في صبيحة اليوم ال1136 و1137 على بدء ثورة الكرامة.

 

لم يعد مونديال ساحة النجمة يستقطب الإهتمام، بل إن السخرية ترافق الجلسات التي يعاد كل خميس إستنساخها!
دوماً تسجل ملاحظات وعبر، فعندما يغيب 18 نائباً عن جلسة الإستحقاق الرئاسي، وعندما يغادر نواب الثنائي المذهبي فور وضعهم ورقة الإقتراع في الصندوق لكسر النصاب المفروض ( 86 نائباً في كل الدورات)، يتأكد منحى الإمعان في مسخ دور السلطة التشريعية وتهميشها، وفي الحط من موقع رئاسة الجمهورية الذي يعيش شغوراً من بداية التسعينات، بعدما تحول عبر كل من شغله إلى واجهة بروتوكولية لرئاسة يقبض عليها حزب الله!
في المعطيات الجدية يتردد أن الشغور سيطول، لأن حزب الله لم يقرر بعد إملاء الورقة البيضاء بالإسم الذي يريده لشغل منصب الرئاسة، ويقال بوضوح أنه سيأخذ وقته في إعادة إستنساخ تسوية العام 2016، وفي هذا التوقيت تستفيد طهران من الشغور الرئاسي والفراغ الحكومي لتحريك الراكد مع واشنطن، بدليل الإتصالات اليومية التي يجريها عبد اللهيان وزير خارجية إيران مع نظيريه في مسقط والدوحة!

 

أما ما "يخيط" حزب الله فيذهب باتجاهين: الأول السعي اليومي لتحقيق توافق مع حليفيه المسيحيين جبران باسيل وسليمان فرنجية وتثبيت جمعهما تخت الخط الواحد الممانع. ورغم تعقيد المهمة بعد حملات باسيل، يريد حزب الله الخروج من الإستحقاق الرئاسي بأقل الخسائر الممكنة، بعدما ثبّت مبدأ سليمان فرنجية رئيساً أو إلى شغور مديد، وربما تسمح التطورات باستنساخ آخر غير معلوم الآن..إنما ضمن أمر العمليات الذي أعلنه حسن نصرالله!
أما الإتجاه الثاني فيكمن في العمل الجاري لإدخال تعديل جزئي على التركيبة البرلمانية. وهنا ينبغي التوقف ملياً أمام خروج النائب التغييري، رامي فنج، الآدمي الخلوق، بقرار من المجلس الدستوري وبالتالي فوز الأفندي نتيجة قرار الدستوري الذي نجم عن "توسع" هذا "الدستوري" في إعادة الفرز التي طالت صناديق إقتراع لم تكن مشمولة بالطعن المقدم من جانب فيصل كرامي!
ويتردد بقوة أن كل الطعون كانت قد بُتت من أكثر من 10 أيام لكن "التوسع" الذي ذهبوا إليه في "الدستوري" جاء بهذه النتيجة، وقد تستكمل بمثلها في عكار وربما المتن الشمالي.. وأحياناً لا يجوز تجاهل بعض الإيحاءات، لأنه إن كان الشيء بالشيء يذكر فقد توقع نصرالله مباشرة بعد الإنتخابات بأن تعديلاً ما سينجم عن الطعون!

وسط هذه الرؤية لأداء قوى النظام، "معارضته" و"موالاته"، وما يدور من أحاديث بين نواب "مستقلين" منهم ميشال الضاهر، إلى "الإعتدال الوطني"، وكذلك "اللقاء الديموقراطي"، وغيرهم وغيرهم.. عن تقدم إحتمال نقل البدقية من كتفٍ إلى كتف، لمصلحة "التوافق" مع حزب الله.. يضيع "تكتل التغيير" ويبدو كمن فقد البوصلة. صحيح أن خروج رامي فنج خسارة وإن لم تبرز له أي بصمة لافتة في العمل النيابي، وذهب كما آخرين في "تكتل التغيير" إلى خيار رئاسي مغاير لما أراده مئات الوف الناخبين الذي إقترعوا عقابياً ضد كل المنظومة السياسية المتسلطة، بالتصويت للمرشح ميشال معوض..فإن أكثر نواب الثورة في موقع البعد عن مصالح الناس. في صراعٍ على الكراسي والنفوذ بين "معارضة" و"موالاة" النظام، يبحث بعضهم عن موقع، ويغيب عن هذا البعض الأساس، والأنكى تحفة البيان المشترك مع المرشح الرئاسي معوض الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع! والطريف عدم التنبه لتزامنه (البيان المشترك) مع ما صدر عن البنك الدولي، لأن معوض بالذات والأغلبية الساحقة من "مؤيديه" جزء عضوي من الأكثرية النيابية الساحقة التي تسببت بما آل إليه الوضع وتلعب الدور السيء في تحميل وزر المنهبة للناس دفاعاً عن الفاسدين!

 

خطير ما أعلنه البنك الدولي فجر الخميس،قبل ساعات من الجلسة النيابية، من أن الوضع المالي قاتماً! هذا الوضع  كان ينبغي أن يكون مع سائر أوجاع اللبنانيين العنوان الذي يحمله نواب الثورة إلى البرلمان ولا يجوز السماح للمتسلطين بتمرير الإستحقاق الرئاسي بشكل منعزل عن المعاناة التي تسببوا بها للناس والبلد.
لتعميم الفائدة، يوضح البنك الدولي أنه بعد 3 سنوات على الإنهيار الكبير "لا يزال الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية حول كيفية توزيع الخسائر المالية، يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى إتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لإنقاذ البلاد." ويحمل التقرير المنظومة وزر الإنخفاض الحاد في قيمة الليرة( 145% خلال 10 أشهر من عام 2022) وأن التضخم بات 186% ويعتبر لبنان بين أكثر الدول تضرراً من التضخم.. ويصل إلى بيت القصيد فيعلن البنك الدولي "أن منحى تعويم القطاع المالي غير ممكن، لعدم توفر الأموال الكافية، ولأن أصول الدولة لا تساوي سوى جزء بسيط من الخسائر المالية، كما أن الإيرادات المحتملة من النفط والغاز غير مؤكدة وتحتاج إلى سنوات"..
في السياق يلفت الإنتباه التزامن بين بيان البنك الدولي ونشر صورة الفاسد رياض سلامة وسط مخزون الذهب اللبناني، فهل تحضر منظومة النيترات العدة لبيع الذهب وتحاصصه، وهدر أحد آخر الملاذات لمحاولة النهوض عندما يتمكن اللبنانيون من فرض حكومة مستقلة عن نظام الفساد؟

إن الخطر على لبنان واللبنانيين، هو النتيجة للخلل الوطني بميزان القوى، ما منح حزب الله التحكم بكل الأوراق. وساعده في نهج إختطاف الدولة وإقتلاع البلد تلك التسويتات كما التوافقات التي بصمت على شروطه و على كل المسار السياسي العام الذي يقوده حزب الله ..إنها لحظة التحدي أمام نواب الثورة للعب دورهم كعين الناس الموجوعة وصوتها لكشف المخاطر وفضح التآمر لرد كيد أعداء اللبنانيين إلى نحورهم... والتمسك برسالة صدق لا بديل لها: ترشيح عصام خليفة بما يعني من تمسك بقيم هي من حق الناس أن يكون عليها من سيشغل موقع الرئاسة!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدنن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح