنا صالح