في صبيحة اليوم ال 1176 على بدء ثورة الكرامة
دعوا التنجيم والتبصير فلا شيء مخفياً في اللوحة السياسية العامة.
إلاّ إذا كان بعض أصحاب النوايا الطيبة يصدقون أن طبقة سياسية من اللصوص والمرتكبين، ممن غطوا إختطاف الدولة وإرتهان البلد، ونفذوا أكبر مشروع "بونزي"، لا هم لهم اليوم إلاّ إطلاق مسيرة إنقاذ لبنان، وتتم مناشدة الطبقة السياسية إيّاها إيجاد رئيس "مخلص"!
الواقع يقول أن البلد يعيش على الصدقات وتحويلات المغتربين، ومستوى الفقر يتسع، وتزداد نسب العائلات التي تنام جائعة و"بردانة" كما ترتفع معدلات الجريمة، وسيهاجر المزيد من اللبنانيين، ولاسيما الشباب والكفاءات! وللدقة وفق الأرقام الرسمية يهاجر كل يوم 116 شخصاً، وبمعدل 3500 شخص في الشهر ومعدل سنوي بلغ عام 42 ألفاً عام 2022!
رموز الحرب ميليشياته، وميليشيات المال، لا تعرف إلاّ الإستثمار في الحرب الطائفية لتكديس المزيد من الثروات. وهم عند كل منعطف ينفخون في رماد الإنقسامات والصراعات المذهبية والطائفية لتعبئة أتباعهم، ولا أحد يلتفت إلى بدء فقدان لبنان أبرز ميزاته التفاضلية: التعليم مع الهريان الذي أصاب المدرسة الرسمية والإزدهار الذي تعيشه مدرسة الزعيم ومدارس "الجهاد"..ويضربون بالعدالة عرض الحائط، يكبلون القضاء الرافعة الأساسية للعدالة وحماية الحقوق واستعادة المنهوب وحماية الحريات وحق الإختلاف، ويعطلون التحقيق العدلي في التفجير الهيولي الذي دمر المرفأ وثلث بيروت وأحدث إبادة جماعية!
إتركوا جانباً ما يروج عن إهتمام الكبار بالإنهيار اللبناني، ما حدن مشغول باله بلبنان في زمن تسببت به الحرب على أوكرانيا، والعالم لم يخرج من جائحة كورونا، بتحول مليارات البشر إلى معوزين، وإنشغال المعمورة بعناوين – أزمات: الوقود، القمح والسماد، والتضخم الذي يجتاح إقتصادات العالم! وفي لبنان يضرب التحلل المتبقي من مؤسسات الدولة فيما يجتاح العوز أربع جهات لبنان!
2- وبعد، سيشهد هذا الشهر حدثاً نوعياً، إنه بدء تحقيق القضاء الأوروبي مع رياض سلامة بتهم غسل الأموال والإثراء غير المشروع ونهب المال العام وغيرها من التهم ما سيكون له تداعيات كبيرة، أياً كانت العقبات وإفتعال الإشكالات التي ستلجأ إليها المافيا المتسلطة، لتطويق مهمة البعثات القضائية الأوروبية التي ستزور بيروت بدءاً من يوم التاسع من الجاري، وستحقق كذلك مع مدراء في مصرف لبنان والعديد من أعضاء الكارتل المصرفي الناهب.
التوجس أصاب الطبقة السياسية التي لم تتخذ إجراءً واحداً منذ 17 تشرين 2019 لحماية حقوق الناس وصيانة مصالح البلد بفرملة الإنهيار. بل بددت ما يزيد عن 25 مليار دولار من ودائع للمواطنين تم هدرها لملء جيوب السياسيين المحظيين، ومراكمة ثروات الناهبين كارتلات المصارف والدواء والحروقات والغذاء إلخ..، وتعزيز الإقتصاد الموازي للدويلة، وتأمين التمويل لميليشيا حزب الله وقيادات ميليشيات النظام السوري! وتشير حصيلة بدع النهب التي إبتكرها رياض سلامة عبر "صيرفة" إلى هدر نحو 10 مليار دولار خلال العام 2022 ، مليار منها من المال العام ونحو 9 مليارات من الودائع التي تم تذويبها!
من حق منظومة النيترات أن تقلق وتتوجس، ويتقدم المتوجسين الثنائي المذهبي، الذي يرفع شعار رفض الوصاية الأوروبية على القضاء! ممنوع الضحك! وهم يروجون الأخبار حول مستوى متدنٍ من التعاون مع القضاء الأوروبي، وفاتهم أن لبنان موقع رسمياً على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تفرض على القضاء اللبناني تعاوناً غير مشروط، خصوصاً وأن المعاهدة الدولية تسمو على القوانين المحلية، وما تحمله البعثات القضائية الأوروبية متعلق بجرائم مالية وقعت في البلدان الأوروبية لذا لا مجال للتذاكي أو التشاطر!
قد يكون لبنان عشية فتح الصندوق الأسود للفساد والنهب وكل الجرائم المرتكبة على المال العام والخاص .. لذلك الحذر ضروري وواجب والضغط مطلوب للذهاب في التحقيق الدولي إلى أبعد والأمل معقود على نهضة قضائية تكمل ما يقوم به القضاء الأوروبي، حتى يكون متاحاً، وهنا مربط الفرس، أن تتمدد التحقيقات لقضايا أخرى أبرزها تفجير المرفأ وبيروت!
حبذا لو أن نواب "تكتل التغيير"، أو بعضهم، يضعون دعم تحقيقات القضاء الدولي في رأس إهتماماتهم، في زمن تم تقييد القضاء اللبناني لجهة كف يده عن إستقبال دعاوى المواطنين الذين فقدوا جني العمر!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح