في صبيحة اليوم ال1180 على بدء ثورة الكرامة
بين 27 كانون الأول والخامس من كانون الثاني زاد حجم التداول على منصة صيرفة عن مليار و200 مليون دولار أميركي!
الدولار ما رجع إلى ال38 ألف ليرة ولم يصمد على سعر ال42 ألفاً إلاّ أيام قليلة، ولامس بالأمس وقبله ال44 ألفاً وفي الأيام الآتية سيعاود الإرتفاع، ليتأكد أن "صيرفة" تجليطة لا دور لها ولا قدرة على ضبط سعر الصرف، وليتأكد القاصي والداني أن كل هذه الأموال ذهبت إلى المحظيين:
ميليشيات الداخل وخارج الحدود، منظومة النيترات وأحزابها الطائفية، كارتلات الإحتكار، وشلة المضاربين البنكرجية ..وفاقمت عمليات الإثراء غير المشروع، وكل ذلك على حساب المودعين أولاً ومن ثم المجتمع!
إن ما يجري خطوات تستكمل الإبادة المالية المنظمة التي تقف خلفها مافيا إجرامية متسلطة ويقود رياض سلامة عملية تنفيذها! إنها فصل جديد من المنهبة التي طالت ودائع نحو مليون ونصف المليون إنسان، ممنوع عليهم مقاضاة الناهبين لأن القضاء مستتبع.. وتسببت هذه السياسة التي لم تتوقف لحظة رغم إنفجار الإنهيارات التي أدت إلى ثورة "17 تشرين"، فيستنبط سلامة سلسلة من التعاميم التي أفقرت أكثر من 80% من اللبنانيين وأدت إلى أن تفقد الليرة نحو 96% من قيمتها!
ما يجري جريمة تستهدف لبنان، جريمة ضد الإنسان فيه، وإصرار على المضي فيها وعلى سياسة حماية الناهبين القتلة. فقبل أيام على وصول البعثات القضائية الأوروربية للتحقيق مع سلامة ومدراء في مصرف لبنان وآخرين في الكارتل المصرفي، تشتد المناورات لحماية المتهمين بالسرقة الموصوفة وبعمليات الإثراء غير المشروع وتبيض الأموال وهي جرائم ثابتة أمام القضاء الأوروبي وارتكبت على الأراضي الأوروبية. وكل يوم تتقدم المعطيات عن الخفة بالتعاطي مع البعثة الدولية حيث تشتد الضغوط السياسية الآيلة إلى حماية فاسد المركزي لإبقاء الصندوق الأسود الذي يكشف الكثير من أسرار المنهبة وأبطالها طي الكتمان!
الأمر الأكيد أنه سواء "سمح" غسان عويدات ومن معه بالتعاون القضائي مع البعثات الأوروبية أم لا، فإن شيئاً لن يتغير لجهة قرب صدور القرارات الإتهامية في باريس وبرلين وسواهما.. ولن تتمكن منظومة النيترات من تجميد التحقيقات الأوروبية، على غرار ما فعلته في تجميد التحقيق فس جريمة العصر: تفجير المرفأ وترميد ثلث العاصمة وما أدى إلى إبادة جماعية، وهو الأمر الذي مضى عليه أكثر من سنة تم خلالها منع طارق البيطار من إصدار القرار الإتهامي!
القرارات الإتهامية قريبة جداً، وربما أعقبها مذكرات إحضار دولية في قضايا الإختلاس وغسل الأموال والتهرب الضريبي. إنها مسألة وقت ليس إلاّ، وهي مسألة محورية بالغة الأهمية في مسار تأمين العدالة للشعب اللبناني، كان المفروض أن تحاط بالحماية والدعم من جانب القوى الحية في المجتمع التي تتفرج على ما يرشح من ألاعيب من جانب المتسلطين، يقابلها هزل نيابي وتجاهل وتعمية والأمر غير مفاجيء، فهذا هو الدور المناط بالمجلس النيابي الذي لم يكن يوماً في صف الناس وفي صف الدفاع عن مصاح البلد وحقوق مواطنيه! والفجيعة أن نواب "تكتل التغيير" بأكثريتهم تكيفوا مع هذا الوضع وأولوية بعضهم تتركز على خيارات رئاسية مجافية لرغبات ناخبيهم، متنكرة للتصويت العقابي االذي أوصلهم إلى البرلمان، فراحوا يتذاكون ويروجون لخيارات رئاسية من نوع: زياد بارود، صلاح حنينن، العماد جوزيف عون، ميشال معوض..ولا ننسى سليم إده وكذلك ناصيف حتي!
حتى يعود نواب التغيير من غربتهم، بدأت نقاشات المجلس النيابي تتكشف عن أمرٍ بالغ الخطورة لجهة إستكمال عملية السطو بوضع اليد على أصول الدولة..وهذا بالضبط ما تحدث عنه الياس بوصعب إثر جلسة اللجان النيابية الأخيرة والتي لا هم لها إلاّ قوننة الجرائم المالية! إنهم ينهبون الودائع ويعملون لحرف الأنظار عن المسؤولية عن المنهبة، وكما روجوا أن ما سيلي الترسيم هبوط مظلي للثروات والإنقاذ، فتنازلوا عن السيادة والثروة أمام العدو، يركزون اليوم على أصول الدولة، وتبرعت وسائل إعلامية بالترويج لأفكار من نوع أن قيمة هذه الأصول نحو 100 وحتى 200 مليار دولار، وإستعانوا بفاسد أخر ملاحق دولياً بتهم الفساد أمام القضاء الياباني والقضاء الفرنسي في حملة الترويج هذه!
بالمناسبة، أشهر طويلة مرت ولم تتأمن الأموال اللازمة لرفع موجودات ملوثة في صوامع المرفأ تهدد بتلوث كبير، وكل المطلوب نحو 65 ألف دولار، لم توفرها حكومة "الثورة المضادة" التي تبسط الغطاء على فساد سلامة وصندوق أسراره الذي يطالهم واحداً واحداً! الملوثون سياسياً وأخلاقياً عندهم أولوياتهم!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكتاب والصحافي حنا صالح