في صبيحة اليوم ال1155 على بدء ثورة الكرامة
سواء نجح مشروع الحوار الذي يطرحه نبيه بري الرئيس الأزلي لمجلس النواب وبدأ أم فشل، فإن الإنتخابات الرئاسية ستدخل في سباتاً عميقاً يمتد إلى ما بعد رأس السنة. والذرائع متوفرة من لا حاجة لتعكير صفو الأعياد والمعيدين بالإجراءات التي تتخذ وسط بيروت، إلى حق نواب الأمة (ما شاء الله) أن "يلقطوا نفسهم" بعد أشهرٍ من الإنجازات(..)، والأكيد أن النصاب النيابي سيكون خارج لبنان!
بعيداً عن الأعياد والذرائع، معروف أن الشغور الرئاسي كما الفراغ في السلطة السياسية، قرار إتخذه حزب الله كجهة متسلطة لإملاء شروطه ومطالبه وفرض تابع له يقيم في بعبدا لست سنوات آتية! وما كان يمكن فرض مثل هذا القرار لولا تعليق العمل بالدستور، فلو كان لبنان يحكم وفق مندرجاته، لكان تعذر عليهم إبقاء البلد بدون حكومة والدخول تكراراً في الشغور الرئاسي. لكن مع سياسة التعطيل المبرمجة والشغور التي استهلكت 7 سنوات في آخر 14 سنة يبدو جلياً أن نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي الذي قام على توافقات بين الطوائف الكبرى، يخضع دوماً لمصالح الطرف الأقوى الذي يوزع الحصص على الآخرين، لذلك لم يجد نبيه بري المنفذ الأبرز لمخطط التعطيل أي مواجهة نيابية جدية عندما نصّب نفسه حاكماً منفرداً لمجلس النواب و"دالوز" التفسير الدستوري للنصوص الدستورية الواضحة التي ينبغي تطبيقها لا تفسيرها!
في هذا التوقيت، متوقع عقد لقاء بين نصرالله وعون، بعدما كسر حزب الله باسيل وفضح ترهاته وأرغمه على التراجع، فقدم باسيل فروض الطاعة: "السيد عندي غير كل الناس"! والأكيد أن عون الذي قال للناخبين في كسروان عام 2018 "أنا شامل وشامل أنا" ( المقصود شامل روكز الصهر السابق للجنرال)، سيبلغ نصرالله: أنا جبران وجبران أنا، وسيطالب بدعم ترشيح جبران، وربما سيتحدث عن بعض مآثر صهره وهو الذي يعود إليه مآثرة "تفاهم" مار مخايل، ويعود إليه مآثرة نقل الجنرال شخصياً إلى حارة حريك ، بعدما كان هناك في الكونغرس الأميركي يزعم أن السيادة أولويته!
٢ - بعد 24 ساعة على الحديث الخطير للموفد الأميركي عاموس هوكشتاين والذي ورد فيه أنه لم يحن بعد أوان ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، لم يعلق على الحديث أي مسؤول في السلطة على أي مستوى كان، كما لم ينل حديث هوكشتاين إهتمام أي كتلة نيابية أو تكتل أو تجمع أو حتى نائب فرد!
في الترسيم البحري حدثت خيانة كبرى عندما تم التخلي عن الخط 29 وعن رأس الناقورة والعلامة الرمزية B1، ولأول مرة هناك دولة لم تنطلق من نقطة الحدود البرية لترسيم حدودها البحرية ومنطقة المصالح الإقتصادية الخالصة وفق منطوق قانون البحار، بل تنازلوا عن السيادة والثروة، والتخلي تجاوز حقل كاريش الغني وقبلوا بشراكة مع العدو الإسرائيلي في البلوك رقم 9! ووفق تصريح هوكشتاين يبدو أن ترسيماً برياً في الأفق سينطلق من الترسيم البحري الذي حدد حدود لبنان بين خط هوف والخط 23!
خطير هذا المنحى لأنه يعني أن لبنان أمام مشروع جديد لإستباحة حدوده التاريخية المرسمة منذ العام 1923 بين الإنتداب الفرنسي والبريطاني على لبنان وفلسطين، وهي الحدود التي تم تثبيتها في عصبة الأمم المتحدة عام 1024، وتم إعتمادها في إتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام ال1949!
3- من سنوات تم تقديم إخبارات حول الهدر والسرقة في وزارة الإتصالات، وأثبتت هيئات رقابية رسمية أن السرقة طالت نحو 6 مليار دولار وأنه يجب مساءلة الوزراء نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح.. ونام الموضوع الخطير لأنه يبدو أنه يمس مصالح المتسلطين، ليقدم مؤخراً إلى جلسة عامة للبرلمان للبحث في مسألة السماح بملاحقة الوزراء الثلاثة. طبعاً طارت الجلسة لأنها حددت في زمن تحول المجلس النيابي إلى هيئة إنتخاب لرئيس الجمهورية، ويبدو أن الأمر طرح حتى يطير وتتم لفلفته!
اليوم تجري تحت أعين كل اللبنانيين الذين يطحنهم الفساد والنهب واللصوصية طي ملف خطير آخر هو مغارة النافعة والإتجاه الإفراج قريباً عن غادة سلوم المتمهة الأولى بواحد من أكبر ملفات النهب التي بلغت عشرات المليارات، ولو أخذنا بعين الإعتبار سعر الصرف بين بداية فتح الملف واليوم فالحديث يتناول مليارات الدولارات هي أموال المكلف اللبنانيي تم توزيعها على النافذين في المافيا المتسلطة!
في مغارة النافعة أدت تحقيقات فرع المعلومات كما القاضية الرئيسة نازك الخطيب إلى توقيف أكثر من 60 شخصاً بتهم الرشوة وفي مقدمتهم المديرة غادة سلوم.. وبدأت الضغوط السياسية من الجهات المتضررة لقفل الملف والتغطية على مرنكبي الحرائم على المال العام! تبعاً لذلك أقدم قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور على إبطال محضر التحقيق مع سلوم وهو التحقيق الذي أجرته الرئيسة نازك الخطيب المحامي الإستئنافي الأول في جبل لبنان، ومعها تحقيقات فرع المعلومات التي قضت بتوقيف كل العاملين في النافعة في الأوزاعي وأكثر العاملين في مركز الدكوانة.. وإعتبر منصور أن عدم توقيع كاتب لمحضر التحقيق سبباً للإبطال فيما رأى فيه أكثر من قانوني أن الخطوة مقدمة لإخلاء سبيل غادة سلوم!
يتردد أن منصور إستند إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي ينص على توقيع كاتب يوقع مع القاضي، غير أن منصور لم يلتفت إلى أن النص لا يجيز بطلان المحضر إذا تعذر الإستعانة بكاتب! لقد خالف عمداً المنطق القانوني لمقاربة القضايا. والمعروف أن المطالعة بالأساس والمطالعة بالدفوع محصور توقيعهما بالقاضي فقط، ومعروف أن المطالعة بالأساس هي أهم من محضر الإستجواب. كذلك ورقة الطلب والإدعاء أمام المحاكم يقتصر توقيعها على القاضي، فهل يعقل أن محضر تحقيق أجراه قاض يمكن إبطاله!
ما يجري من عمل مكشوف لتغطية هذا الفصل الجرمي من المنهبة العامة هو اليوم برسم المتسلطين وبرسم كل النواب ..ولن يطول زمن الإفلات من المساءلة والمحاسبة وتدفيع المرتكبين ثمن جرائمهم!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح