في صبيحة اليوم ال1178 على بدء ثورة الكرامة
مشهد الشغور والفراغ والإنهيارت وترك اللبنانيين إلى مصيرهم هو ما يُراد أن يتم التطبيع معه! فاسد البنك المركزي، المدعوم من نظام المحاصصة الطائفي الزبائني، أقدم في 5 جلسات تداول على ضخ 900 مليون دولار عبر منصة صيرفة! أموال اللبنانيين المنهوبين المسحوقين تذهب إلى المضاربين على الليرة، الميليشيات المسلحة والحزبية، كارتلات الإحتكار وبعض التجار والكثير من البنكرجية!
فاسد البنك المركزي، وقد إستنفرت "منظومة النيترات" لتطويق التحقيق الأوروبي معه، يحول بدعة منصة "صيرفة" إلى أداة للإثراء غير المشروع، على حساب أكثر من مليون مودع وعموم المجتمع، ولا وازعاً لإجرامه ولا رادعاً لتماديه في تنفيذ سياسات أوصلت اللبنانيين إلى الجحيم..والغائب، أولئك الذين إقترع لهم الناس لتمثيلهم والدفاع عن البلد، سواء كانوا في الموالاة، التكتلات التي يقودها حزب الله، أو في معارضة النظام ممن أطلقوا على أنفسهم تسميات "السيادة" و"الإستقلالية". إلى "تكتل التغيير" الذين إستطابوا الغربة عن هموم البلد ووجع الناس، وتنكر أكثرهم للتصويت العقابي التشريني الذي أوصلهم إلى المجلس النيابي!
يزداد الإنهيار، ويتراجع التماسك، وكل شيء مرتبط بسعر صرف الدولار، الذي عبر تلاعب المافيا بكل شؤون البلد الذي إرتهنته للخارج الممانع ونماذج الإنهيار والفساد التي تسبب بها، تمعن في سياسات السطو على المال العام وعلى ودائع الناس وتمنع محاسبة اللصوص، والنموذج الصارخ الحماية التي يتمتع بها رياض سلامة صاحب صندوق الأسرار الأسود!
تخيلوا، العتمة تعم لبنان وأطراف نظام المحاصصة يتبادلون التهم عن المسؤول عنها؟ المعامل تتوقف عن تأمين ساعة وأقل لبعض المناطق، وآخر همهم تأمينها للناس؟ ما ذنب البلد ليتم إغراقه في تفاهات بيانات المكاتب الإعلامية التي تتطاير بين البنكرجي نجيب ميقاتي، وعون ووزراء العتمة باسيل وندى البستاني ووليد فياض، في المسؤولية عن خطف آخر نفس للبنانيين والتسبب حتى بقطع الأوكسيجين عن غرف العناية الفائقة؟ لكن مهلاً، إنهم ينفذون سوية مخطط تطويق الناس بشلل كامل في الخدمات الحيوية! غياب الكهرباء هو العنوان الإجرامي الأبرز الذي تسبب بشللٍ كل القطاعات، وإستنزف طاقات الناس وإمكاناتها، فقط لنتخيل أن المواطن يوصل الليل بالنهار من أجل تأمين تكلفة إشتراك المولد؟ إن هذا المنحى يصب في خدمة مخطط الإضعاف والتيئيس لتأبيد المشروع السياسي البديل، إستتباع البلد لمشروع الملالي!
عندما إستطابوا الحكم من خارج الدستور وغطوا إختطاف الدولة، صفروا دور المجلس النيابي فبات مخطوف القرار، أشبه بجثة، جرى حصر دورها بالبصم على توافقات تتم بين أطراف المافيا خارج أسواره! لذلك إنتخاب الرئيس مشكلة وتسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة كذلك مشكلة..أمّا ما ترك فعلياً للبرلمان وهو المعني بالعمق بالحلول وفصل الخيط الأبيض عن الأسود في "خطط" الحكومات فهو المهزلة! نعم المهزلة لأن حجر الرحى في كل السياسات حماية المافيا "وتدفيع المسروقين ثمن ما سرقه اللصوص" وفق التوصيف البليغ ل رفيق خوري!
اليوم تحدثت "النهار" عن "فراغات حكومية وإدارية تلحق الفراغ الرئاسي" وأوردت ما هو حاصل لجهة عدم القدرة على ملء شغور مناصب عسكرية وأمنية كبرى إلى إدارية إلخ.. وأشارت إلى التردي الكبير في قدرة حكومة تصريف الأعمال على القيام بدورها ولو بالحد الأدنى. وواضح أن منحى التحكم بالبلد عبر البدع هو الذي سيستمر، لأن كل ما يجري من إفتئات على الدستور وإستنسابية في تنفيذ القوانين، جزءٌ من نهج متكامل، إستند إلى الخلل الوطني في ميزان القوى، وإلى عقود من السياسات التي لم تضع يوماً في الحسبان لا حقوق الناس ولا مصالح البلد! والدليل الأبرز أن كل النقاشات بشأن الرئاسة تدور حول الرئيس الذي يضمن "ظهر المقاومة" أو يعبر عن حجم وازن لمصالح هذا الفريق أو ذاك، ويغيب تفصيل بسيط: حقوق البلد وأهله وتحرير رئاسة الجمهورية من الإرتهان!
التحدي هو هو، بناء البديل، القطب الشعبي الذي يمثل الناس، الذي بوسعه بلورة بديل كامل عن الطبقة السياسية التي نهبت وأفسدت وقتلت وارتهنت البلد لسلاح غير شرعي عندما غطت إختطاف الدولة. الفباء المواجهة بناء هذا البديل بإطلاق تنظيم سياسي، وتنظيمات، تعكس في تركيبتها وبنيانها النسيج الذي عبّرت عنه ثورة تشرين، وكل تأخير يزيد من حجم المصاعب والعراقيل، ويفاقم متاعب الناس المحبطة، التي قالت يوم الإنتخابات أنها على الموعد، وإن لمست اليوم قيام أدوات كفاحية توحي بالثقة، ستكون مرة أخرى على الموعد لبناء "الكتلة التاريخية" للتغيير!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح