في صبيحة اليوم ال1158 على بدء ثورة الكرامة
مجرمون من إعتدوا على "اليونيفيل" في العاقبية! القتلة الذين إستخدموا أسلحة رشاشة وتنكروا على هيئة "أهالي"، ينبغي تسليمهم للقضاء. كل مراوغة ومناورة هي إساءة للبنان وإهانة لأبناء الجنوب قبل أن تكون إساءة لإيرلندا التي لم تقدم للبنان إلاّ الحب، وقدمت للجنوبيين كل أشكال الدعم والإستقرار والأمان!
كل محاولة للتنصل من مسؤولية سقوط "سامر حنا" جديد بترويج الترهات، عن دور "اليونيفيل" وتحركها ميدانياً، على غرار ما ذهب إليه الفيلد مارشال حطيط والشيخ النابلسي المقرب من حزب الله، سيترك تداعيات خطرة، على مجمل الوضع اللبناني، لأنه تسليم خطير أمام مخطط إجرامي يعتبر الجنوب والجنوبيين و"اليونيفيل" مجرد أدوات – رسائل، في نهج إنكار يعمق الهاوية التي أُخذ لبنان إليها!
لا يمكن فصل الجريمة التي أودت بحياة جنديين دوليين( توفي الثاني في المستشفى)، عن معركة الرئاسة بعد الإمعان في إختطاف الدستور وتهشيم رئاسة الجمهورية وتقزيم دور المجلس النيابي! ولا يمكن فصلها عن رغبة حكام طهران، التركيز على الوضع في الجنوب ودور اليونيفيل لحرف الأنظار عن القمع الدموي في إيران، كما رغبة نظام الملالي، في ممارسة الإبتزاز الدامي ضد الأوروبيين الذين يناقشون حزمة عقوبات ضد إجرام حكام إيران!
2- تزامنت جريمة العاقبية مع تصاعد التمنيات الرئاسية عن أدوار خارجية، تغطي الرداءة السياسية العامة التي تروج الأحاديث عن أبعاد رئاسية لزيارة ماكرون لقطر، وزيارته المرتقبة والتقليدية ل"ليونيفيل" لمناسبة الميلاد..وتلفت إلى زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى قطر! كل ذلك تزامن مع الهزل الدائر على مسرح ساحة النجمة، الذي أسدل الستارة أمس عن عرض مكرر ممل، ليستأنف عروضه المملة الشهر المقبل في أخطر ممارسة- إهانة، تضرب عرض الحائط وجع اللبنانيين ومصالح لبنان!
3- من جريمة العاقبية إلى الجرائم بحق كل اللبنانيين التي تمارس على مسرح ساحة النجمة، التي تبدأ بقوانين تغطي الإجرام ضد الناس إلى التغول في التعطيل وفرض شغور رئاسي وفراغ في السلطة، يعود إلى خللٍ وطني في ميزان القوى ما أتاح لحزب الله الذهاب بعيداً في نهج فرض إملاآته نتيجة هذا الخلل.
والأكيد أن مضاعفات التعطيل المبرمج لا تنتهي بإنتخاب رئيس! كل الأطراف تعرف هذه الحقيقة. كلهم يعرفون أيضاً أن الوضع اللبناني ليس على الرادار العالمي، لم يكن مطروحاً على قمة بايدن – ماكرون، وليس أولوية في الإتصالات الفرنسية ولا الإقليمية! كل ما يدور حول لبنان تكرار ممل يبدأ بالمطالبة بانتخاب رئيس، لأنه ينبغي أن يكون هناك رئيس، وتشكيل حكومة لأنه أمر بديهي، وإجراء إصلاحات تعهدوا بها ليس إلاّ، وتراجعوا عنها لأنها تمس بمصالحهم الضيقة! ومصالحهم المباشرة هي كل شيء! إلى الكف عن جعل لبنان مصدر أذى للمحيط العربي والخليجي على وجه التحديد.
ولقد آن الأوان للخروج من تعميم الأكاذيب التي يتم عبرها ممارسة خداع الناس والذات، والتي تقول أن العالم( كل العالم) يخاف إنهيار الأوضاع اللبنانية وتأثيرها خارج حدوده! البلد في قلب الإنهيار وحكامه نجحوا بإرسال شعبه إلى الجحيم فكفى أكاذيب. القوى العالمية التي تبدي الأسف لما آل إليه الوضع ولا تتمناه تسجل موقفاً مبدئياً، في حين أن كل أطراف نظام المحاصصة الغنائمي يتحملون مسؤولية تغطية إختطاف حزب الله للدولة، ويتحملون كامل المسؤولية عن إيغال حزب الله في نهج التعطيل، الذي يتوسله لـتأبيد الهيمنة على بلد تم إضعافه وتفكيكه ليخدم أجندة التوسع الإيراني ليس إلاّ!
بالجملة يستثمرون في الشغور الرئاسي، لأنه المدخل لتحاصص جديد يعيد فرز وتوزيع المناصب، وآخر همهم تحول لبنان إلى مقبرة للقيم وأحلام أكثرية الناس..ولأن الصورة واضحة ومتعذر الإستمرار في التزييف، هناك طريق واحد بديل لقلب المشهد وفرض محاسبة ومساءلة الناهبين الذين يستثمرون بوجع اللبنانيين هو إنهاء الخلل الوطني في ميزان القوى، وكل ما دون ذلك تمنيات "لا تغني ولا تسمن عن جوع"!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكتاب والصحافي حنا صالح