في صبيحة اليوم 1148 و1149 على بدء ثورة الكرامة
رحم الله سعيد تقي الدين! كل من تابع جبران باسيل تذكر حتماً تقي الدين الذي نبّه من تلك التي كانت جريئة في الدفاع عن العفاف!
منذ العام 2009، إستأثر الفريق العوني بالحكومات، نال أكثرية المقاعد وتسابق مع الآخرين في تحويلها إلى مزارع للتيار في تعميم غير مسبوق للفساد، وفاق الآخرين في نظام المنهبة! ومنذ العام 2016 أستأثر بقرار الإدارة بعد الوزارة، ورئيس عهد جهنم إعتمد سياسة مصالح التيار الطائفية والفئوية أولاً أو التعطيل! من مرسوم حراس الأحراج إلى التشكيلات القضائية، وفي الأخيرة سجل أخطرإفتئات على الدستور عندما عطّل عنوة السلطة القضائية وشطب إستقلاليتها ما جرّ إلى ما يعيشه لبنان اليوم :بلد يفتقر إلى العدالة!
ما فات باسيل الذي تباكى على الطائف(ممنوع الضحك) والشرعية والدستور( أيضاً ممنوع الضحك)، تجاهل الأساس وهو لولا تبعيته وتياره وعمه "القوي"جداً، لدويلة حزب الله، وبندقيته اللاشرعية لما كان له كل ذلك، وهو إستُخدِمَ من حزب الله طيلة أكثر من عقد ك"برغي" في آلة الحزب لتهديم السلطة وتجويف المؤسسات كي يسهل مهمة الحزب وضع يده على البلد وإقتلاعه وتحويله إلى منصة عدوانية ضد العرب!
قال باسيل إن جلسة مجلس الوزراء"غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية وهي إعدام للدستور وضربة قاتلة للطائف"! حديث تقشعر له الأبدان! يا للهول! لأن الدستور والطائف والميثاقية والشرعية شرّعت لباسيل وأضرابه تغطية السلاح غير الشرعي، وتغطية إستباحة السيادة والحدود، وتغطية إختطاف حزب الله للدولة، والشراكة في هدر السيادة والثروة خدمة لمصالح العدو، وتقدم الصفوف في سياسة الإفلات من العقاب، والإمعان في سياسة مصادرة الحقيقة وحجب العدالة في جريمة تفجير بيروت تنفيذاً لما يريده حزب الله وخدمة لمصالح حزبية فئوية! إلى تعطيل السلطة وتطيير نصاب جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية ليتبين للقاصي والداني أن "حقوق" المسيحيين المزعومة، تقف عند حقوق الزعيم، فيتم تهميش دور البرلمان وتقديم بدع المحاصصة والتسويات بين المافيا المتسلطة على ما عداها، ودوماً على قاعدة ضرب حقوق المواطنين ومصالح البلد عرض الحائط!
على خلفية الصفعة التي وجهها إجتماع مجلس الوزراء للفريق العوني، لوح باسيل لحزب الله بالطلاق لكنه لم يبلغ ذلك، فهوّل باللامركزية الموسعة..وصحيح أنه حمّل مشغلي ميقاتي" تبعة المسؤولية عن إنعقاد جلسة مجلس الوزراء، لكنه كان أعجز من أن يتجرأ على تسمية حزب الله، وهنا لامس لأول مرة المحظور في أدبيات حزب الله فاتهم قيادته بقلة الوفاء والنكث بالوعود، مدينا "الوعد غير الصادق" بمنع إجتماع مجلس الوزراء! والجديد هذه الموازنة: كل واحد عنده سلاح و"نحنا دورنا هو سلاحنا وما حدا بيشلحنا ياه.." وتوجه لحزب الله بالمباشر: "هيدا الشي ما بيمرق تحت أي عذرلا باسم الإستقرار ضمن المكون الشيعي ولا باسم درء الفتنة ولا بحجة مجبورين كرمال الناس"! ولوح بإسقاط "التفاهم" ووصل حد التلويح بالخروج من الورقة البيضاء رئاسياً وتسمية مرشحٍ ما في دلالة على قفل الطريق نهائياً أمام ترشيح سليمان فرنجية!
الصمت على جبهة حزب الله لم يحجب التلميح أنه مفهوم كل هذا السعار مع إنهيار حلم التوريث العوني لجبران باسيل، لكن "الصمت" كسره تعميم مفاده أن "من حق العونيين التنفيس عن غضبهم"، وكل ما اورده بالسيل "يبقى تحت سقف التعبئة الذي تعود حزب الله عليه"..إلى القول وفق "الأخبار" أنه آن الأوان "لباسيل أن يتخلي عن اللاآت العبثية، لجهة رفضه الحوار حول رئاسة الجمهورية ورفضه السابق تشكيل الحكومة كما رفضه منحها الثقة بعدما تأكد أن له فيها ما لا يقل عن 8 وزراء"(..) وجزمت "الأخبار" أن ما حصل "أكثر من تمايز أقل من إفتراق" يحتاج إلى "نقاش عميق تحت سقف عدم الإنفصال"!
وبعد، لن يتبدل شيء في ملهاة الغد في المجلس النيابي، فجلسة الإنتخاب ستكون نسخة كاريكاتورية عما سبقها..وستتلى بعدها البكائيات على الدستور الذي حولوه إلى شماعة، وعلى الديموقراطية من جانب الذين إبتدعوا قانون إنتخاب مذهب كل عملية تمثيل اللبنانيين! وستتلى آيات التضخيم على الشاشات إياها، إسوة بالتضخيم الهستيري لإنعقاد مجلس الوزراء! وسوف يستمر الهزل وتغييب مصالح الناس وحقوقها، ويستمر التنكر للدستور، والرهان على صفقات وبدع، تعيد ترميم وإنتاج نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، لأن قوى المستقبل، القوى التشرينية، التي لولاها لما تبين لكل الناس حجم فسادهم ولصوصيتهم وإجرامهم، لكنها لم تنجح بعد في بلورة "القطب الشعبي" المرتجى: "الكتلة التاريخية" العابرة للمناطق والطوائف، التي وحدها يعوّل عليها لبلورة بديل سياسي يرسل كل طبقة الفساد والإستبداد ورموز العهد الآفل إلى تقاعد أبدي..خلف القضبان حيث مكانهم، وإلاّ سيستمر هؤلاء "الأبطال" في إفتعال ملهاة تلو أخرى لخداع الناس!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح